تجدد الاشتباكات والاقتتال ينذر بكارثة كبرى الحرب الأهلية تحاصر جنوب السودان اندلع قتال عنيف مرة أخرى في جوبا عاصمة جنوب السودان بعد أيام من المعارك التي خلفت أكثر من 250 قتيل معرضاً اتفاق السلام المتعثر أصلاً للمخاطر ومهدداً بانزلاق البلاد مجدداً إلى حرب أهلية شاملة برغم إعلان الجانبين المتصارعين عن وقف النار. ق. د/وكالات قالت شانتال بيرسود المتحدثة باسم بعثة الأممالمتحدة في جنوب السودان إن نيران الأسلحة الصغيرة والمدفعية الثقيلة انطلقت من منطقة شمال شرق مجمع الأممالمتحدة وتواصلت بشكل مستمر تقريباً مما يشير إلى أن القوات الحكومية قد اتخذت المتمردين السابقين لنائب الرئيس ريك مشار الذين كانوا يخيمون جنوب غرب القاعدة التابعة للأمم المتحدة هدفا لها. لكن حتى مع وجود ألوف المدنيين وطواقم الأممالمتحدة في مرمى النيران يبدو أن قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة لم ترد على النيران. وقد أعربت بعثة الأممالمتحدة عن غضبها من استئناف أعمال العنف محذرة من أن القتال ينوء بثقله على السكان المدنيين في العاصمة. وما يقرب من ألفي شخص لجأوا إلى منشأة الأممالمتحدة في تومبينغ قرب المطار وألفين آخرين احتموا داخل مجمع برنامج الغذاء العالمي وفقا لعامل إغاثة في تومبينغ طلب عدم الكشف عن هويته. وكان استئناف القتال بمثابة إشارة إلى تصعيد العنف. وقد كتب المتحدث باسم مشار غاتدت داك على موقعه في فيسبوك يقول: تقوم قوات سيلفا كير بقصف موقع جبل بطائرات الهليكوبتر والمدفعية الثقيلة وباستخدام الدبابات فيما أكد المتحدث باسم الحكومة لول رواي كوانغ أن القتال شمل المدفعية الثقيلة ونيران الأسلحة الصغيرة لكن لا نعرف لماذا ومن بدأ القتال. وقد اندلعت الحرب الأهلية في جنوب السودان في ديسمبر 2013 بعد أقل من ثلاث سنوات على نيل البلاد استقلالها من السودان التي خاضت معها حرباً استمرت عقوداً من أجل الانفصال. وخلال تلك الحرب كان كل من كير ومشار حليفين في بعض الأحيان ومنافسين في أحيان أخرى لكنهما اتحدا في نهاية المطاف وفق عملية سلام دعمتها الولاياتالمتحدة الأميركية جرى بموجبها تثبيت الحزب السياسي المعروف باسم الحركة الشعبية لتحرير السودان في السلطة عام 2011 وأصبح كير رئيساً للبلاد ومشار نائباً للرئيس. لكن الآمال في انتقال سلمي إلى الاستقلال تبددت عندما قام كير بإقالة مشار من منصب نائب الرئيس في جويلية عام 2013 الأمر الذي مهد الطريق لصراع عنيف على السلطة بين الرجلين. واندلعت الحرب بعد خمسة أشهر إثر قيام جنود كير بذبح أشخاص تابعين لجماعة مشار العرقية النوير في جوبا. وفي بداية 2016 فإن أكثر من مليوني سوداني جنوبي كانوا قد نزحوا عن ديارهم وما يصل إلى 100 ألف قتلوا على الرغم من الاختلاف الكبير في التقديرات بشأن الأرقام. وكان القصد من اتفاق السلام الذي تم توقيعه عام 2015 جمع الطرفين معاً في حكومة وحدة لكن الجانبين كانا ينتهكان بنوده بصورة روتينية حتى قبل اندلاع القتال الأخير. فقد انتهكا مراراً على سبيل المثال وقفاً لإطلاق النار وماطلا في اعتماد إصلاحات دستورية رئيسية وربما الأكثر كارثية أنهما فشلا في نزع السلاح من العاصمة. فرار جماعي ولقد دفع القتال المستمر في جنوب السودان إلى فرار المئات إلى أوغندا المجاورة بينما انتقدت واشطن بشدة ما اعتبرته منع السلطات في جوبا المدنيين من مغادرة البلاد بحثاً عن مناطق آمنة. وذكرت مفوضية الأممالمتحدة لشؤون اللاجئين أن أكثر من 1800 لاجئ من جنوب السودان فروا من القتال في العاصمة جوبا وعبروا إلى أوغندا. وقال ناطق باسم الوكالة تشارلز ياكسلي إنه تم منع آلاف آخرين من العبور ولكن الاستعدادات تجرى لإعادة توطينهم. وتابع: نتوقع قدوم الآلاف من الأشخاص في حال رفع القيود عند الحدود. وتستقبل المفوضية لاجئين في مخيماتها المؤقتة عند قرية إليجو الحدودية بمقاطعة أمورو. في غضون ذلك دانت واشنطن تحركات حكومة جنوب السودان لمنع المدنيين من مغادرة البلاد بعد القتال الذي وقع في الآونة الأخيرة وأبدت قلقها من ضرب واعتقال بعض السياسيين. وقالت الناطقة باسم الخارجية الأميركية اليزابيث ترودو إن الوضع في العاصمة جوبا لايزال مائعاً ولكن الولاياتالمتحدة لا تزال تعتقد أن من الممكن أن تجلس الأطراف السياسية المتناحرة منذ فترة طويلة معاً لإعادة النظام. وأضافت ترودو في تصريحات صحافية: نواصل حض زعماء جنوب السودان على وقف القتال كما ندعو كل الأطراف إلى السماح بحرية تنقل المدنيين وتوفير إمكانية الوصول لكل الناس المحتاجين دون عائق. وقالت إن الولاياتالمتحدة أدانت كل تحركات الحكومة لمنع المدنيين من ركوب طائرات لمغادرة جنوب السودان أو مغادرة البلاد بوسائل أخرى. وتابعت: من غير المقبول في ضوء الأوضاع في جوبا منع المدنيين من مغادرة البلاد بحرية). ويأتي موقف وزارة الخارجية الأميركية تزامناً مع إعلان الرئيس الأميركي باراك أوباما إنه سيرسل ما يصل إلى 200 جندي مجهزين بمعدات قتال إلى جنوب السودان لحماية المواطنين الأميركيين وسفارة الولاياتالمتحدة في جوبا.