تنبئ التصورات التي يحملها مشروع مراجعة الدستور والتي أعلن عنها يوم السبت رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة بحياة سياسية أكثر تفتحا تحميها آليات دستورية غير مسبوقة. وتشمل الإشارات التي جاء بها رئيس الجمهورية في رسالته بمناسبة الذكرى ال61 لاندلاع ثورة أول نوفمبر إعادة الإعتبار لمهمة المراقبة منها آلية (مستقلة لمراقبة الانتخابات) ودور أكثر فعالية للمعارضة البرلمانية وتوسيع مجالات الحرية وضمانات للممارسة الديمقراطية. تخص آليات التسيير الديمقراطي (تعميق الفصل بين السلطات والتكامل فيما بينها) و(تفعيل المؤسسات الدستورية للمراقبة) وكذا (ضمانات من أجل تعزيز احترام حقوق المواطنين وحرياتهم واستقلال العدالة). في أرض الواقع من المنتظر أن تتمخض عن هذه الإجراءات قدرات أكبر للمراقبة على مختلف مستويات ممارسة السلطة كما أنها ترمي إلى منح أدوات جديدة للمعارضة البرلمانية بحيث ستسمح لها بالمساهمة بشكل أفضل في تعميق التعدد السياسي وتقديم اقتراحات بديلة مع (حكم وحيد صاحب سيادة وهو الشعب). وحسب أحكام المشروع التي تطرق إليها رئيس الدولة سيتم تزويد المعارضة البرلمانية (بوسائل تسمح لها بالإضطلاع بدور أكثر فعالية بما فيها إخطار المجلس الدستوري) وهي صلاحية كانت مخولة حصرا في الدستور (المادة 166) لرئيس الجمهورية ورئيس المجلس الشعبي الوطني ورئيس مجلس الأمة. ويتجلى الطموح المؤكد في (تقوية الحريات) و(تعزيز الديمقراطية) من خلال وضع (آلية مستقلة لمراقبة الانتخابات). ومن المنتظر أن تطبع هذه الآلية المسار الانتخابي بالشفافية والمساواة والنزاهة كما ستعمل على وضع حد للشكوك المتكررة حول الغش التي تعتري كل استشارة انتخابية. كما التزم رئيس الجمهورية بإدراج أدوات جديدة لترقية الحكامة وتشجيع السياسات الرامية إلى تحسين المرفق العمومي. وشدد الرئيس بوتفليقة أنه أدرج مسعاه ضمن سياق يشجع (حوارا بين الشركاء الاقتصاديين والاجتماعيين يسمح بالخروج بإجماع كفيل بمرافقة الإصلاحات الإقتصادية الضرورية). كما خصص المشروع مكانة هامة للشباب والنخبة الوطنية المدعوين إلى مشاركة أكثر فعالية في تسيير شؤون البلد لا سيما تطوير اقتصاد متنوع مع التشديد على أهمية تشبيب مسيري المؤسسات العمومية . وأخيرا وللحفاظ على النسيج الاجتماعي من التجاذبات التي قد تهدد اللحمة الوطنية التزم رئيس الجمهورية بتزويد المجتمع بأدوات ترمي إلى تعزيز الوحدة الوطنية حول قيّم روحية وحضارية تستمد قوتها من ثوابت الهوية المتمثلة في الأمازيغية والعروبة والإسلام.