الشيخ: قسول جلول مناسبات الأفراح والأعراس في قاعة الحفلات وفي غيرها من الأماكن التي يتجمع فيها الناس باتت تضم صورا تعكس مدى تردي أخلاق الأسر والعائلات؟ فإن كثيرا من هؤلاء يحاول أن يجد المبرر لسوء فعله وانعدام حيائه واستهتاره كقولهم أنا حر فيما أفعل هذا فرح هذا عرس ... وفي هذا المقام لا نتكلم عن الصور المرعبة في التبذير والمظاهر الفاضحة ولا عن صور التكبر والتجبر والإعجاب بالنفس كقول بعضهم (أنا عرسي خيرمنهم) و(أنا ابنتي خير منهم) وأن قاعة الحفلات التي أقمت فيها العرس كبيرة وجميلة وغالية خير منهم وأجرتها بعشرات الملايين وأنا وأنا وأنا وكلمة أنا مأثورة عن الشيطان لعنه الله عندما أمره رب العالمين بالسجود لآدم قال (أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين( وكان آباؤنا وأجدادنا عندما يضطرون للنطق بكلمة أنا يتبعونها مباشرة بقولهم نعوذ بالله من كلمة أنا لا مكان لكلمة شكرا لله لا مكانة لكلمة الحمد لله كأن هذا المكان خال من رقابة الله ويتبعون ذلك بترسانة من السخرية والتنابز بالألقاب والقيل والقال جاعلين بذلك هذه المناسبة مذبحة ومجزرة للخوض في أعراض الناس وكأنها حلبة للصراع ونشر العداوة والبغضاء فكم من رجل طلق زوجته وكم من امرأة خلعت زوجها وكم من شجار وكم عراك ووو البلاوي كثيرة جدا فعندما ينصب العرس تبعث الألسن نيرانها وتخرج القلوب أمراضها وتنبعث رائحة أكل لحوم البشر وهي ميتة ...وتنشط الشياطين بكيدها فارحة بأدائها حتى تتساوى وتتسارع وتتسابق فيما بينها وبين البشر تقول النسوة متباهيات بالأذى ((إن كيدهن عظيم)) متجاوزة أذى الشيطان ((إن كيد الشيطان كان ضعيفا)) وزين لهم الشيطان أعمالهم ((وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُم))ْالآية 48الأنفال... فلا يسلم منها الداخل والخارج فهديتهم مسمومة وابتسامتهم مذمومة وورودهم بأشواكها مألومة وما يتزينون به أقنعة مغشوشة وما تخفي صدورهم أكبر ويتخذون ما أنعم الله به عليهم من نعم وسيلة للمعاصي والآثام ويتعاونون على المنكر أفبنعمة الله يمكرون وبنعمته يعصون؟ وتجد هذه المناسبات التي يفترض أن تكون مجسدة لكل ما من شأنه أن يفرح العروسين وأهل العروسة وإدخال السرور والفرح عليهم بالهدايا والتهاني والكلمات الطيبة ومشاركتهم في أفراحهم بقلوب صافية داعين الله عز وجل لهم دوام الفرح والسعادة والهناء. أيها القارئ الكريم لقد أدبنا ربنا فأحسن تأديبنا في مناحي الحياة كلها في أعراسنا في ولائمنا فقال: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَومٌ مِّن قَوْم عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلا نِسَاء مِّن نِّسَاء عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ وَلا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلا تَنَابَزُوا بِالأَلْقَابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الإِيمَانِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) ونهانا عن الظن السوء فقال: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلا تَجَسَّسُوا وَلا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا أَيُحِبُّ َأحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ) ونصحنا رسولنا الكريم وحذرنا قائلا: (أيما امرئ قال لأخيه كافر فقد باء بها أحدهما إن كان كما قال وإلا رجعت عليه). ففي قاعة الحفلات اللمز مشهور وهو المباشرة بالمكروه فإن كان بحق فهو وقاحة واعتداء وإن كان باطلا فهو وقاحة وكذب. والتنابز في القاعة معلوم: وهو اللقب السوء. الذي يراد به إلحاق النقيصة بالغير في اسمه في شكله في لباسه في طوله في قصره: لايسلم أحد وإذا كانت السخرية واللمز والتنابز في قاعة الاحتفالات معاصي فقد وجبت التوبة منها فمن لم يتب فهو ظالم: لأنه ظلم الناس بالاعتداء عليهم وظلم نفسه بأن رضي لها عقاب الآخرة مع التمكن من الإقلاع عن ذلك فكان ظلمه شديداً فلذلك جيء له بصيغة قصر الظالمين عليهم كأنه لا ظالم غيرهم في التنابز بالألقاب والغيبة والنميمة والغيرة الخ وهذا مما عمت بها البلوى في قاعات الاحتفال بالمناسبات والأعراس مصحوبة بنوع من الفجور في الخصومة والمعايرة لم يسبق لها مثيل في سالف أمتنا وعند آبائنا وأجدادنا وفي جزائرنا فلحق بذلك شتات للأسرة ونشر للعداوة والبغضاء بين الأقارب هي ظاهرة غريبة شيئا ما لكنها حقيقة ينبغي تجرّع مُرّها... فقاعة الاحتفالات تختزل صورا مختلفة عن الواقع المجتمعي الذي نعيش فيه من ضمنها صورة الفرح الذي تظهر به المرأة (العروس) ببياضها ونقائها وصفائها الخارجي فرحة شكلا لا حقيقة تتمثل ذلك الفرح للناظرين ولكن هذا الظاهر وهذا التمثيل يخفي وراءه كلمات حاسد عبارة حاقد... ونقصد بالصورة هنا ذلك البناء الذهني الذي يتم مشاهدته على مستوى ذاتية العروس والعروسة..ورمزية الفرح المصطنع لدفع الظنون والاتهام والخيال الذي يصنع الفرح المزيف في قاعتنا وفي حفلاتنا والعروسين يعيان مايحيط بهما وعيا مباشرا من تهنئة مغشوشة وكلام تمثيلي لا غير ومن خلال الحضور تظهر لك هذه الصورة ... لكن ألا يمكن القول أن المرأة هي ذاتها مسؤولة عن تكريس هذه الصوة السلبية باعتبارها فاعلا أساسيا في مجال هذه الاحتفالات أما أو أختا أو أو...لأن مجال الاحتفالات وما يقام فيها وما يختار لها هن النساء هن من يخططن والرجال أداة تنفيذ وحتى لا ننقص من قيمة المرأة ومكانتها كماهو موجود في الأمثال الشعبية (الخير مرا والشر مرا) (الربح من لمرا والزلط من لمرا) (مرا تعليك ومرا تعريك).