مساهمة: الشيخ أبو إسماعيل خليفة إن المتأمل في الشريعة الإلهية وكيف عالجت المشكلات الزوجية بين المرء وزوجه لَينبهر بدقة التشريع الإسلامي في هذا الشأن فلقد أغلقت جميع المنافذ التي تؤدي للطلاق وتأخيرها وإعطاء أكثر من فرصة للزوجين ليراجعا نفسيهما قبل الإقدام على مثل هذه الخطوة.. ولكن للأسف ..تهاونَ كثير من الناس في أمر الطّلاق وجعلوه أمرًا ميسورًا وإنها لأرقام مفزعة كشف عنها معالي وزير العدل حافظ الأختام يوم الخميس حيث ذكر أنه تمّ تسجيل 68284 حالة طلاق في الجزائر وبعملية حسابية بسيطة تعد ما يزيد على 187 حالة طلاق في اليوم الواحد تقريبا بمعنى ما معدله 8 حالات طلاق في الساعة الواحدة (جريدة أخبار اليوم العدد: 3241 يوم: 06 يناير 2018) وإن بلوغ المجتمعِ هذه الأرقام في حالات الطلاق مخيف ومرعب قد يخلطُ الأوراق لإعادة النظر في حلول مجدية. فهلّأ تساءلنا لماذا كثر الطلاق في أيامنا هذه؟ * نعم كثر الطلاق.. لأن كثيرا من الأسر تعاني افتقارا حادا في الحنان الزوجي نظرا لطبيعة حياتهم التي تعتمد على كثرة المشاغل والبروتوكولات التي أضفت علاقة رسمية آلية بين الزوجين. * نعم كثر الطلاق.. بسبب الذهنيات الخاطئة للزوجين عن الأسرة والزواج بتماديهم في الأحلام المزيفة وتقليدهم للأفلام المدبلجة فيسقطون عند أول مشكل.. * نعم كثر الطلاق... بسبب موضة مواقع التواصل الاجتماعي فتجد الزوج يغازل مئات الفتيات ويكوّن علاقات افتراضية مع النساء وكذلك الأمر بالنسبة للزوجة وهذا ما يتسبب في غالب الأحيان في الخيانات الإلكترونية التي تتطور إلى خيانات واقعية فتحدث بعد ذلك الفضيحة وينشأ الطلاق.. * نعم كثر الطلاق.. لأن المرأة باتت أكثر جرأة باعتقادها أنها قادرة على تسيير حياتها ورعاية أبنائها دون الحاجة إلى رجل فعند أي خلاف زوجي تجد المرأة في كثير من الأحيان هي من تطلب الخلع أو الطلاق دون اعتبار لأي أحد لأن عملها وشهادتها يعتبران بالنسبة إليها بمثابة الأمان.. * نعم كثر الطلاق.. بسبب التعديلات التي مست قانون الأسرة لسنة 2005 فلقد كانت المرأة الجزائرية في وقت سابق لا تلجأ لطلب الخلع التطليق إلا إذا بلغت أقسى مراحل المعاناة وكانت تصبر في أحلك الفترات خوفا من الوقوع في أبغض الحلال أما اليوم فحتى عجوز في عقدها السادس تستجمع قواها وتقرر تطليق زوجها وبأي حجة زينها لها شيطانها.. * نعم كثر الطلاق... لكثرة الحسّاد والوشاة فنكّسوا الطّباع وعكسوا الأوضاع وصيروا أسباب المودة والإلتئام عللا للتباغض والإنقسام.. وكثيرا ما يكون. لأهل الزوجين مواقف ظاهرة بدت سببا مباشرا في كثير من الخلافات فقد يتدخل الأب أو الأم أو الأخ فيحتار الزوج من يقدّم والديه وقد عرفاه وليدا وربياه صغيرا أم زوجته التي هجرت أهلها وفارقت عشّها من أجله؟. . إن هذه لمرتقات صعبة أهونها أصعب الصعاب وأحلاها أمرّ من المرّ . لقد سئل الإمام أحمد رحمة الله عليه عن ذلك قال له رجل: إن أبي يأمرني بطلاق امرأتي؟. قال: لا تطلقها. قال: أليس عمر _ رضي الله عنه أمر ابنه عبد الله أن يطلق امرأته؟ قال: (حتى يكون أبوك مثل عمر رضي الله عنه)!. فمثل مثل هذه التدخلات في الحياة الزوجية لهي مكمن الخطر لدى كثير من الأسر ما بالهم يهجمون على البيوت فيأتونها من ظهورها ويمزقون ستارها؟. إنه لا يغيب عن فهم عاقل إن شرّ هؤلاء مستطير وإن ما يفعلونه فتنة وفساد كبير!. * نعم كثر الطلاق.. لأن معظم الشرور والنكبات التي أصابت الأسر والبلايا التي حلت بها كانت بسبب ضعف التدين لأنه متى كان التدّين بين كل زوج زوجته فمهما اختلفا وتدابرا وتعقدت نفساهما فإن كل عقدة لا تجيء إلا ومعها الحل: (ولن يشادّ الدين أحد إلا غلبه). وهو اليسر والمساهلة والرحمة والمودة.. ** وبعد فأسباب الطلاق في مجتمعنا كثيرة ومتعددة ولكن هذا ما سمحت به هذه المساحة المحدودة هنا وبعضها على الصورة المصاحبة للتنبيه على العلاج والدواء فإن المرض إذا عرف سببه أمكن علاجه بإذن الله. والبعدُ عن هذه الأسباب واجتنابها والتحلي بما يضادها مما يوافق الشرع الخلق الكريم كفيل إن شاء الله باستمرار الحياة الزوجية السعيدة وتجاوز ما يعترض طريقها من العقبات التي لا يكاد يخلو منها عش الزوجية. اللّهم أعنا على أنفسنا حتى نستقيم على أمرك وهب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين وألّف بين كل زوج وزوجته وخذْ بِنواصِينَا إلى ما يُرضيك عنا.