بعد ثلاثة أشهر على بدء الضربات الجوية على ليبيا بات حلف شمال الأطلسي يواجه انقساما فضلا عن سأم من الحرب في صفوف بلدانه وداخلها، غير أن الحلف يؤكد عزمه على مواصلة المعركة حتى النصر. وكان الصراع قد استمر أطول مما توقع البعض حينما تولى الحلف الاطلسي زمام قيادة العمليات في 31 مارس، من تحالف غربي اطلق الطلعات الاولى قبل ذلك باسبوعين. ومع دخول مهمة الاطلسي اليوم الخميس شهرها الثالث ظهرت انشقاقات في صفوف الحلف فقد دعت ايطاليا الاسبوع الماضي لوقف العمليات القتالية، فيما تشعر البلدان المشاركة بقوات جوية اصغر في الحلف بضغط يفرضه تواصل الطلعات الجوية. ويرفض قائد عمليات الحلف في ليبيا، اللفتنانت جنرال شارل روشار خفض تلك العمليات، مؤكدا على ان الحلف احرز تقدما كبيرا باحلاله الاستقرار في المناطق الشرقية التي تسيطر عليها قوات المعارضة المسلحة المناوئة للقذافي ومع احراز تلك القوات نجاحات في الغرب. وقال بوشار أمس الثلاثاء "لا اعتقد انه يجب خفض العمليات باي شكل في الوقت الراهن، بل في الواقع سنواصل المهمة". واضاف بوشار الكندي الجنسية ان الاطلسي سيواصل الضغط حتى يكف القذافي عن تهديد المدنيين، ويعيد قواته لثكناتها ويسمح بوصول المساعدات الانسانية بحرِّية الى ليبيا. وتابع "سنواصل مهمتنا دون توقف حتى نحقق تلك الاهداف". وكان الحلف الاطلسي قد مدد تفويضه 90 يوما اخرى، ما يعني مواصلة الطلعات الجوية حتى اواخر سبتمبر على الاقل. ويقول شاشنك جوشي المحلل بالمعهد الملكي العسكري بلندن ان الاطلسي نجح في الالتزام بالتفويض الممنوح له من الاممالمتحدة لحماية المدنيين وسوف يتمكن في نهاية المطاف من اسقاط نظام القذافي. ونقلت وكالة فرانس برس عن جوشي قوله "لقد خفضوا قدرات القذافي العسكرية ودحروها وانهكوها لدرجة تجعل تغيير النظام امرا ممكنا". وتابع الخبير العسكري قائلا "اعتقد انهم سينجحون في نهاية المطاف في تغيير النظام، وهي المهمة المحورية. لا اشك في ذلك"، رغم نفي الحلف مرارا سعيه لتغيير النظام او استهداف القذافي نفسه، وهو ما لا ينص عليه القرار الدولي المخول للعمليات. واضاف جوشي "غير ان ما احذر منه هو ان الامد الزمني لتحقيق ذلك يمكن ان يلحق ضررا سياسيا ما بدأ اثره ينعكس بالفعل على الحلف". فقد احدث وزير الخارجية الايطالي فرانكو فراتيني انشقاقا الاسبوع الماضي حينما دعا لوقف للاعمال القتالية بعدما انتقد الحلف الاطلسي بسبب مقتل مدنيين عن طريق الخطأ خلال احدى غاراته التي تقول طرابلس انها ادت الى مقتل تسعة اشخاص. وكان وزير الدفاع الاميركي روبرت غيتس انتقد ايضا بشدة في وقت سابق من الشهر الحلفاء لاعتمادهم الزائد على القدرات العسكرية الاميركية، قائلا ان ما لدى الحلفاء من ذخيرة للعملية الليبية بدأ ينفد. غير ان الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي رد الجمعة رافضا انتقادات غيتس وواصفا اياها بأنه تعبر عن "مرارة موظف قارب التقاعد". وكانت فرنسا وبريطانيا والولاياتالمتحدة قد شنت الضربات الاولى ضد النظام الليبي في 19 مارس قبل تسليم زمام العملية للحلف الاطلسي رغم تحفظات فرنسية. وتشارك ثماني دول فقط من اعضاء الحلف ال28 في الضربات الجوية، واعلنت احداها وهي النروج انها ستنهي مهامها في أوت لمحدودية ما لديها من قوات جوية. وحثت الولاياتالمتحدةوفرنسا وبريطانيا الحلفاء الآخرين على زيادة مساهماتهم، حيث اشار غيتس تحديدا الى اسبانيا وتركيا وهولندا على انها دولٌ يجب ان تشارك في القصف. غير ان تلك البلدان اعربت عن عدم استعدادها المشاركة في العملية الليبية. وقال دبلوماسي في حلف الاطلسي طلب عدم الكشف عن اسمه "ثمة تحد يتمثل في العثور على من يرغب في المساهمة.. على المدى الطويل سيحتاج المشاركون الى الاستراحة وتلقي الدعم، ولذا لابد من التناوب". غير ان الاطلسي لن يفكر في الانسحاب حتى اتمام المهمة حيث ان فرنسا وبريطانيا استثمرتا الكثير سياسيا في هذه المهمة ولن تتراجعا بحسب جوشي. ويتابع الخبير العسكري "لن يقبلا بالموقف الايطالي بشأن وقف القصف وسيواصلان العمليات سواء استمرت المساهمة النروجية او البلجيكية او غيرها ام لم تستمر". واضاف "لقد استثمرت فرنسا وبريطانيا الكثير في هذا المسعى، وليس محتملا ان تتراجعا الآن".