يعتبر موروثا شعبيا للسكان طبق الحمامة .. الأكلة المفضلة للبليدين في الربيع تعرف الجزائر تنوعا كبيرا في عاداتها وتقاليدها التي تختلف من منطقة لأخرى وكلما تنوعت عادات المنطقة تتنوع معها أكلاتها الشعبية وتزخر ولاية البليدة كغيرها من ولايات الوطن بموروثها التقليدي المحلي المشهور بطبق الحمامة. م. عتيقة/ ق. م يعد طبق (الحمامة) من أشهر أطباق فصل الربيع والأكلة المفضلة لدى العائلات البليدية التي لا يزال العديد منها متمسكا بعاداته وتقاليده إلى يومنا هذا ومع حلول فصل الربيع ينتشر العديد من باعة الأعشاب عبر الكثير من الأزقة الأحياء الشعبية لولاية البليدة الذين يعرضون مختلف الأعشاب التي تحضر بها طبق (الحمامة) بثمن بسيط حيث لا تتعدى الحزمة الواحدة 20 دج. والجدير بالذكر أن طبق (الحمامة) هو عبارة عن طبق من الكسكسي بني اللون نتيجة تحضيره بالأعشاب التي تنمو بأعالي الجبال ومن أهم الأعشاب التي تكونه الحلحال أوراق التوت الكرز جوز الرعيان الضرو الزيتون لويزة مريوث الزعفران الزعتر الحلبة العرعار والعلايق وهي كلها أعشاب طبيعية تقوم النسوة بشرائها لإعداد الطبق بها خصوصا أنها صحية تقي من العديد من الأمراض خاصة الرشح والحساسية آلام المفاصل ضغط الدم والسكري. ويعد هذا الطبق بمثابة تطعيم سنوي لسكان متيجة من مختلف الأمراض.. ولا تزال الكثير من العائلات بالمنطقة تحافظ على عاداتها وتقاليدها وتحضر هذا الطبق حيث تجمع هذه الأعشاب أو تشترى محضرة على شكل ربطة أو حزمة من السوق ثم تنقى وتغسل جيدا ويتم تجفيف بعضها حسب الرغبة وتفتل مع الكسكسي الذي يأخذ اللون البني الغامق ثم يطبخ على البخار أو (يفور) كما تعد نبتة شجرة (مريم) و (بونافع) من أهم الأعشاب التي توضع في ماء القدر الذي يفور فوقه الكسكسي وعند طهيه يدهن بزيت الزيتون ويزين بالسكر الناعم ويرفق باللبن أو الرايب. وبما أن أراضي هذه ولاية البليدة خصبة ومعروفة بجودة خضرها وفواكهها لا يزال سكان كل من الشريعة وحمام ملوان الدويرات باب الدزاير يعتمدون بشكل كبير على الأغذية البيولوجية. كما كانت تستعمل هذه الأعشاب التي يصنع منها طبق الحمامة لتتبخر بها المرأة (النافس) داخل الحمام بغرض معالجتها من مختلف الأمراض وطرد السموم وتخفيف آلامها بعد الولادة حيث كانت طريقة علاج جد فعالة لتنتقل بعد ذلك استعمالات هذه الأعشاب الطبية إلى الأكل واستغلالها في تحضير طبق الكسكسي. والجدير بالذكر أن (الحمامة) يعد من بين أهم المأكولات التي تصاحب فصل الربيع كما أنه يشكل مناسبة من بين المناسبات الأخرى التي يحضر لها كشهر رمضان وباقي المواسم الدينية الأخرى فطريقة خروج النسوة القاطنات بالمناطق الجبلية للبحث عن هذه الأعشاب في وسط تسوده الفرحة والمحبة يجعل تحضير (الحمامة) بمثابة تظاهرة ثقافية هامة بالنسبة للبليديين احتفاء منهم بدخول فصل الربيع. كما أن البليديات يرددن الأغاني والمقولات الشعبية ويرددن الكثير من الأشعار الشعبية وهن مجتمعات على جفنة تحضير (الحمامة) . كما أن (الحمامة) من بين الأطباء التقليدية الخاصة التي يعرف بها سكان مدينة البليدة على غرار طبق (القسول) و(البركوكس) و(حلوى المقروط) و(التشاراك المسكر). كما أنه كان من بين أهم الأطباق التي يكثر عليها الطلب في هذه الفترة من السنة من سكان العاصمة الذين كانوا يقدمون خصيصا إلى البليدة لشرائها والتمتع بمذاقها المر الحلو. ولكن ولأسف فأن(طبق الحمامة) أصبح مهددا بالاندثار والزوال خاصة أن بنات اليوم يجدن في عملية تحضيره تضييعا للوقت وإهدارا له. كما أن البعض تنبؤوا بزوال هذا الطبق من على مائدة العائلات البليدية مع رحيل كبار السن الذين لا يزالون وحدهم متعلقين ومتشبثين بالعادات والتقاليد التي توارثوها أبا عن جد.