طَفْرَة السياحة العلاجية في الغرب.. بأموال وعقول العرب ** * رضا سويلاماس أشرف على عملية أولى من نوعها في الشرق الأوسط * رُبع أطباء فرنسا من الجزائر جنيف/ سويسرا: محمد مصطفى حابس كشف تقرير صادر أخيرا عن اتحاد الفنادق الدولي أن تركيا باتت من الدول الرائدة في قطاع السياحة العلاجية حيث من المتوقع أن يجذب هذا القطاع ما يزيد عن 20 مليار دولار بحلول عام 2023م كما أشار التقرير إلى أن تركيا في المرتبة الثالثة بين البلدان التي تملك أكبر عدد من مؤسسات الرعاية الصحية المعتمدة من قبل اللجنة الدولية المشتركة وقد أظهرت دراسة حديثة عن مجلة الاقتصادية أن دول الخليج تنفق 6.3 مليار دولار سنوياً لعلاج مواطنيها في الخارج بينما تقدر نفقات السياحة العلاجية حول العالم بنحو 55 مليار دولار. أفادت إحصائيات رسمية بأن ربع أطباء فرنسا من الجزائر .. وفي ظل تضارب الأرقام بشأن عدد الأطباء الجزائريين الذين هجروا بلادهم خلال العقدين الماضيين هناك اتفاق بين أهل الاختصاص على تعرّض قطاع الصحة بالجزائر إلى نزيف قاتل في كوادره بسبب الهجرة بحثا عن ظروف اجتماعية ومهنية أفضل الأمر الذي يجزم لنا أخبارا رائجة على سبيل المثال لا الحصر ما أكده لي أحد المكلفين بالسلك الطبي السويسري أن أزيد من نصف المشتغلين في السلك الطبي أجانب ومن المسلمين أي من دول العالم الإسلامي وذكر لي بعض الأرقام المهولة حسب الكانتونات (الولايات) قائلا لي أن المرضى القادمين من دول العالم الثالث يتبرعون بسخاء فوق اللزوم على هذه المصحات الغربية التي يأتيها مرضى عرب ليعالجهم أطباء عرب وذكر لي أسماء بعض الأمراء والرؤساء وحتى أسماء بعض المشايخ والوفود التي ترافقهم مبينا لي أنه يمكن أن يعالجوا أنفسهم بأنفسهم في بلدانهم وفي عقر ديارهم ويوفروا أموالهم الضخمة لشعوبهم المعوزة!!! هذه الأرقام المخيفة المقلقة بل المرعبة تدعم الفكرة التي تؤكد أن البلدان العربية أصبحت بيئات طاردة للكفاءات العلمية العربية وليست حاضنة أو جاذبة لها حيث يتساءل الكثيرون عن الأسباب التي تقف وراء هذه الظاهرة الخطرة.. وبالتالي حق للغرب أن ينعم في الضفة الأخرى بكفاءات شبابنا أمام سياسة تصحر المؤسسات الاستشفائية العربية وغثائية التسيير الإداري عندنا إذ تحصي نقابة العاملين في الصحة العمومية عشرات آلاف الأطباء في أوروبا وأميركا الشمالية وبشكل خاص كندا التي تستقطب الأطباء الجزائريين ضمن برنامج الهجرة الانتقائية واستقطاب الكفاءات كما تستقطب بالمقابل دول خليجية أخرى مثل السعودية والإمارات وقطر والكويت أعدادا كبيرة تعد بعشرات الآلاف من الأطباء الجزائريين والكوادر شبه الطبية. وأمام الإخفاقات المحلية المتكررة تنجح في الضفة الأخرى عقول كبيرة عربية وجزائرية في ديار المهجر لتصنع الحدث الدولي وترسم بسمات واعدة على شفاه مرضى دول أجنبية إذ تناقلت هذا الأسبوع وسائل الإعلام الغربية خبر نجاح فريق طبي غربي يشرف عليه جراح جزائري في مستشفى كليفلاند كلينك في أبوظبي في إجراء عملية جراحية ناجحة بتقنية متطورة تعتبر الأولى من نوعها في منطقة الشرق الأوسط لمريض يعاني ورماً في الرئة وتم خلالها استخدام نظام روبوتي متطور ومتقدم جداً لا يتوفر إلا في مركزين اثنين فقط على مستوى العالم أجمع!! والمشرف على إنجاح هذه العملية المعقدة طبيب جزائري خريج الجامعة الجزائرية هو الدكتور محمد رضا سويلاماس إستشاري جراحة الصدر بمعهد القلب والأوعية الدموية في مستشفى كليفلاند كلينك في أبوظبي وهذا الطبيب الجزائري شغل عدة مناصب في مستشفيات أوروبية وعمل كطبيب أخصائي في قسم جراحة الصدر في مستشفى إيراسموس في بروكسيل ببلجيكيا وكان سابقاً مديراً لبرنامج زرع الرئة للتليف الكيسي في مستشفى جورج بومبيدو في باريسبفرنسا إلا أن فرنسا لم تعطه كامل حقوقه وتآمرت بعض الجهات الفرنسية ضده بالعقلية الاستعمارية المعهودة لديهم عموما فاضطر الطبيب الجزائري لحزم حقائبه ورحل إلى أمريكا في العام 2009 لتفتح له الأبواب على مصراعيها بمخابر آخر صيحات التكنولوجيا الطبية فعمل أستاذاً زائرا في قسمي جراحة الصدر وزرع الرئة في مستشفى كولومبيا الجامعي في مدينة نيويورك.. وألف هذا البروفيسور كتابا بالفرنسية يحكي فيه المؤامرة الفرنسية ضده تحت عنوان لون المشرط وقد استضافته القنوات الفرنسية وبعض الجرائد في حوارات مطولة معنونين ذلك بعناوين كلها اعتذار وأسف للخسارة التي لحقت فرنسا بفقدانها لمثل هذه النوعية من أيقونات العقول الذهبية فاستفادت منه المستشفيات الأمريكية والخليجية.. وقد علقت وسائل الإعلام الفرنسية بعناوين تنم عن الندم الكبير عن تصرفات بعض عنصريّيها منها على سبيل المثال: القصة الرائعة لهذا الجراح الجزائري اللامع الذي قاطعته فرنسا! و مستبعد من التراب الفرنسي طبيب جزائري أجبر على الذهاب إلى المنفى في الولاياتالمتحدة. قصة رائعة فعلا لخسارة عقل من كنوزنا المهاجرة أو قل تدفق حبر نزيف أدمغتنا ذهب هدرا إذ كان في إمكان هذا العبقري إرواء عطشى حقولنا ومستشفياتنا العربية الجدباء لكن ليس كل ما يتمناه المرء يدركه!!