مصادر تؤكد أنها جاءت بأمر من بوتفليقة ** الصرامة الحكومية تستهدف مختلف المؤسسات المشبوهة .. أكدت مصادر متطابقة أن الإجراءات الأخيرة التي قرّرها الوزير الأول عبد المجيد تبون في سياق حرصه على فصل المال عن السياسة وإبعاد رجال الأعمال المشبوهين عن دوائر صناعة القرار لم تأت من فراغ وهي ليست محض اجتهاد شخصي من تبون بقدر ما هي تتويج لتوجه رسمي أقره القاضي الأول في البلاد رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة الذي يكون قد منح ضوءا أخضر للوزير الأول للمضي في مسعاه إلى أبعد مدى.. وإذا كانت بعض الخرجات الأخيرة للوزير الأول قد فاجأت بعض المتتبعين والرأي العام عموما فإنها لم تفاجئ في الواقع العارفين بخبايا وأسرار ما يجري بل إن البعض يعتبر تعيين تبون خليفة للوزير الأول السابق عبد المالك سلال كان مؤشرا على توجه حقيقي نحو ما يجري حاليا من جهد لمكافحة الفساد وفصل السياسة والسلطة عن المال. وتؤكد مصادر عديدة أن النهج الذي ارتأى تبون أن تسير عليه الحكومة إنما هو نهج رسمه الرئيس عبد العزيز بوتفليقة يهدف إلى تطهير الساحة السياسية من كل الشوائب التي من شأنها التأثير على نزاهتها وعلى صناعة القرار بالشكل الذي يضمن مساواة الجميع أمام القانون.. وفي هذا السياق أفاد موقع (كل شيء عن الجزائر) أمس نقلا عن مصادر وصفها بالمطلعة أن القرارات التي اتخذتها الحكومة مؤخرا والتي تستهدف رجال الأعمال الذين تحايلوا على القانون جاءت بأمر من رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة ويقول مقربون من محيط الحكومة أن تلك القرارات لا تخص مجموعة حداد للأشغال العمومية بل ستطال رجال أعمال آخرين. وينقل الموقع نفسه عن المصدر ذاته أن الإجراءات التي تم اتخاذها مؤخرا وخاصة الاعذارات الموجهة لعدد من الشركات لن تكون الأخيرة حيث تعتزم الحكومة توجيه اعذارات أخرى لعدد من رجال الأعمال وأصحاب الشركات بداية من الأسبوع القادم. واللافت للنظر يقول الموقع نفسه أن الحكومة تنوي الذهاب بعيدا في هذه القضية ما يضع أصحاب المؤسسات التي تعجز عن الوفاء بالتزاماتها في ورطة حقيقية في حال لم تتمكن شركته من الاستجابة للاعذارات الموجهة لها حيث تتهدها قرارات أخرى قد تفضي إلى إلغاء عقود انجاز تلك المشاريع الممنوحة لها مع مطالبتها بتعويض المبالغ التي تحصلت عليها كتسبيق لإنجاز تلك المشاريع بالإضافة إلى الغرامات التي ستفرض كعقوبات على التأخير المسجل. ونقل موقع كل شيء عن الجزائر عن مقربين من محيط الرئيس بوتفليقة أن تلك القرارات لا تستهدف جهة بعينها بشكل حصري بل ستطال مختلف المؤسسات المشبوهة وجاءت بعد توصل الحكومة إلى معلومات بشأن الأموال الضخمة المحولة إلى الخارج بطرق غير شرعية خلال السنوات الأخيرة ويؤكد المصدر ذاته بأن تلك الأموال المهربة بلغت مستويات كبيرة عبر تضخيم فواتير الاستيراد أو عن طريق التحايل على الضرائب وتقديم تصريحات كاذبة عن رقم الأعمال والتي تحول إلى اسبانيا لشراء عقارات أو الاستثمار هناك. وقد أعطى الرئيس بوتفليقة يقول المصدر ذاته الضوء الأخضر لوزيره الأول للمضي قدما في تنفيذ تلك الإجراءات وهو ما عكسته تصريحات عبد المجيد تبون لمقربيه حينما قال انه سيذهب إلى النهاية في إشارة إلى القبضة الحديدية التي تفجرت مع عدد من المتعاملين عقب الإعلان عن تلك القرارات خاصة وأن توجيهات الرئيس بهذا الخصوص كانت واضحة ولا تترك أي مجال للشك. وخلص تقرير الموقع المذكور إلى أن الحكومة تؤكد أن تلك الإجراءات لا تعني (الدخول في صراع مع رجال الأعمال) وهو ما شدد عليه الوزير الأول خلال عرضه مخطط الحكومة أمام البرلمان حين قال بأن حكومته لا تريد الدخول في (حرب) مع المستثمرين ورجال الأعمال بل تستهدف المتعاملين الذين نهبوا المال العام وقد حرص الوزير الأول على توجيه إشارات تهدئة لتنظيمات أرباب العمل بما فيها منتدى رؤساء المؤسسات وكل المستثمرين الذين يحترمون القانون. للإشارة فقد نزل إعلان الوزير الأول عبد المجيد تبون عن اعتزامه المضي إلى أبعد مدى في فصل السياسة عن المال بردا وسلاما على كثير من التشكيلات السياسية التي أعلنت دعمها لمسعى تبون الذي يحظى بتزكية رئيس الجمهورية وفق ما جاء في بيان الوزارة الأولى وهو مسعى يعتبره سياسيون أقصر طريق لمحاربة الفساد الذي استشرى في كثير من القطاعات. وجاء في بيان وزعته خلية الإتصال التابعة لديوان الوزارة الأولى حمل عنوان (تذكير): إن تكريس مبدأ الفصل بين السلطة السياسية وسلطة المال مدرج في مخطط عمل الحكومة الذي حظي بتزكية فخامة رئيس الجمهورية في مجلس الوزراء وبمصادقة البرلمان بغرفتيه المجلس الشعبي الوطني ومجلس الأمة بالإجماع وهو رد صريح على تعليق المنظمات الثمانية التي اتهمت تبون بضرب التوافق والإضرار بمحتوى العقد الوطني الإقتصادي والإجتماعي بعد حادثة طرد حداد من احتفالية المدرسة العليا للضمان الإجتماعي قبل أيام. وقد شدد بيان الوزارة الأولى أن (لا شيء يمكن أن يثني إرادة الحكومة التي ستظل ملتزمة بحزم بإنجاز الأهداف المسطرة في مخطط عملها تطبيقا لبرنامج فخامة رئيس الجمهورية المصدر الوحيد للشرعية). واعتبر محللون أن ما ورد في الفقرة الأخيرة من بيان مصالح تبون رسالة من الوزير الأول لخصومه أن تحركه يحظى بموافقة رئيس الجمهورية (المصدر الوحيد للشرعية).