مؤتمر سنوي يجدد للأمة عهدها ويربطها بكتابها.. رسالة رمضان من رسالة القرآن الشيخ أبو إسماعيل خليفة حلّة زاهية مفعمة بالنفحات الإيمانية والبركات الربانية تكتسيها الجزائر كغيرها من بلدان العالم الإسلامي بمناسبة شهر رمضان الفضيل ورغم الألوان القاتمة التي رسمتها جائحة كورونا إلا أنه يسود فيه جو من الخشوع المخضب بالفرحة على وجوه الناس.. كيف لا؟ ورمضان يأتي كل عام حاملًا لنا فيضًا من هدايا ومنح ربانية سخية حري بالمؤمن أن يغتنمها فمن فضائل هذا الشهر الكريم أنه أنزل فيه القرآن قال تعالى: شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ . البقرة من الآية:185 قال ابن كثير: يمدح تعالى شهر الصيام من بين سائر الشهور بأن اختاره من بينهن لإنزال القرآن العظيم . فلقد أراد الله تعالى لنا الخير من كل أطرافه وأتم علينا نعمته من كل جوانبها وأراد أن يحبب إلينا ما شرعه لنا من الخير فقال تعالى في تضاعيف آيات الصيام: (يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) (البقرة: 185) والمعنى: أن تكاليف الله تعالى لكم مبنية على السهولة لا على المشقة لذلك فاستبشروا وأكملوا عدة الصيام واختموه بتكبير الله تعالى في العيد وتعظيمه وإجلاله على هدايته لكم وللبشر فبلكم ولتكونوا على رجاء تأدية بعض شكره على عظيم نعمه خاصة إنزال الكتب وتفصيل الشرائع والأحكام الهادية. ورمضان يأتي كمؤتمر سنوي للهداية يجدد للأمة عهدها ويربطها بقرآنها ويمنحها رسالة الهداية فبدون هذه الهداية لا يكون للأمة مكان في الأرض ولا ذكر في السماء. والارتباط بين شهر رمضان والقرآن العظيم ارتباطٌ محكم وثيق ففي أيّامه ولياليه نزل الروح الأمين بالقرآن العظيم ليكون هدى للناس قال تعالى: شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان البقرة وإن رمزية الشهر القرآنية دالة تمنحه قوة الرسالة فرسالة رمضان من رسالة القرآن وقيمة رمضان من قيمة القرآن الذي يهدي الناس للتي هي أقوم وبالتالي يكون رمضان شهر الهداية النعمة الكبرى وليس فقط الهدية الكبرى فاكبر هدية في الكون هي الهداية (لأن يهدي الله على يديك رجلا خير مما طلعت عليه الشمس) فالهداية ارتبطت بالقرآن والقرآن ارتبط برمضان ومغبون من ضيع نعمة رمضان ولم يهتد بالقرآن.. فيا غيوم الغفلة عن القلوب اقشعي.. يا شموس التقوى والإيمان اطلعي.. يا صحائف أعمال الصائمين ارتفعي.. يا قلوب الصائمين اخشعي.. يا أقدام المتهجدين اسجدي لربك واركعي.. فإن يوما واحدا من رمضان يعد فرصة سانحة ومجالاً واسعاً للتقرب إلى الله بأنواع من الطاعات وتنوع العبادات فيكون الأجر الأعظم والثواب أكبر . قال الإمام النخعي رحمه الله يصف يوماً من رمضان: صوم يوم من رمضان أفضل من ألف يوم وتسبيحة فيه أفضل من ألف تسبيحة وركعة فيه أفضل من ألف ركعة . لطائف المعارف. وذكر أبوبكر بن أبي مريم عن أشياخه أنهم كانوا يقولون: إذا حضر شهر رمضان فانبسطوا فيه بالنفقة فإن النفقة فيه مضاعفة كالنفقة في سبيل الله وتسبيحة فيه أفضل من ألف تسبيحة في غيره. ا.ه فلنحتسب في الصيام والقيام ولنصدُق في الدعاء ولنجدّ في الطلب ولنُلحف بالمسألة فربنا كريم وعطاؤه واسع وفضله لا يُحدّ يحب من صدق ويُعطي من سأل ويزيد بالفضل بما لا يُحدّ. اللهم نحن ضيوفك في هذا الشهر العظيم فاحسن من عندك ضيافتنا وأكرم من عندك منصرفنا وبارك جهدنا واجبر كسر قلوبنا وتقبل طاعتنا وأسعدنا برضاك واجعل عملنا مقبولا وسعينا مشكورا وذنبنا مغفور.. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله..