العديد من التظاهرات شهدتها الجزائر يوم أمس، وفي الأيام السابقة، بمناسبة مرور 65 سنة على مجاز الثامن ماي 1945 التي ارتكبها النظام الاستعماري الفرنسي بكل خسة ونذالة وبرودة دم في حق الجزائريين، والتي تعد بحق شهادة ميلاد الثورة التي انتهت بتحرير شعب يرفض أن يُذل ويُقهر، مثلما يرفض أن يُستعبد ويُستعمر. وردد منظمو العديد من التظاهرات المنظمة بهذه المناسبة الأليمة شعار تذكير أجيال الاستقلال بمجازر ومذابح الاستعمار، وبطبيعة الحال فإن الهدف من ذلك ليس زرع كراهية فرنسا في نفوس الجزائريين، بقدر ما هو زرع الإحساس بثمن الاستقلال، وتعريف شباب اليوم بما قاساه آباؤهم وأجدادهم من أجل أن تعيش الجزائر حرة ويعيش الجزائريون مرفوعي الرأس. وباستثناء بعض التظاهرات »الراقصة« التي باتت تنظم في بعض المناسبات التاريخية التي استشهد فيها آلاف الجزائريين، فإن التظاهرات المنظمة في ذكرى المجازر الاستعمارية رسالة تواصل واتصال بين الأجيال في الجزائر، ولكنها ليست الطريقة الوحيدة التي يتعرف بها الشباب على العقلية الاستعمارية والفكر الاستدماري للنظام الفرنسي، فحتى النظام الفرنسي نفسه يتولى مهمة تعريف أجيال اليوم بقسوة وخسة الفكر الاستعماري الذي يبدو أنه مازال سائدا في سرايا الحكم الفرنسي حتى اليوم، إذ تثبت كثير من قرارات وسلوكيات النظام الفرنسي أن العقلية لم تتبدل، وأن الذي تبدل فقط هو اسم الحاكم، فمن نابوليون بونابرت إلى شارال ديغول، ومن فرانسوا ميتيران إلى نيكولا ساركوزي، مازالت فرنسا تنظر إلى الجزائر نظرة استعلاء واستعداء، وتود لو أن بيدها القدرة على إعادة عجلة الزمن إلى الوراء، إلى ما قبل سنة 1962، ولحسن الحظ أن الزمن لا يعود إلى الوراء، وفرنسا تعرف ذلك جيدا، مثلما كانت تعرف حين غدرت بالشهيد العربي بن مهيدي أن الجزائر مليئة بأمثال العربي بن مهيدي، ولذلك كان الاستقلال حتمية، ولكن عقلية فرنسا لم تتبدل.. ولا يبدو أنها ستتبدل!.