يوم قررت منال إجراء عملية المرارة تذكرت أُختها سليمة المُتوفاة منذ شهرين بخطأ طبي استرجعت تفاصيل الحكاية التي بدأت في يوم من أيام يناير الباردة حين أحست سليمة بمغص في بطنها تم على إثره نقلها إلى أقرب مُستشفى في مدينتهم لكن للأسف عدم وجود أطباء أخصائيين في الإستعجالات حرم الفتاة من التشخيص الدقيق حيث اكتفى المُتربصون بحقنها وإعطائها جُرعة من المصل السيروم لتخفيف الألم الذي زاد وكشر عن أنيابه بمُجرد وصولها البيت مرة أُخرى تُنقل سليمة إلى المُستشفى للنظر في حالتها لكن عجز المُتربصين عن تشخيصها للمرة الثانية كلفها عُمرها وحياتها فسليمة حسب الطب الشرعي كانت تُعاني من ألم في أحشائها وخاصة في الأمعاء الغليظة أدى إلى وفاتها الفورية واليوم منال خائفة من تكرار سيناريو أُختها لذا كانت تسأل دائما عن الطبيب المُكلف بالعملية هل هو الدكتور الذي شخص لها الحالة أم غيره ولم تتنفس الصعداء إلا بعد رؤيته يدخل لغرفة العمليات بمئزره الأبيض ابتسم لها وطمأنها أن كل شيء سيكون على ما يُرام وعليها أن تثق في القدرات الجزائرية وبأطباء بلدها فالثقة مُهمة لنجاح أي شيء وبين أي طرفين. الثقة بالطبيب بعد العملية شكرت منال طبيبها وأخبرته أن خوفها راجع للتجربة الأليمة التي عاشوها وأهلها من شهرين ماضيين لما فقدوا أُختهم بخطأ في التشخيص من وقتها والعائلة لا تثق إلا في الطبيب ذي القُدرات العالية والخبرة تفهم الدكتور هشام منال ووافقها الرأي على أن ما يحدث في مُستشفياتنا بسبب هذه الأخطاء كارثة كبيرة والأسوأ من كل هذا أن لا القانون يُعاقب عليها لكن في نفس الوقت هناك أطباء كبار يحملون لقب بروفيسور ويتسببون في كوارث عُظمى فنحن في نهاية المطاف يا منال بشر مُعرضون للسهو والخطأ ولا أحد معصوم. شكرت منال الطبيب ووعدته بأن تُواصل على دربه وتختار تخصص الجراحة مثله لتُنقذ أرواحا مثلما يفعل هو معها ومع غيرها فمنال طالبة في الطب سنة رابعة ورغم هذا لم يهدأ لها بال حتى قامت بالسلامة. آفة عالمية فالأخطاء الطبية ليست مُقتصرة على بلدنا فقط بل في كل البلدان العربية والغربية ربما الاختلاف في النسب والحالات فحسب دراسة صادرة عن المجلة البريطانية للطب منتصف شهر أوت 2019 فكل إنسان من أصل عشرة يتعرض لحوادث جُروح أثناء حصوله على الخدمات الإستشفائية وأن ما نسبته 12 بالمائة من حوادث الجروح التي تندرج في خانة الأخطاء الطبية تسببت لاحقا بحالات إعاقة دائمة أو موت. وبينت الدراسة أن مُعظم الأخطاء الطبية حصلت جراء إعطاء أدوية أو علاجات غير مُواتية ومُناسبة لحالات من قُبيل الإصابة بالحساسية أو سواها فقد شكلت حوادث الجروح المتصلة بالعمليات الجراحية 23 بالمائة من نسبة الأخطاء الطبية العامة أما حوادث الإلتهابات المرتبطة بالرعاية الصحية غير السوية والتشخيص الخاطئ للأمراض أتت بمُعدل 16 بالمائة وطبعا في الدول العربية النسب ترتفع فحسب تقرير لسنة 2017 وصلت نسبة الأخطاء الطبية في تونس إلى 60 بالمائة لكن وجب التفريق بين الخطأ الطبي والمُضاعفات الناتجة عن العملية فاستئصال الثدي الأيسر لامرأة تُعاني من سرطان في الأيمن قطع يد يُمنى لإنسان يُعاني من سرطان في اليد اليُسرى يُعتبر خطأ طبيا أما المُضاعفات الناتجة عن تكبد الدم أو تعفن فترجع لكفاءة الطبيب والتجهيزات التي يتوفر عليها المُستشفى. وفي الأخير نقول أن العالم لابد أن يضع حداً لمثل هكذا أخطاء ويُعاقب عليها عقابا صارما فهذا الملف مُهم جدا وعلى وزراء الصحة العالميين الانتباه له وإعطاءه حقه حتى لا نشهد مُظاهرات تطالب بهذا في المُستقبل لاسيما مع الأمراض المُنتشرة والأوبئة الفتاكة بالبشر في هذا القرن.