لا يُحبّذ فكرة التعويض المالي لضحايا جرائمها.. الرئيس تبون: الجزائريون ينتظرون اعترافاً فرنسياً كاملاً * على فرنسا تنظيف المواقع النووية بالجزائر س. إبراهيم* أكد رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون أن الجزائريين ينتظرون اعترافا كاملا بكل الجرائم التي اقترفتها فرنسا الاستعمارية مؤكدا أن الاعتراف بجرائمها يعد شكلا من أشكال الاعتذار وطالب الرئيس تبون فرنسا بتنظيف المواقع النووية مشيرا إلى أن التلوث الإشعاعي ما زال يخلف ضحايا لغاية اليوم . وفي حوار خص به الأسبوعية الفرنسية لو بوان قال الرئيس تبون: الجزائريون ينتظرون اعترافا كاملا بكل الجرائم التي اقترفتها فرنسا الاستعمارية مؤكدا أنه في تاريخ الاستعمار كانت هنالك ثلاث مراحل مؤلمة بالنسبة للجزائر . وأشار إلى بداية الاستعمار مع ابادة دامت أربعين سنة لقبائل على بكرة أبيها وقرى كاملة أبيدت ومحارق اقترفت. ثم أتت بعدها مرحلة النهب حيث تمت مصادرة اراضي الجزائريين لتوزع على الأوروبيين . كما ذكر ب فظائع 8 ماي 1945 حيث سقط 45.000 شهيدا ثم حرب التحرير عندما حمل الجزائريون السلاح لتحرير البلاد . وأوضح الرئيس تبون أن كل هذا لا يعني جيل الرئيس ماكرون ولا جيل المثقفين الفرنسيين الذين لا لوم عليهم مشيرا أن الاعتراف بهذه الأفعال مهم للغاية وتساءل لماذا التمسك بالاعتراف بما تعرض له الأرمن واليهود ويتم تجاهل ما وقع في الجزائر؟ . وأكد في هذا الصدد: ما نريده هو تضميد جراح الذاكرة ومعترف بها. لنخرج من خرافة أن الجزائر أرض مباحة جلب الاستعمار لها الحضارة مشددا على أنه ليست فرنسا فولتير وفرنسا التنوير التي نحكم عليها بل فرنسا الاستعمارية . وأضاف: لن ننسى أبدا العديد من الفرنسيين الذين التحقوا بمعركة الجزائريين واليوم ننحني أمام أرواحهم . التعويض المالي سيكون بمثابة إهانة لشهداء الجزائر واعتبر الرئيس تبون أن تسوية المسائل الخلافية ستتيح صداقة مستدامة بين الأمتين مذكرا في هذا الصدد أن الرئيس الجزائري هواري بومدين كان قد قال لجيسكار (الرئيس الفرنسي السابق) أننا نريد قلب الصفحة لكن دون تمزيقها ولتحقيق ذلك يجب القيام بأفعال . ورداً على سؤال متعلق بالتعويضات التي يجب أن تقدمها فرنسا لا سيما فيما يخص التجارب النووية التي قامت بها في الجنوب الجزائري ومخلفاتها أكد السيد تبون نحترم موتانا كثيرا إلى درجة أن التعويض المالي سيكون بمثابة إهانة. فنحن لسنا شعبا متسولا نحن شعب فخور يُبجّل شهداءه . وطالب في هذا الصدد فرنسا بتنظيف المواقع النووية مؤكدا أن هذه العملية قطعت شوطا كبيرا لأن التلوث الاشعاعي ما زال يخلف ضحايا لغاية اليوم . وذكر الرئيس تبون بقوله فلتقم فرنسا بعلاج ضحايا التجارب النووية. فالعالم احتشد من أجل كارثة تشيرنوبيل في حين إن التجارب النووية في الجزائر تثير ردود أفعال قليلة بالرغم من أنها حدثت علنا وبالقرب من التجمعات السكنية . وفي تطرقه لتقرير بنيامين ستورا حول الاستعمار أوضح رئيس الجمهورية أن ستورا مؤرخ لم يتماد أبدا وكان دائما قريبا من الحقيقة مضيفا أنه حرر تقريرا وجهه لرئيسه لكنه لم يُرسل لنا . وفي مقارنة بين مبادرات الرؤساء الفرنسيين القدماء وما فعله ايمانويل ماكرون اليوم أقر السيد تبون أن الرئيس ماكرون كان الأبعد في هذا الموضوع . وأشار بقوله نعم ينبغي التذكير بذلك وتسجيله. وأنا أعرب للرئيس ماكرون عن كل تقديري. فهو الأكثر استنارة من بينهم جميعا. كان للرؤساء الآخرين جميعا تاريخ يربطهم بالجزائر . والقى السيد تبون اللوم على أولئك الذين ينتقدون سياسة ماكرون تجاه الجزائر قائلا انهم يشكلون أقلية صغيرة . وأكد الرئيس تبون أنهم يحتفظون بأذنابهم لكنهم منبوذون من طرف الرأي العام الفرنسي لأن غالبية الشباب الفرنسي اليوم معنيين بدرجة أقل بالتاريخ الجزائري معتبرا أنه إذا لم تتوصل الجزائروفرنسا إلى مد جسور التواصل القوية بين البلدين تحت رئاسة ماكرون فإن ذلك لن يتحقق أبدا وسيحتفظ بلدانا على مر الدوام بالحقد المتبادل . وفي سؤال حول الاصرار على الاعتراف بالجرائم بدل الاعتذار أجاب السيد تبون بأن الاعتراف هو شكل من أشكال الاعتذار . الحراك الوحيد الذي أؤمن به هو الحراك الأصيل والمبارك أكد رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون أنه لا يؤمن إلا بالحراك الأصيل والمبارك الذي تجاهل الأصوات التي كانت تدفعه للذهاب إلى مرحلة انتقالية. وأضاف الرئيس تبون في حديثه لصحيفة لوبوان قائلا إنني لم أعد أستخدم هذه الكلمة (الحراك) لأن الأمور تغيرت . وأوضح رئيس الدولة أن الحراك الوحيد الذي أؤمن به هو الحراك الأصيل والمبارك الذي جمع بشكل عفوي ملايين الجزائريين في الشوارع مضيفا أن هذا الحراك اختار طريق العقل بالذهاب إلى الانتخابات الرئاسية (12 ديسمبر 2019) مؤكدا أن هذا الحراك لم يستمع للأصوات الناعقة التي كانت تدفعه للذهاب إلى مرحلة انتقالية واختار عشرة ملايين جزائري الذهاب للتصويت. وشدد الرئيس تبون على أن أقلية رفضت الانتخابات وأعتقد أن لكل جزائري الحق في التعبير عن رأيه لكنني أرفض إملاءات الأقلية. كما أشار الرئيس تبون إلى أنه اندهش من رؤية ديمقراطي يرفض صندوق الاقتراع ويدعو إلى التعيين. علاوة على ذلك -يضيف رئيس الدولة- سأكون دائما مندهشا لكون ديمقراطي الذي يعرّف نفسه على هذا النحو يرفض صندوق الاقتراع ويدعو إلى التعيين. وعندما لا يرفض رأي الأغلبية وهو في حد ذاته رأي غير ديمقراطي. ولماذا تريدون تعييّن أشخاص لقيادة البلاد ومن أنتم؟ لما هذا الغرور/ أنت الذي لم يسبق أن رأيناك حاملاً السلاح لاستعادة السيد ((Le Cid كما تساءل الرئيس تبون. وذكر في ذات السياق أنه عندما كانت المسيرات بعد الانتخابات الرئاسية لا تزال تعد ما بين 20 إلى 25 ألف متظاهر عبر البلاد كان أول من مد يده إلى الحراكيين واستقبالهم . وأضاف أن حكومتي الأولى كانت تضم خمسة وزراء منهم وهم أشخاص رأيتهم يهينونني في مقاطع فيديو. ثم بدأنا في إطلاق سراح سجناء لنصل إلى 120 شخص اطلق سراحهم. واستمر الناس في انتقادي ولكنني واصلت القيام بالتفاتات مؤكدا بالقول أظن أن ذلك فسر على أنه ضعف. واعتبر الناس أننا في موقف صعب لقد كانوا على خطأ . وأشار من جانب آخر إلى أن المتظاهر والشرطي الذي يحافظ على النظام العام هم أبناء نفس الجمهورية . وأكد رئيس الجمهورية لا يحق لي ان اتركهم يتشابكان خاصة وأن الدعوات للعنف كانت واضحة وطالما كنا في مرحلة الأفكار لم تكن هناك مشكلة لكن الدعوات إلى العنف شيء آخر . وأضاف رئيس الدولة إننا نجد كل شيء اليوم فيما تبقى من الحراك فهناك من يصرخون دولة إسلامية! وآخرون يهتفون لا إسلام! قد يكون المتظاهرون يعبرون عن الغضب لكنه ليس الحراك الأصيل. إن ذلك غير متجانس للغاية. رشاد.. والماك وردا على سؤال حول تصنيف الجزائر لرشاد والحركة من اجل تقرير مصير منطقة القبائل (ماك) كحركتين إرهابيتين قال الرئيس تبون إنهم هم من اعتبروا أنفسهم كذلك . وتابع قائلا أن رشاد بدأت بالتجنيد في جميع الاتجاهات وإعطاء التعليمات لمواجهة الأجهزة الأمنية والجيش أما الماك فقد حاول القيام بعمليات باستعمال سيارات مفخخة. وأمام الدعوات إلى العنف فإن الصبر له حدود . أما بالنسبة لمراسل صحيفة ليبرتي في تمنراست الذي تم توقيفه ووضعه رهن الحبس المؤقت بسبب مقال صحفي فقد أشار رئيس الدولة إلى أنه قام بتأجيج الوضع في معالجته لموضوع حساس للغاية واصفا ذلك بالأمر الخطير جدا . وعن سؤال يتعلق بأوضاع البلاد التي سبقت الانتخابات الرئاسية لديسمبر 2019 أشار الرئيس تبون إلى أن البلاد كانت على حافة الهاوية ولكن لحسن الحظ كانت هناك الهبة الشعبية المتمثلة في الحراك الأصيل والمبارك في 22 فيفري 2019 الذي سمح بوقف انحلال الدولة بإلغاء العهدة الخامسة وهو ما كان سيمكن العصابة تلك المجموعة الصغيرة التي استولت على السلطة وحتى على صلاحيات الرئيس السابق بالعمل باسمه من تسيير البلاد . وأضاف انه لم تعد هناك أية مؤسسات فاعلة فقط مصالح مجموعة ناتجة عن نظام الفساد مؤكدا أنه لذلك كان من الضروري إعادة بناء الجمهورية بما يتضمنه ذلك من مؤسسات ديمقراطية . وبالعودة إلى غيابه بعد إصابته بفيروس كوفيد -19 قال رئيس الجمهورية إن ذلك لم يؤثر على ممارسة الحكم لكنه أخر برنامج الإصلاحات مضيفا بالقول لم يؤثر ذلك على برنامج الإصلاحات بل أخره. لكننا نجحنا في جعل الدولة تعمل في غيابي. والدليل على ذلك أن إعادة تأهيل المؤسسات التي شرعت فيها قد نجح . الجزائر كانت على حافة الهاوية قال رئيس الجمهورية: إن البلاد كانت على حافة الهاوية عندما تم انتخابه في ديسمبر 2019 ومن حسن الحظ حدثت هبة شعبية وجاء الحراك الأصيل المبارك في ال22 فيفري 2019 ومكن ذلك من إيقاف انهيار الدولة وإلغاء العهدة الخامسة والتي كانت ستمكن العصابة المنتفعة والتي استولت على صلاحيات رئيس الجمهورية من الاستمرار في حكم البلاد . و اعتبر رئيس الجمهورية أن مؤسسات الدولة لم تكن تحظى بالمصداقية والفعالية حيث طغت مصالح جماعة أصحاب المال والمنافع الشخصية على مصالح الدولة وهو ما تطلب منه العمل بعد انتخابه على إعادة بناء الجمهورية وما يتبعها من مؤسسات ديموقراطية. و نفى الرئيس تبون أن يكون مرض كوفيد 19 قد أثر على أداء مهامه في إدارة شؤون البلاد خلال فترة تواجده بالخارج للعلاج ولكنه اعترف في نفس الوقت بأن المرض عطل برنامج الإصلاحات التي وعد بها حيث قال لقد نجحنا في أن نجعل مؤسسات الدولة تستمر في أداء مهامها وهو خير دليل على أننا نجحنا في إعادة الاعتبار لهذه المؤسسات . وبخصوص تشريعيات ال12 جوان المقبل أكد الرئيس تبون بأنه لاحظ وجود اقبال كبير للشباب على الانتخابات التشريعبية وأنه يعتقد بأنه ليس هناك خيار آخر أمام البلاد مشيرا إلى أن أولئك الذين يريدون دفع البلاد إلى المزيد من المغامرات يضيعون وقتهم . حضور الجيش الوطني في الحراك إيجابي وحرص رئيس الجمهورية على الإشادة بقوة بدور الجيش الوطني الشعبي واعتبر حضور هذه المؤسسة طبيعيا وإيجابيا حيث فضلت من البداية حماية سلمية الحراك الشعبي. واستطرد قائلا: الجيش مؤسسة عصرية وذات احترافية ولولا ذلك لصارت وضعية البلاد أسوء مما آلت اليه الأمور في كل من سوريا وليبيا مذكرا بالدعوات التي صدرت عن بعض الديمقراطيين للجيش بالتدخل عند انطلاق مسيرة الحراك الشعبي ولكنها رفضت واختارت حماية سلمية الحراك. وضمن هذا السياق قال الرئيس تبون لو كانت مؤسسة الجيش تريد السلطة لفعلت ذلك خصوصا وأن ذلك كان مطلبا شعبيا من أجل وضع حد لمهزلة العهدة الخامسة وانقاذ مؤسسات الدولة من الانهيار ولكنها رفضت الحكم ولن تفعل ذلك لأنها تؤمن وتلتزم بالشرعية . وحرص الرئيس خلال هذه المقابلة على التذكير بأن: مؤسسة الجيش انسحبت نهائيا من الساحة السياسية منذ أواخر الُثمانينيات وقد انتهت هذه الفترة التي كان فيها ضباط من الجيش يحوزون على العضوية في اللجنة المركزية لحزب جبهة التحرير الوطني قائلا: الجيش لم يعد يمارس السياسة . لماذا يرفض المغرب استفتاء تقرير المصير؟ وبخصوص ملف الصحراء الغربية أكد رئيس الجمهورية على ضرورة عودة المغرب بسرعة إلى حل مقبول يتماشى مع القانون الدولي فيما يتعلق بالنزاع في الصحراء الغربية. وأشار الرئيس في معرض حديثه إلى أنه قد سبق له وأن عبر قبل ثمانية أشهر لعدد من السفراء عن مخاوفه من عودة جبهة البوليساريو لحمل السلاح مرة أخرى ومن أن صداما خطيرا قد يغير الوضع . وأوضح في ذات الصدد أن شباب الصحراء الغربية لا يشبه شيوخها فقد ولدوا في مخيمات تندوف وهم الآن في الأربعين من العمر يرفضون هذا الوضع ويريدون استعادة أراضيهم . وبخصوص فتح عدد من الدول قنصليات لها في الأراضي الصحراوية المحتلة أكد السيد تبون أن البعض يعتقد أنه بفتح قنصليات يغلق ملف الصحراء الغربية لكنهم مخطئون في ذلك . وفي رد على سؤال بخصوص اعتراف الرئيس الأمريكي السابق ب السيادة المزعومة للمغرب على الصحراء الغربية والموقف المنتظر من الرئيس الحالي- جو بايدن بهذا الخصوص تساءل رئيس الجمهورية قائلا: كيف يمكن أن نفكر في تقديم أرض بأكملها وبكافة سكانها لملك؟ أين احترام الشعوب؟ قبل أن يؤكد أن هذا الاعتراف لا يعني أي شيء فجميع قرارات مجلس الأمن المتعلقة بالصحراء الغربية مقدمة من الولاياتالمتحدة لا يمكننا العودة لفظيا عن كل ما فعلته واشنطن لإرضاء ملك . وتساءل الرئيس في ذات السياق لماذا يرفض المغرب استفتاء تقرير المصير؟ ليجيب: انهم يغيرون الواقع الاثني (تغيير التشكيلة الديموغرافية) وهذا له تداعيات بحيث انه يجعل الصحراويين داخل الصحراء الغربية أقلية مقارنة بالمغاربة الذين استقروا هناك وفي حالة التصويت لتقرير المصير فإن المغاربة الذين يعيشون في الأراضي الصحراوية سيصوتون من أجل الاستقلال لأنهم لن يرغبوا في أن يكونوا مجددا رعايا للملك . وأضاف في هذا الصدد قائلا: من المفارقة أن تكون لديك أغلبية مغربية وأن ترفض التصويت على تقرير المصير . وفيما يتعلق بالعلاقات الجزائرية-المغربية في سياق النزاع في الصحراء الغربية- أكد الرئيس تبون أن الدور المشرف في هذه العلاقات يعود للجزائر والقطيعة مع المغرب - وأنا أتحدث عن النظام الملكي وليس عن الشعب المغربي الذي نحترمه - يعود لفترة طويلة حتى أصبح أمرا مألوفا . وأوضح أن الصحراء الغربية كانت دائما موضع خلاف بين الجزائر والمغرب ولكنها ليست سببا للحرب وعلى المغرب الاحتكام للعقل: وأم عدوه مثلما هو الحال بالنسبة للجزائر هو التخلف والجزائر الآن في صدد التشييد سواء بوجود المغرب أو بدونه . ولفت في هذا الخصوص إلى أن المغرب كان دائما هو المعتدي قبل أن يؤكد قائلا لن نهاجم جيراننا أبدا سوف نرد إذا تعرضنا لهجوم لكني أشك في أن يحاول المغرب ذلك في ظل ما هو عليه ميزان القوى . وحول مسألة الحدود المغلقة مع المغرب أكد رئيس الجمهورية أنه لا يمكن فتح الحدود مع طرف آخر يهاجمك بشكل يومي .