مع انتهاء الموسم الدراسي تذهب بعض الأسر الميسورة إلى برمجة عطل أبنائها بينما هناك اسر أخرى لا تعرف إلى ذلك سبيلا خاصة وان قدراتها المادية لا تتوافق مع برمجة العطل للأبناء فهي بالكاد تقوى على توفير بعض الأمسيات والضروريات فيكون مآل أبنائها بعد مغادرة الفصول الدراسية إما معاشرة الجرذان والقوارض عبر مفارغ الأحياء أو التوجه إلى ممارسة بعض الحِرف الموسمية كبيع مستلزمات البحر أو المطلوع عبر الطرق السريعة بكل ما تتربص به تلك الأمكنة من مخاطر عليهم. خباجة نسيمة اغتنمنا انتهاء الموسم الدراسي والفراغ من الامتحانات وقمنا بجولة عبر بعض أحياء العاصمة للوقوف على كيفية تمضية الطفل الجزائري المتمدرس للعطلة بعد فراغه من الدراسة أو بالأحرى أطفال الأسر المعوزة القاطنة بالأحياء الشعبية وكذا بالأحياء الفوضوية المنتشرة عبر العاصمة التي فتكت بها الآفات الاجتماعية من كل جانب فوقفنا على أوضاع يندى لها الجبين بسبب لا مبالاة العائلات وغفلتها على أطفالها فحتى ولو لم تكن لها القدرة على برمجة عطل للأبناء كان من الأجدر رقابة الأبناء. ذلك ما اصطدمنا به على مستوى حي عين المالحة الفوضوي بعين النعجة بحيث رأينا العشرات من الأطفال وهم ينتشرون هنا وهناك بجانب مفارغ النفايات وسط المخاطر التي تهددهم هناك بسبب نوعية النفايات التي تحوي الزجاج والحديد وغيره من المواد الخطيرة ودون هذا وذاك فحتى الروائح المنطلقة من هناك لا تحتملها النفس البشرية، بينما كانت مجموعات أخرى تركض من وراء قطعان المواشي من الماعز والكباش لتختار المجموعة الثالثة اعتلاء أشجار شاهقة الطول من اجل الحصول على حبات "مشيمشة" وحدث كل ذلك تحت درجة حرارة لم تنزل عن 34 درجة مع الحر الذي عرفته الأيام الأخيرة في العاصمة وضواحيها. إحدى السيدات قالت إن العطلة لأبناء هذا الحي لا معنى لها فيقضونها إما بالركض وراء قطعان المواشي أو بالتسلق فوق الأشجار الطويلة دون أدنى مبالاة بالخطر الذي يهددهم أو وسط النفايات والميكروبات المنطلقة منها ويكونون على ذلك الحال طيلة اليوم بحيث يقبلون على تلك الأماكن منذ الصباح الباكر ولا يبرحونها إلا في ساعات متأخرة من الليل وهكذا دواليك إلى أن تنتهي العطلة الصيفية، ودهشت لسلامة هؤلاء الأطفال من حمل بعض الأمراض وكأن معاشرتهم الدائمة لتلك النفايات والأماكن ولدت لديهم مناعة ضدها. احد الأطفال اغتاظ لحاله وقال إن أقرانه قد برمجت لهم أسرهم خرجات استجمام إلى شاطئ البحر في حين يقبع هو أمام منزلهم الفوضوي طيلة أيام الصيف فليس بيده أو بيد عائلته حيلة لانتشاله من تلك الوضعية، نفس الوضعية عامة تكررت في أحياء شعبية عبر العاصمة على غرار بلكور والمدنية والمرادية فبعض أطفال الجزائر لا يعرفون معنى للعطلة وهناك من يتجه إلى المغامرة بنفسه بامتهان بعض أنواع التجارة البسيطة على مستوى الأسواق وحتى عبر الطرق السريعة بدليل اصطدامنا بأطفال صغار وهم يبيعون المطلوع وأشياء أخرى على حوافها، والسؤال الذي يطرح نفسه كيف يستعيد هؤلاء الأطفال قواهم من اجل العودة إلى المدرسة ومجابهة سنة دراسية شاقة ومتعبة في العام المقبل؟!