جزء من التراث الجزائري الأصيل بلوزة الزعيم الوهرانية تتربع على عرش الأزياء التقليدية لا تزال بلوزة الزعيم التي تربعت على عرش الخياطة التقليدية والعصرية بوهران في الماضي تحافظ على زعامتها بين الأزياء التقليدية الجزائرية على الرغم من التغيرات التي طرأت على هذا اللباس خلال العقدين الأخيرين حسب المهتمات بالتراث وعالم الموضة. ق.م أطلقت الخياطات القديمات اسم الزعيم على هذا الفستان التراثي الفاخر نظرا لكثرة التطريز التعميرات الذي يستعمل فيه مختلف أنواع الأحجار الكريمة او كما تعرف ب المور والتي قد تصل إلى كلغ للثوب الواحد مما يزيد في ثقل البلوزة ويضفي على الفستان جمالا ويجعل كل من ترتديه أكثر أناقة و زعيمة عصرها على حد تعبير ملحقة بالحفظ بمصلحة الجرد بالمتحف الوطني العمومي أحمد زبانة الذي يزدان جدران قسم الاتنوغرافيا به بنموذج من بلوزة الزعيم التي تعود إلى بداية القرن العشرين. تاريخ البلوزة الوهرانية وقد ظهرت بلوزة الزعيم بوهران مع نهاية القرن التاسع عشر حيث استوحت الوهرانية خياطة هذا الزى المعروف بوهران بتطريزات المناديل التي كانت الإسبانيات المقيمات بوهران إبان الاحتلال الفرنسي تضعها على أكتافهن في المناسبات كما أضافت فاطمة مغربي. وتصنع هذه البلوزة من قماش الفينة (التول) الجذاب و الناعم الذي لا يكاد أن يغيب في معارض الأزياء ويكون دائما حاضرا في دور الأزياء العالمية المتخصصة في صناعة فساتين السهرات والحفلات والاعراس حسبما ذكرته الخياطة حسناء التي لها أكثر من أربعة عقود في خياطة البلوزة الوهرانية مبرزة أن اختيار هذا النوع من القماش يدل على الذوق الرفيع للوهرانيات في اختيار أجود الأقمشة التي كانت تسوق في ذلك الزمن القاسي والصعب . ويستخدم في صناعة هذا الثوب الذي يعد جزءا من التراث الجزائري الأصيل مواد من الأحجار على غرار العديسات و القميحات و السمق وغيرها على مستوى الأكمام والصدر والأطراف (الجلال) وباقي مساحات القماش في أسلوب رائع وجذاب وترسم الوهرانيات بعض الوحدات الزخرفية (الارابيسك) ونقوش في شكل (مقروطات) أو رسومات مستوحاة من المعتقدات الشعبية (الخامسات) أو مستمدة من الطبيعة كالطيور لاسيما (الطاووس) والأزهار لتظهر للعيان كشجرة مورقة ومزهرة. تلك النقوش التي تزيد في القماش رونقا تدل عن مدى الوعي الثقافي والحس الفني لدى خياطات ذلك الزمن الذي كان مستواهن التعليمي بسيط أو منعدما أحيانا ولم تكن تتوفر على مجلات متخصصة في فنون الخياطة وعالم الموضة أو دعائم توفرها وسائل الإعلام و تكنولوجيات الاتصال الحديثة حسبما ذكرته الخياطة ياسمينة صاحبة ورشة لتعليم الخياطة التقليدية. تصاميم تحافظ على الأصالة وأبرزت ذات المتحدثة أن المرأة الوهرانية استطاعت أن تبتكر تصاميم فاخرة للبلوزة الوهرانية وأن تخلق نماذج رائعة بلمسات فنية ظلت مع مرور السنين مفخرة لعدة أجيال تمارس فن الخياطة والجميل في تصميم بلوزة الزعيم التي كانت من الخيارات المفضلة لدى العديد من النساء إلى غاية السبعينيات ومنتصف الثمانينات أن عملية ملء الثوب بالعقيق لم تكن تقتصر على الخياطات فقط وإنما كانت عمل تشاركي تساهم فيه كثير من النسوة وحتى المراهقات والفتيات بغية تعليمهن الصنعة والمحافظة عليها من الزوال و هذا ما يميزها عن باقي التشكيلات الأخرى من البلوزة الوهرانية تقول رئيسة الاتحاد الولائي للنساء الجزائريات السيدة ماحي وتحرص الحرفيات بوهران على عرض بلوزة الزعيم التي تتطلب صبرا طويلا ودقة في رسم النقوش ووضع العقيق في شكل قطعة فنية رائعة تتألق كل امرأة ترتديها في مختلف المناسبات حسبما ذكرته السيدة خديجة ذات العقد الثامن التي لا تزال تحافظ على الثوب الذي صممته بمعية الجيران والذي يزيد عمره عن أكثر من 50 سنة وارتدته أكثر من 100 عروسة. وتعيد السيدة خديجة شريط ذكرياتها فتقول لقد كان ثوب الزعيم المرصع بالأحجار والذي كان يكلف كثيرا من المصاريف لاقتناء المادة الأولية يتربع على عرش كل الأزياء التي تلبسها العروسة ليلة زفافها سواء كانت غنية أو فقيرة متعلمة أو غير متعلمة لافتة في ذات السياق أن هذا الزي يعتبر الوحيد الذي حافظ على طابعه التقليدي و لم تعتريه أي إضافات على غرار بلوزات الحنة أو الحمام وحتى الأزياء الأخرى منها المنسوج والردى. مساعي للحفاظ على اللباس الأصيل للحفاظ على بلوزة الزعيم التي أضحت حاليا مدرجة في تصميم الأقمشة الفاخرة في العالم على غرار الدونتال فإن المتحف الوطني أحمد زبانة بادر لأول مرة بعرض هذا الثوب وإبراز جماليته من خلال إقامة ورشة حول تقنيات خياطته وذلك في تظاهرة متحف المتاحف المنظمة في فيفري الماضي بالمدية. ولحماية هذا النوع من الألبسة التقليدية من التقليد والسرقة تسعى غرفة الصناعة التقليدية والحرف لوهران إلى تقديم اقتراح إلى الجهات المختصة لدمغ البلوزة الوهرانية بما فيها بلوزة الزعيم وفق المعايير المعمول بها كونها تمثل هوية ناحية وهران حسبما ذكره رئيس هذه الهيئة. كما تعمل ذات الغرفة على إقامة عدة معارض للترويج لبلوزة الزعيم وغيرها من الفساتين التقليدية الوهرانية في مختلف المناسبات وتنظيم معارض للأزياء للتعريف بها كما أضاف بوخاري فرحات لافتا ان العديد من المصممين كانوا خير سفراء في إبراز البلوزة الوهرانية في عدة تظاهرات دولية ونالت إعجاب الكثير من المصمّمات . وتحصي ذات الغرفة 393 حرفيا من المسجلين لديها يمارسون الخياطة التقليدية وعلى رأسها البلوزة الوهرانية بمختلف أنواعها. ولتحفيز الشباب على المحافظة على هذا الموروث وممارسة الخياطة التقليدية فتحت مديرية التكوين والتعليم المهنيين لوهران تخصصا في الخياطة التقليدية بخمسة مراكز للتكوين بوهران و بئر الجير وعين البيضاء (السانية). وفي هذا الصدد أكدت السيدة بن دحو فاطمة الزهراء مديرة مركز التكوين المهني والتمهين (الحديد سابقا) إن الخياطة التقليدية تلقى إقبالا من قبل الفتيات على مستوى ملحقة حي الصنوبر التابع للمركز حيث يدرسن لمدة سنة ويتحصلن على شهادة لفتح ورشات في مجال الخياطة التقليدية لاسيما البلوزة الوهرانية. ومن جهتها تقدم الوكالة الوطنية للقرض المصغر بوهران دعما ماليا لترقية هذا المنتوج المحلي حيث أن أغلب المستفيدات المقدر عددهن ب 1.235 تحصلوا على إعانات مالية لاقتناء مواد أولية وذلك من 2005 الى 2017 حسبما ذكره المسؤول المحلي لهذا الجهاز لافتا أن جل المستفيدات ماكثات في البيت ويمارسن الخياطة التقليدية وساهمن في استحداث مناصب شغل. كما أن للجمعيات دور في ترقية الأزياء التقليدية لاسيما بلوزة الزعيم التي تعد فريدة من نوعها ولا أحد يستطيع أن ينسبها إليه لأن أصلها ومنبتها من وهران تقول إحدى السيدات الناشطة بجمعية تعمل على ترقية هذا النوع من التراث اللامادي.