ضجّة بسبب اقتراح تدريس المواد العلمية باللغة الأجنبية لا لفرنسة التعليم الثانوي.. مختصون وتلاميذ يرفضون المقترح بصفة قطعية * عبد القادر فضيل: المقترح يحمل أبعادا تغريبية * جمال ضو: لا نقبل فرنسة المدرسة الجزائرية تطرقت العديد من المصادر والوسائط إلى جملة من الإصلاحات المزعومة التي من المرتقب أن ستمس التعليم الثانوي بوجه خاص وامتحانات شهادة البكالوريا بوجه أخص بداية من الدخول المدرسي المقبل ولا ندري هل هي إصلاحات أم (إفسادات) ومن جملة هذه الإصلاحات المقترحة تدريس المواد العلمية باللغة الفرنسية بحجة رفع مستوى الطلبة بالجامعة الذين يرسبون في السنة الأولى بسبب عائق اللغة حسب مزعام الجماعة البن غبريطية إلا أن هذا المقترح أثار حفيظة التلاميذ والمختصين في المجال كثيرا وقد كانت حججهم في ذلك كثيرة متفقين على أن فرنسة التعليم الثانوي أمر مرفوض ولا يمكن أن يبرره أي تبرير. عتيقة مغوفل عادة وبعدما ينجح التلميذ في شهادة التعليم المتوسط ويلتحق بالثانوية يحبذ الالتحاق بالشعب العلمية لانها تسمح له في المستقبل وبعد الحصول على شهادة البكالوريا الالتحاق بأحسن التخصصات في الجامعة على غرار الطب الصيدلة والهندسة بمختلف فروعها وغيرها من التخصصات العلمية الأخرى إلا أن المستوى العلمي للتلميذ يعرف في كل سنة تدنيا ملحوظا والسبب في ذلك اعتماد بعض المواد على اللغات الأجنبية في الطور الجامعي وهو ما جعل وزارة التربية الوطنية تقدم مقترحا بتدريس كل المواد العلمية باللغة الفرنسية ومنذ الطور الثانوي من أجل رفع مستوى التلميذ إلا أن هذا المقترح ستكون له عواقب كبيرة ووخيمة على التحصيل الدراسي للتلميذ حسبما أكده الكثير من المختصين ليس هذا فحسب فحتى التلاميذ رفضوا هذه الفكرة جملة وتفصيلا حسبما عبر عنه الكثيرون ل(أخبار اليوم). التلاميذ يرفضون المقترح رفضا قاطعا قمنا بجولة إلى بعض شوارع العاصمة من أجل الالتقاء ببعض التلاميذ المقبلين على اجتياز شهادة البكالوريا سنة 2017 وذلك من أجل معرفة رأيهم في الإصلاحات الجديدة التي تنوي الوزارة الوصية إدخالها على الامتحانات النهائية بغية رفع المستوى إلى العالمية حسبها ومن بين الطلبة الذين قابلناهم الآنسة (روميساء) التي تبلغ من العمر 18 سنة رسبت هذه السنة في امتحان شهادة البكالوريا وهي تنوي إعادة الامتحان العام المقبل والجدير بالذكر أنها تلميذة في شعبة علوم الطبيعة والحياة سألناها عن موضوعنا فأبدت لنا استغرابها من هذه الفكرة وقد اعتبرتها فكرة هدامة ومن شأنها أن تعمل على خفض مستوى التلميذ بدلا من رفعه والسبب في ذلك أن العديد من التلاميذ لا يحبون دراسة مادة الرياضيات لأنها من أصعب المواد المقررة فما بالك لو تم تقرير تدريسها بالفرنسية وحسب الآنسة(روميساء) فإنها قد اضطرت في السنة الماضية إلى اللجوء للدروس الخصوصية حتى تتمكن من استيعاب المادة جيدا للتحضير لشهادة البكالوريا ومع ذلك لم تتحصل على المعدل المطلوب في الامتحان النهائي وقد تحصلت على معدل 9من 20 وإذا ما تقرر تدريسها بالفرنسية فحسبها لن تتمكن من الحصول على شهادة البكالوريا طوال حياتها لأنها غير متمكنة جيدا من اللغات الأجنبية. ولكن على ما يبدو فإن روميساء ليست التلميذة الوحيدة التي ترفض أن تدرس مادة الرياضيات باللغة الفرنسية بل غيرها من التلاميذ كثيرون ومن بينهم رياض الذي يبلغ من العمر17 سنة هذا الأخير سيجتاز امتحانات شهادة البكالوريا تخصص تسيير واقتصاد وهو واحد من الرافضين لفكرة تدريس المواد العلمية باللغة الأجنبية والسبب في ذلك بسيط أنه لا يتقن اللغات الأجنبية وهو يجد مادة الرياضيات من أصعب المواد التي يدرسها في الثانوية وحسبه فإنه يجد صعوبة في حل معادلة باللغة العربية فكيف يتسطيع حلها باللغة الفرنسية؟. فضيل: المقترح يحمل أبعادا تغريبية وعلى غرار التلاميذ فإنه وحتى العارفين بالشأن التربوي في الجزائر يجدون في فكرة تدريس المواد العلمية باللغة الفرنسية بالثانويات أمر غريب ولا يخضع لأي أساس ومنطق ومن بين هؤلاء الدكتور عبد القادر فضيل أستاذ ومستشار سابق بوزارة التربية والذي أكد لنا من خلال الاتصال الهاتفي الذي ربطناه به أن الفكرة غريبة جدا خصوصا وأن وزارة التربية الوطنية قد قامت بتحديد القانون التوجيهي الذي يلزم التدريس باللغة الأم وهي العربية في كل المواد وها هي اليوم تقترح تدريس بعض المواد باللغة الفرنسية وحجتها في ذلك ضعف مستوى الطالب في الجامعة بسبب عدم تمكنه من اللغة الفرنسية وحسب الدكتور عبد القادر فضيل فإن هذه الحجة تفتح الباب للعديد من التساؤلات أهمها معرفة مصير اللغة الفرنسية التي درسها الطالب لمدة 8 سنوات من خلال تدرجه في الأطوار التعليمية الثلاثة وإن كان التلميذ ضعيفا مثلما يشاع له في اللغة الأجنبية فهذا يعني حسب الأستاذ عبد القادر فضيل أن المعلم الذي درس ضعيف المستوى أم أن المنهج المتبع في التعليم غير جيد. بالإضافة إلى ذلك فقد أردف ذات المتحدث أن المهتمين بالشأن التربوي في الجزائر يطالبون بتعريب الطالب الجزائري في الجامعة وليس فرنسته في نفس الوقت تقترح وزارة التربية أفكارا غريبة تنادي بتغريب وفرنسة المدرسة الجزائرية. البروفيسور جمال ضو: المقترح غايته فرنسة المدرسة الجزائرية وعلى غرار الأستاذ عبد القادر فضيل اعتبر الكثير من المتتبعين للشأن التربوي في الجزائر أن فكرة فرنسة المواد العلمية في الطور الثانوي ما هي إلا خلفية من أجل فرنسة المدرسة الجزائرية وهو ما عبَر عنه الأستاذ الجامعي البروفيسور جمال ضو في أحد مقالاته الأخيرة المنشورة في صحيفة الشروق اليومي حيث أكد هذا الأخير أن هذا المشروع هو تطبيق لسياسة اعتمدتها وزيرة التربية وهي محاربة استعمال العربية كلغة تعليم بأي شكل من الأشكال واسترجاع مكانة اللغة الفرنسية بعدما قررت في يوم من الأيام استعمال اللهجة العامية في التدريس بدل الفصحى بحجة واهية وهي أن التلاميذ لا يتكلمون الفصحى في بيوتهم وها هي تؤكد اعتماد الفرنسية كلغة تدريس للمواد العلمية في الطور الثانوي بحجة ضعف مستوى الطلبة في الفرنسية وهو ما يؤثر على التحصيل الدراسي للكثير منهم في الجامعة بحكم قلة المراجع باللغة العربية وتدريس كثير من الجامعات للتخصصات العلمية بالفرنسية. من جهة أخرى وحسب الأستاذ ضو جمال فإن الكثير من الجامعات الجزائرية تدرس الرياضيات والفيزياء والبيولوجيا والكيمياء في السنوات الأولى وأحيانا كثيرة في مرحلة الليسانس كلها بالعربية ولكن النتائج ضعيفة وهذا يعني ان الخلل الأكبر ليس في اللغة المستعملة كما أشار ذات الكاتب أن الكثير من الأساتذة المعرّبين لا يملكون القدرات والكفاءة اللازمة من أجل تدريس المواد العلمية بالفرنسية وهذا ما سينتج عنه عجز كبير ويساهم في خلط الشؤون التربوية أكثر مما هي عليه الآن. تنسيقية العلوم الإسلامية تهدد بشل مشروع الإصلاحات الجدير بالذكر أن التخلي عن مواد الهوية وجعلها موادا ختيارية في امتحانات البكالوريا قد استفز العديد من الأطراف في المجتمع الجزائري من بينهم التنسيقية الوطنية لأساتذة العلوم الإسلامية بالعاصمة التي اجتمعت من أجل البحث عن السبل الناجعة وذلك من أجل منع الموافقة على إصلاحات الجيل الثاني بقطاع التربية في شقه المتعلق بإلغاء اختبار الشريعة من امتحان شهادة البكالوريا ويأتي هذاا الحراك بعد التصريحات الأخيرة لمسؤولين في وزارة التربية والتي أكدوا من خلالها أن مادة العلوم الإسلامية ستكون مادة ثانوية في جميع الشعب أو جعلها مادة اختيارية في الشعب الأدبية وإلغائها تماما في الشعب العلمية وهو ما اعتبره مسؤولو التنسيقية أنها إصلاحات تمس الهوية الوطنية في الصميم وهي أيضا ضد قرارات رئيس الجمهورية الذي أمر بتعميم مادة الشريعة في جميع الشعب وأن تكون ممتحنة في جميع الامتحانات إضافة إلى القانون التوجيهي الصادر في الجريدة الرسمية والذي يؤكد أن المدرسة الجزائرية تكوّن مواطنين بمعالم وطنية وتنشئ جيلا متشبعا بالمبادئ الإسلامية. كما هددت التنسيقية على مراسلة رئيس الجمهورية في حال ما إذا تأكدت هذه الإصلاحات لأنه أحرص على الدفاع عن ثوابت الهوية الوطنية.