لو نقوم بعملية إحصاء وتعداد وحصر لقائمة الأحزاب التي اعتمدت رسميا، ناهيك عن تلك التي تنشط خارج الدائرة القانونية لهالنا الأمر ولبقينا حائرين، فالعدد ربما يقارب المائة أو يزيد، فالتي أودعت ملفاتها بوزارة الداخلية وتنتظر الاعتماد كما أعلن ذلك السيّد وزير الداخلية نفسه تزيد عن أربعين حزبا، ممّا يعني أن لكلّ 500 ألف جزائري أو أقلّ حزبا، وهذا العدد الهائل ونسبة تواجد الأحزاب بالمقارنة مع عدد السكان لا يوجد حتى في البلدان الأكثر ديمقراطية والأكثر عراقة في التعدّدية الحزبية كالولايات المتّحدة الأمريكية التي بها حزبان قويان أحدهما جمهوري والآخر ديمقراطي هو يحكم الآن أمريكا كما نعلم برئاسة أوباما· غير أنه وفي هذا البلد الأمين طغى علينا حبّ وسرعة الوصول إلى سدّة الحكم بحرق كلّ المراحل ودون التدرّج كما تفعل جميع الأمم التي تريد أن تبني مجتمعاتها ودولها برزانة وثبات دون ارتجال أو تسرّع لأن النتيجة في الأخير سوف تعود وبشكل عكسي على الجميع، لهذا فضرورة إعادة هيكلة خارطة ما هو متواجد على الساحة وإعادة تقييمه وضبطه بات لا مفرّ منه، وعلى من يهمّه الأمر أن يستدرك ذلك اليوم قبل الغد إن كنّا فعلا نحترم أنفسنا ونحترم التقاليد الحزبية ونطمح إلى رفع المستوى السياسي للمجتمع والخروج من دائرة العددية إلى النّوعية· لا يمكن ضبط الأحزاب فقط من خلال قانون عضوي يحدّد صلاحياتها، وأيضا حتى الاعتماد لا يعدّ في كثير من الأحيان ضرورة للنّشاط، فقد يكون الإخطار عن تأسيس حزب يكفي لوجوده القانوني على الساحة لكن الذي يجب أن يعطي الشرعية القانونية لها هو مدى تواجدها على امتداد الوطن والنّسبة التي يجب الحصول عليها في الانتخابات العامّة المسمّاة تشريعية، حيث هناك من الدول التي تشترط لمنح شهادة ميلاد حزب ما هو حصوله على نسبة لا تقلّ عن 10% ودونها يبقى في مرحلة التأسيس والتربّص، ذلك أن الذي يعجز عن اكتساب هذه النّسبة يعدّ حزبا عاجزا ولا يلتفت إليه وإلى أفكاره· لو طبّقت هذه الفكرة أو الحجّة القانونية لأزيلت الكثير من الأحزاب من خارطة الجزائر، ولما عاد هناك إلاّ بعض الأحزاب تعدّ على أصابع اليد الواحدة، وبذلك نريح ونرتاح ونوفّر الكثير من الأموال التي تنهب في كلّ مناسبة أو استحقاق وطني·