** هل الحلف على قطع صلة الرحم حلال أم حرام؟ بمعنى هل يجوز أن يحلف الشخص ألا يصل أخته مثلا، وإذا فعل فما الواجب عليه؟ * يجيب حامد العطار عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين بالقول: لا يجوز الحلف على قطع صلة الرحم، بل إن مجرد قطع صلة الرحم من دون يمين حرام، وعلى من حلف على قطع رحمه أن يحنث في يمينه ويكفِّر عنها ويصل رحمه، فمن حلف على يمين ثم رأى غيرها خيرا منها فليحنث في يمينه. وكيفية التكفير هو أن يطعم الرجل عشرة مساكين، لكل مسكين وجبتان مشبِعتان من غالب طعام هذا الرجل، ولا بأس بإعطاء المساكين قيمة هذه الوجبات موكلاً إياهم بشراء الطعام لنفسهم خروجاً من خلاف الجمهور الذين يمنعون القيمة. ولا يُشترط إطعامُهم جميعا في وقت واحد، فيمكنه أن يطعم كل فترة مسكينا، أو يقوم بكسوة عشرة مساكين، للرجل ثوب، وللمرأة ثوب وخمار، فإن كان فقيرا لا يجد ذلك كفاه أن يصوم ثلاثة أيام متتابعات أو متفرقات، والأفضل تتابعها. يقول الجصاص في أحكام القرآن: الأيمان تعقد على قربة أو مباح أو معصية، فهذه ثلاثة أقسام: القسم الأول: أن يعقدها على قربة وحكمها أنها لا تصير واجبة باليمين، ولكنه يؤمر بالوفاء به فإن لم يف به وحنث لزمته الكفارة، وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لعبد الله بن عمرو: "بلغني أنك قلت والله لأصومن الدهر؟ فقال: نعم، قال: فلا تفعل ولكن صم من كل شهر ثلاثة أيام" فقال: إني أطيق أكثر من ذلك... إلى أن رده إلى أن يصوم يوما ويفطر يوما، فلم يُلزمه صوم الدهر باليمين؛ فدل ذلك على أن اليمين لا يلزم بها المحلوف عليه؛ ولذلك قال الأحناف فيمن قال: "والله لأصومن غدا" ثم لم يصمه، فلا قضاء عليه وعليه كفارة يمين. القسم الثاني: هو أن يحلف على مباح أن يفعله فلا يلزمه فعله كما لا يلزمه فعل القربة المحلوف عليها، فإن شاء فعل المحلوف عليه وإن شاء ترك، فإن حنث لزمته الكفارة. القسم الثالث: أن يحلف على معصية، فلا يجوز له أن يفعلها بل عليه أن يحنث في يمينه ويكفر عنها، لقوله صلى الله عليه وسلم: "من حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها فليأت الذي هو خير وليكفر عن يمينه"، وقال: "إني لا أحلف على يمين فأرى غيرها خيرا منها إلا فعلت الذي هو خير وكفرت عن يميني" وقال الله تعالى: "ولا يأتل أولو الفضل منكم والسعة أن يؤتوا أولي القربى والمساكين والمهاجرين في سبيل الله وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم"، روي أنها نزلت في أبي بكر الصديق حين حلف ألا ينفق على مسطح بن أثاثة لما كان منه من الخوض في أمر عائشة رضي الله عنها فأمره الله تعالى بالرجوع إلى الإنفاق عليه. وقال النووي: قوله صلى الله عليه وسلم: (إني والله إن شاء الله لا أحلف على يمين ثم أرى خيراً منها إلا كفرت عن يميني وأتيت الذي هو خير) وفي الحديث الآخر: (من حلف على يمين فرأى غيرها خيراً منها فليأت الذي هو خير وليكفر عن يمينه) وفي رواية: (إذا حلف أحدكم على اليمين فرأى خيرا منها فليكفرها وليأت الذي هو خير)، في هذه الأحاديث: دلالة على أن من حلف على فعل شيء أو تركه، وكان الحنث خيراً من التمادي على اليمين، استحب له الحنث، وتلزمه الكفارة وهذا متفق عليه. والله أعلم.