بين تعاليم الصحة والنظافة.. والعقيدة كيف تتعامل مع فيروس كورونا؟ الشيخ أبو اسماعيل خليفة لا شيء يطمئن القلب حين الملمات والأخبار المفجعة حول فيروس كورونا مثل ذكر الله -تعالى- والتوكل عليه والإيمان بقضائه وقدره وقد قال تعالى: مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَة إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ . التغابن: 11. وما فيروس كورونا إلا جندي من جنود الله.. والجندي إما أن يدفعك وإما أن يدفع عنك وفي كل ذلك للمؤمن خير.. فالله يبتلي العباد ويمتحنهم ليعلموا فقرهم وحاجتهم إليه وأنه لا غنى لهم عنه رغم ما تقدموا فيه من العلم ورغم ما وصلوا إليه من الطب ورغم ما عندهم من المال فإن ذلك كله يبقى حائلًا دون كشف الكربات وقضاء الحاجات فلا يكشف الضر إلا الله ولا يدفع البلاء إلا الله ولا يشفي من المرض إلا الله القائل: وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْر فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْء قَدِيرٌ . الأنعام: 17. ولكن ها هنا سؤال مفاده: كيف يتعامل المسلم مع جائحة كورونا؟. الجواب: أولا: ببذل الأسباب الموصى بها من قبل المتخصصين والتي تعين على الوقاية من المرض وإنه لا يخفى عليكم أن أشهر وباء تاريخي كان قد وقع قبل أكثر من ألف وأربعمئة عام مرض الطاعون وقال الفاروق عمر عندما تراجع عن دخول الشام وفيها الطاعون: نفرّ من قدر الله إلى قدر الله . فالأخذ بالأسباب من شيم المرسلين وأولي الألباب والصالحين ومن تمسك بالهدى المستقيم وتركه من شيم البطالين وها هي مريم على نبينا وعليها السلام أمرها ربها تبارك وتعالى -وهي فى المخاض- أن تهز النخلة لتسقط عليها رطبًا جنيًا ومعلوم أن المرأة أضعف ما تكون قوة في هذه الحال ومع هذا أيضًا لو هز النخلة عشرة رجال من جذعها لما تساقطت ثمرة واحدة ولكنها الأسباب. ألم تر أن الله أوحى لمريم * وهزى إليك الجذع تسَّاقط الرطب ولو شاء أن تجنيه من غير هزها * جنته ولكن كل شيء له سبب ثانيا: لا بد من اتباع الأسلوب العقائدي أي ربط تعاليم الصحة والنظافة بعقيدة الأمة وجعلها جزء لا يتجزأ من حياتها اليومية السياسية والمدنية وهذا ما فعله الإسلام قبل أكثر من 14 قرناً من الزمان ونجح في تحقيقه أعظم نجاح. وبرغم التقدم المذهل في مجالات الطب العلاجي بالأدوية الحديثة والأجهزة المبتكرة فما زال المبدأ الرئيسي في الطب هو: (الوقاية خير من العلاج).. فيجب أن نكون آذانًا واعية لما يرشدنا إليه أصحاب الشأن ومراكز الوقاية ليس لمجيء فيروس أو نزول بلاء وإنما لتكون ثقافة الاحتراس من الأمراض ومجانبة ما يجلبها هي ثقافة عامة نتعلمها في مدارسنا ومساجدنا ومؤسساتنا ونجدها واقعًا معمولاً به في بيوتنا وشوارعنا وأحيائنا.. ثالثا: علينا أن نعلم أن الأذكار والآيات أو الأدعية التي (يستشفى) بها ويرقى بها هي في نفسها نافعة شافية ولكن تستدعي قبول المحل وقوة همّة الفاعل وتأثّره فإذا تخلّف الشفاء فقد يكون لضعف تأثير الفاعل أو لعدم قبول المنفعل أو لمانع قوي فيه يمنع أن ينجع فيه الدواء. فهذا يوسف عليه السلام نسى وهو سجين في لحظة ضعف أن الله هو مسبب الأسباب فالتفت بقلبه إلى الأسباب وقال لرفيق السجن الذى استعد ليخرج منه: اذْكُرْنِي عِندَ رَبِّكَ أي ليخلصه من غياهب السجن ولكنَّ الله تبارك وتعالى أراد أن يُخْلِصَهُ إليه وأن يجعل قلبه خالصًا له وهى صفة الأنبياء والمرسلين فقال تعالى: فَأَنسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ ليصفو قلبه من التفاته إلى الأسباب ويعود إلى رب الأسباب ينظر إليه أولاً ثم يأخذ بالأسباب ولا تكون هى فى ذاتها الملاذ والملجأ.. ومنْ لنا سوى الرحمن ربًّا وسيّدًا * ومن غيره نبديه ما الغير جاهلُهْ وهل لانكسار العبد إلاَّ وليُّهُ * وقد واربَ الأحزانَ والهمُّ قاتلُهْ اللهم إن هذا المرض هو جند من جنودك تصيبُ به من تشاء وتصرفه عن من تشاء اللهم اصرفه عن عيالنا واهلنا وبيوتنا وجميع المسلمين وقنا شر الداء والبلاء بلطفك يا لطيف إنك على كل شيء قدير.