حسب ما تشير إليه التحضيرات الجارية *** شخصيات وطنية وأجنبية تعدّد مآثر الرّاحل * تعيش بلدية آيت يحيى بدائرة عين الحمّام (60 كيلومترا جنوب-شرق ولاية تيزي وزو) منذ يوم الأربعاء الماضي تحضيرات مكّثفة لترتيب جنازة الرّاحل حسين آيت أحمد الذي وافته المنية في سويسرا عن عمر 89 سنة. وتشير التحضيرات الجارية هناك إلى أن (الدالحو) رحمه اللّه سيحظى بجنازة (شعبية ووطنية) مثلما تمنّاها. لم يدّخر أبناء قرية آيت يحيى الذين تأثّروا بوفاة المجاهد وأحد قادة ثورة أول نوفمبر 1954 أيّ جهد في آداء واجبهم لتقديم للدا حسين جنازة تليق بمكانته وهي جنازة ينتظر أن تكون شعبية كبيرة بحضور رسمي قوي من داخل وخارج الوطن وسط توقّعات بأن تشهد مشاركة مئات الآلاف من المشيّعين. وتحوّلت هذه المنطقة الواقعة على مرتفعات جرجرة إلى خلية نحل حقيقية حيث وفي جوّ من الحزن بدأت لجنة قرية آث أحمد والمجلس الشعبي البلدي لها القيام في أشغال نظافة وصيانة الطرق المؤدّية إلى القرية التي وصلها الزوّار الذين جاءوا من عدّة ولايات لتقديم تعازيهم لعائلة وأصدقاء المرحوم عضو مؤسّس لجبهة القوى الاشتراكية. وعرفت الأشغال وتيرة متزايدة بعد مشاركة الولاية في تحضيراتها حيث شرعت المديرية المحلّية للأشغال العمومية في أشغال توسعة الطريق المؤدّي إلى قرية آث أحمد. ويعمل مواطنون منتخبون محلّيون إدارة ومناضلو جبهة القوى الاشتراكية معا لاستقبال جثمان حسين آيت أحمد في كرامة وتقديم ظروف استقبال حسنة للزوّار. وأكّد عدد من الشباب المجنّد من طرف لجنة قرية آث أحمد لهذه التحضيرات: (يجب علينا تهيئة كلّ الظروف اللاّزمة من أجل التمكّن من تسيير العدد الكبير من النّاس الذين سيرافقون يوم الجمعة دا الحسين إلى مثواه وستكون مناسبة كذلك لتكريمه). وقال هؤلاء وكذا رئيس المجلس الشعبي البلدي ل آيت يحيى بن واعمر جيلالي إنه نظرا لضيق القرية والإقبال الكبير المنتظر من الزوّار المقدّر عددهم بعدّة آلاف تقرّر منع السيّارات من الدخول يوم الدفن. وسيتمّ عرض جثمان حسين آيت أحمد في ملعب يقع عند مدخل القرية من أجل السماح للجماهير بالترحّم عليه. ووجّهت لجنة القرية نداء إلى المتوجّهين نحو آيت يحيى يوم الجمعة المقبل بعدم الدخول إلى آث أحمد بسيّاراتهم حيث سيتمّ توفير حافلات توضع تحت تصرّفهم لضمان نقلهم على مسافة كيلومترين تقريبا. وتشارك الولاية في هذه التحضيرات بتجنيد المديريات المعنية مباشرة وستتكفّل كذلك بضمان الأمن اليوم الموعود. من جهتها تقوم فديرالية ولاية تيزي وزو لجبهة القوى الاشتراكية بالتحضيرات اللاّزمة لتشييع الجنازة بعقد لقاءات مع مناضلي ومنتخبي الأحزاب. وكلّف رؤساء المجالس الشعبية البلدية بتجنيد وسائل النقل التي ستوضع تحت تصرّف كلّ الذين يريدون حضور مراسيم الدفن. وأكّد السكرتير الفديرالي الأول فريد بوعزيز أن الانطلاق نحو آيت يحيى سيكون انطلاقا من كلّ البلديات ال 67 للولاية بغرض تقديم ل آيت أحمد (جنازة وطنية وشعبية كما كانت أمنيته). مستشار الرئيس بوتفليقة: (آيت أحمد كرّس حياته لخدمة الجزائر) أبرزت العديد من الشخصيات السياسية المكانة المرموقة لزعيم جبهة القوى الاشتراكية حسين آيت أحمد مذكّرين بمشواره الثوري البارز ودوره في الثورة التحريرية وانفتاح الجزائر المستقلّة. في هذا الصدد أكّد محمد علي بوغازي مستشار رئيس الجمهورية: (إنه لظرف أليم فقداننا لهذا الرجل العظيم الذي كرّس حياته لخدمة الوطن والاستقلال). وأكّد السيّد بوغازي للصحافة بعد أن قدّم التعازي لمسؤولي جبهة القوى الاشتراكية في مقرّ الحزب: (ندرك اليوم حجم التوافق بشأن هذه الشخصية الكبيرة وهو ما يؤكّد أن الجزائر ترقى بالرّجال الذين يبعثون فيها القوة سواء تعلّق الأمر بالأحياء أو أولئك الذين رحلوا عنّا). وذكر السيّد بوغازي أن الرّاحل (عمل من أجل الجزائر وسيظلّ يخدمها حتى وإن رحل). من جهته أكّد القائد السابق لحركة النهضة فاتح ربيعي أن (آيت أحمد ليس خسارة لحزب سياسي أو لمجموعة أو لعائلة فحسب بل خسارة للجزائر برمّتها وهو رمز من رموز الحركة الوطنية وحرب التحرير المظفرة فقد ترك سجلا حافلا بالنضال السياسي يعد فخرا لجيل ما بعد الاستقلال). وقال السيّد ربيعي إن (جيل ما بعد الاستقلال يدرك حجم هذا الرجل وتضحياته) معربا عن أمله في أن (يستفيد الجيل الحالي من نضال هذه الشخصية الفذّة). بدوره اعتبر كريم طابو المناضل السابق في جبهة القوى الاشتراكية أن فقدان حسين آيت أحمد (يعدّ خسارة كبيرة للجزائر) و(ظرفا أليما) مضيفا أن الرّاحل كان رجل (أفكار سياسية ومبادئ). أمّا عمّار لونيس عضو فديرالية جبهة التحرير بفرنسا فأكّد أن آيت أحمد كان أحد (أعمدة) الثورة التحريرية و(قامة) في تاريخ الجزائر. وذكر السيّد لونيس أن آيت أحمد بدأ النضال في سنّ السادسة عشر في صفوف حزب الشعب الجزائري إلى غاية ثورة أول نوفمبر فضلا عن نضاله من أجل القيم الديمقراطية والعدالة. وأضاف نفس المتحدّث أن آيت أحمد كان أول (دبلوماسي) في تاريخ الجزائر بعد تمثيله الجزائر في مؤتمر باندونغ 1955 (إندونيسيا) داعيا الشباب الجزائري إلى (الاستلهام من تعاليم هذه الشخصية). شخصيات أجنبية ترثي آيت أحمد كتب عالم الاجتماع والفيلسوف الفرنسي إيدغار موران على صفحته في شبكة (تويتر) أن آيت أحمد (يعدّ أحد مؤسّسي اللّجنة الثورية للوحدة والعمل وشخصية جزائرية كبيرة ونبيلة عرف كيف يحافظ على مبادئه الثورية والديمقراطية). أمّا الرئيس السابق لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوّات الشعبية الأسبق السيّد عبد الرحمن اليوسفي فقد قدِم إلى الجزائر لتقديم التعازي إثر وفاة حسين آيت أحمد. وقال هذا الزعيم السابق في هذه التشكيله السياسية بالمغرب: (عرفت آيت أحمد حينما كان قائدا في الحركة الوطنية الجزائرية فمنذ الوهلة الأولى أدركت أن الثورة الجزائرية تملك قائدا كبيرا) وأضاف: (نشأت علاقة متينة بيننا لهذا قرّرت أن آتي اليوم) مضيفا أن (آيت أحمد كان قائد شمال إفريقيا وأحد أكبر المدافعين عن اتحاد المغرب العربي). من جهته أشاد الأمين الأول للحزب الاشتراكي الفرنسي جون كريستين كامباديليس بهذا (المناضل الاشتراكي الذي كان من أكبر مسؤولي جبهة التحرير الوطني ومن المدافعين عن التعدّدية الديمقراطية في بلده) وأوضح أن (آيت أحمد ينتمي إلى جيل مؤسّسي الجزائر المستقلّة وكان مخلصا ومتمسّكا بتطوير الديمقراطية والوئام المدني ومثّل تيّارا هامّا للاشتراكية الديمقراطية في المغرب العربي). أمّا الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين نائف حواتمة فذكّر بخصال (صديق تاريخي) للشعب الفلسطيني كان مدافعا عن حقّ تقرير مصير الشعب الفلسطيني وإقامة دولة مستقلّة عاصمتها القدس. من جهته اعتبر الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي أنه (بوفاة المناضل حسين آيت أحمد تفقد الجزائر والأمّة العربية وأحرار العالم أحد أهمّ الزعماء التاريخيين الذين فجّروا ثورة التحرير الجزائرية ثورة المليون ونصف المليون شهيد التي وضعت نهاية للاستعمار الاستيطاني في الجزائر وشكّلت نبراسا لحركات التحرّر في العالم الثالث). بدوره اعتبر محمد لمين أحمد المستشار الخاصّ للرئيس الصحراوي محمد عبد العزيز أن (رحيل هذه الشخصية ليس خسارة للأمّة الجزائرية فحسب بل للأمّة الصحراوية والمغاربية عامّة). وقدّم السيّد محمد لمين تعازيه باسم الحكومة الصحراوية مشيرا إلى أن (حسين آيت أحمد كان بحجم رجال الثورة الجزائرية وكان مدافعا عن قضايا الشعوب المقهورة والشعب الصحراوي الجار وإن رحيله ليحزننا). الرئيس الصحراوي: (آيت أحمد ترك بصمته في تاريخ الجزائر) بعث رئيس الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية محمد عبد العزيز برقية إلى رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة يعزّيه فيها في وفاة المجاهد حسين آيت أحمد الذي فقدت الجزائر برحيله (أحد رجالاتها الذين تركوا بصمتهم في تاريخ البلاد وكفاحها). وكتب الرئيس الصحراوي في برقيته: (ببالغ الحزن والأسى تلقّينا نبأ وفاة المجاهد حسين آيت أحمد والرئيس السابق لجبهة القوى الاشتراكية وأحد قيادات ثورة نوفمبر المجيدة). وأكّد السيّد عبد العزيز أنه و(برحيل هذا المجاهد فقدت الجزائر أحد رجالاتها الذين تركوا بصمتهم في تاريخ البلاد وكفاحها واستقلالها وسطّروا صفحات خالدة من البذل والتضحية والعطاء خدمة لقضاياها ورفعتها وساهموا في تجربتها المتميّزة في إرساء السلم والمصالحة والإصلاح والديمقراطية). وأردف الرئيس الصحراوي مخاطبا الرئيس بوتفليقة: (باسم شعب وحكومة الجمهورية العربية الصحراوية وباسمي الخاصّ أتقدّم إليكم بأحرّ التعازي وأصدق المواساة ومن خلالكم إلى أعضاء الأسرة الثورية وعائلة الفقيد والشعب الجزائري الشقيق عامّة). وكان حسين آيت أحمد الشخصية السياسية البارزة ومؤسّس جبهة القوى الاشتراكية قد توفّي يوم الأربعاء الماضي في مدينة لوزان السويسرية. وسينقل جثمان الفقيد يوم الخميس إلى الجزائر حيث سيتمّ تنظيم وقفة تأبينية في مقرّ الحزب ليوارى الثرى يوم الجمعة في مسقط رأسه بعين الحمّام (تيزي وزو).