أكّد الزّحف الجديد على أراضي الجولان المحتلّة في ذكرى نكسة 5 جوان 1967، أن العرب والمسلمين وإن وهنت عزائمهم وضعفت إرادتهم وتفرّقت صفوفهم وغرقوا في سبات عميق، فإنهم لم ينسوا أمّ القضايا الرّاهنة·· القضية الفلسطينية. فحين يتبرّع الجزائريون بالنّفس والنّفيس لنصرة القضية الفلسطينية، وحين تتداعى شعوب البلدان العربية والإسلامية في مشارق الأرض ومغاربها للمشاركة في أسطول الحرّية 2، وحين يردّد المسلمون في كلّ مكان قسم الولاء والمبايعة للقدس، وعندما يطلق شباب الأمّة الإسلامية آلاف الحملات لنصرة فلسطين وتنتشر على مواقع التواصل الاجتماعي ملايين الصفحات المساندة للانتفاضة الثالثة فإن ذلك كلّه يؤكّد بما لا يدع للشكّ مجالا أن ضمائر العرب والمسلمين لم تمت رغم نومها العميق والطويل، وأن فلسطين لم تسقط من أجندة الشعوب العربية حتى ولو سقطت من أذهان الحكّام· وحين يزحف آلاف السوريين على أراضي الجولان المحتلّ بصدور عارية ويتحدّون الأسلاك الشائكة وحقول الألغام ورصاص جنود بني صهيون الذين لا يرحمون ولا تعرفهم الرّحمة ويدفعون من بينهم 24 شهيدا وأزيد من 400 مصاب في بضع ساعات فإن ذلك يبشّر بميلاد فجر جديد للقضية الفلسطينية، ذلك أن الجولان وإن كانت أرضا سورية فإنها تحمل رمزية كبيرة لا تنفصل عن القضية الفلسطينية التي تبقى قضيتنا الأولى رغم المخططات الصهيونية التي سعت في البداية إلى تحويلها إلى قضية للفلسطينيين وحدهم، لا تهمّ العرب والمسلمين، ثمّ سعت إلى تحويلها إلى قضية لأبناء غزّة دون سواهم! وبعد أن أسقطت بعض الثورات العربية أنظمة عميلة للكيان الصهيوني، وبعد أن سقط جدار الخوف من الطغيان الداخلي نهائيا بات أكيدا أن جدار الخوف من الطغيان الصهيوني قد زال أيضا لأن من يقابل رصاص إسرائيل وألغامها بصر عار لا يمكن أن يخشى السلاح النّووي الصهيوني الذي يبقى فزّاعة تخيف كثيرين، إلى حدّ أن بعض الواهنين يقولون إن أوان إعلان الحرب على إسرائيل لم يئن بعد، وأنه لا يمكننا أن نحارب إسرائيل ونحرّر فلسطين حتى نصنع قنبلة نووية·· ويبدو أن على فلسطين أن تنتظر حتى تقوم الساعة لتتحرّر لأن العرب والمسلمين لا يبدو أنهم سيصنعون قنبلة نووية حتى يرث اللّه الأرض ومن عليها.