الحماية المدنية تواصل حملاتها التحسيسية للوقاية من الأخطار    زرواطي تدعو من بشار إلى الوفاء لرسالة الشهداء الخالدة    محمد مصطفى يؤكد رفض مخططات التهجير من غزة والضفة الغربية المحتلتين    المغرب: تحذيرات من التبعات الخطيرة لاستمرار تفشي الفساد    الأمين العام للأمم المتحدة يؤكد أن حل الدولتين هو السبيل الوحيد للسلام في الشرق الأوسط    تواصل أشغال الدورة العادية ال38 لقمة الاتحاد الإفريقي بأديس ابابا    عرض فيلم "أرض الانتقام" للمخرج أنيس جعاد بسينماتيك الجزائر    " لطفي بوجمعة " يعقد اجتماعا مع الرؤساء والنواب العامين للمجالس القضائية    سفيرة الجزائر لدى أثيوبيا،السيدة مليكة سلمى الحدادي: فوزي بمنصب نائب رئيس المفوضية إنجازا جديدا للجزائر    وزارة الصحة تنظم فعاليات الأسبوع الوطني للوقاية في تيبازة    حسب مصالح الأرصاد الجوية " أمطار "و" ثلوج " على عدد من الولايات    بمناسبة تأسيس الندوة الجهوية حول تحسين علاقة الإدارة بالمواطن    الرابطة الأولى: نجم مقرة واتحاد بسكرة يتعثران داخل قواعدهما و"العميد " في الريادة    موجب صفقة التبادل.. 369 أسيراً فلسطينياً ينتزعون حريتهم    إعفاء الخضر من خوض المرحلة الأولى : الجزائر تشارك في تصفيات "شان 2025"    الذكرى ال30 لرحيله : برنامج تكريمي للفنان عز الدين مجوبي    المهرجان الثقافي للإنتاج المسرحي النسوي : فرق مسرحية تتنافس على الجائزة الكبرى "جائزة كلثوم"    مشاركون منتدى وكالة الأنباء الجزائرية..إبراز أهمية إعلام الذاكرة في تعزيز المناعة السيادية ومجابهة الحملات التضليلية    6 معارض اقتصادية دولية خارج البرنامج الرسمي    22 نشاطا مقترحا للمستثمرين وحاملي المشاريع    دور محوري للقضاء الإداري في محاربة الفساد    اختتام دورة تكوينية لدبلوماسيين أفارقة بالجزائر    العلاقات الجزائرية-الصينية تعرف زخما متزايدا في مختلف المجالات    إطلاق 565 سوق جوارية رمضانية عبر الوطن    الديوان الوطني للمطاعم المدرسية يرى النور قريبا    "سوناطراك" تدعّم جمعيات وأندية رياضية ببني عباس    تزامنا مع شهر رمضان:زيتوني يدعو التجار إلى تنشيط الأسواق الجوارية    تضاعف عمليات التحويل عبر الهاتف النقّال خلال سنة    الاحتلال أمام مسؤولياته تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار    إعلام الذاكرة مهم لمجابهة الحملات التضليلية    انطلاق التسجيلات للتعليم القرآني بجامع الجزائر    تنسيق بين "أوندا" والمنظمة العالمية للملكية الفكرية    حمّاد يعلن ترشحه لعهدة جديدة    جامع الجزائر.. منارة حضارية وعلمية وروحية    الاتحادية الجزائرية للفروسية: انتخاب فوزي صحراوي رئيسا جديدا    تنظيم الطبعة ال9 للمعرض الدولي للبلاستيك, الطباعة والتغليف من 24 إلى 26 فبراير    دراجات: طواف الجزائر 2025 / الجزائري ياسين حمزة يفوز بالمرحلة السابعة و يحتفظ بالقميص الأصفر    الطبعة الثانية لمعرض التجارة الإكترونية والخدمات عبر الانترنت من 22 الى 24 فبراير بوهران    اتفاقية بين وزارتي المالية والفلاحة    والي العاصمة يأمر بصبّ الإعانات المالية بداية من 15 فيفري    برنامج أثر 70 سيكون خطة عمل سنة 2025    منصة يقظة لمتابعة إنتاج ومخزون أغروديف    أبو عبيد البكري.. أكبر جغرافي الأندلس    بوبان يفتح النار على إدارة ميلان    المرافعة من أجل تسوية سياسية للنزاع بقيادة يمنية    محرز ينال تقييما متوسطا    مدرب بوروسيا دورتموند يشيد بخليفة رامي بن سبعيني    امرأة عشقت الجزائر ورفعت تاريخها القديم عاليا    كيف كان يقضي الرسول الكريم يوم الجمعة؟    سايحي يواصل مشاوراته..    صناعة صيدلانية : قويدري يبحث مع نظيره العماني سبل تعزيز التعاون الثنائي    وزير الصحة يستقبل وفدا عن النقابة الوطنية لأساتذة التعليم شبه الطبي    وزير الصحة يستمع لانشغالاتهم..النقابة الوطنية للأسلاك المشتركة تطالب بنظام تعويضي خاص    وزير الصحة يلتقي بأعضاء النقابة الوطنية للأسلاك المشتركة للصحة العمومية    هذه ضوابط التفضيل بين الأبناء في العطية    إمام المسجد النبوي يحذّر من جعل الأولياء والصَّالحين واسطة مع اللَّه    أدعية شهر شعبان المأثورة    الاجتهاد في شعبان.. سبيل الفوز في رمضان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أوقفوا خطف أطفالنا
نشر في أخبار اليوم يوم 23 - 02 - 2022


بقلم: أحمد سليمان العمري*
أطفالنا قرّة أعيننا وسويداء قلوبنا نهرب بهم إلى أقاصي البلدان البعيدة جغرافياً وعرفاً وديناً جبراً للحفاظ عليهم وحمايتهم من جلّاد يؤذي بالسوط بإسم الوطنية فنضيّعهم في القارّة الباردة بإسم العرف وتارة بإسم الدين وأخرى جهلاً.
في بلادنا العربية المنكوبة تغلب العاطفة في جلّ حياتنا على الموضوعية سياسياً اقتصادياً واجتماعياً وعلى كلّ الأصعدة.
لذلك يبدو أنّ أحد أهم فشل الأنظمة العربية هي إقحام العاطفة بغير مكانها فننتخب ابن العشيرة في البلدية والبرلمان لنختار نهاية الحكومة بذات الآلية أو الجهويّة وهي لا تختلف عن نظام القبيلة بشيء. فقط على سبيل الطرح لا الحصر.
*عاصفة إعلامية
ظهر فيديو متداول منذ قرابة ثماني سنوات ونيّف وأُعيد تداوله بكثافة يبيّن جهات حكومية سويدية تأخذ أطفال أسرة عربية.
وجدت هذه المأساة – ظاهرها مأساة وباطنها رحمة – تعاطفاً وتضامناً قوياً مع الأسرة وغيرها من الأسر التي واجهت ذات المصير مرفقة بعاصفة إعلامية مستمرة منذ قرابة أسبوعين ولغاية الآن فكثر الهرج والمرج والنسخ واللصق ونَشُط حاملي الخلويات الّذكية ليُقدَّم عمل المؤسّسات الحقوقية والإنسانية والرعاية على أنّه اختطاف واستهداف لأطفال العرب والمسلمين فظهرت وسوماً داعية لاسترجاع الأطفال إلى أسرهم ومتضامنة معهم مثل أوقفوا خطف أطفالنا وأوقفوا خطف أطفالنا في السويد لتنتشر مثل النار في الهشيم.
آلية طرح قضية العرب بإختلاف معتقداتهم والمسلمين في السويد والتي تستند إلى مصدر واحد وهم الأسر المتضرّرة ومواقع إعلامية قدّمت هذه المسألة من ذات المصادر أُحادية الجانب أي الأسرة ومقابلات أخرى عرضت مداخلات لم تفِ بالغرض بعضها قدّم الجانب القانوني الذي يدين بدوره الأسر المعنية وأخرى بيّنت ضعفاً بأعداد موظّفي مؤسّسة رعاية الأطفال بشكل عام والموظّفين المخّتصين أثّرت سلباً على إمكانيات مؤسّسة رعاية الأطفال والناشئة وأدائها مؤطّراً بعدم فهم هذه الأسر حديثة الإقامة في السويد للقانون أدّت هذه العوامل مشتركة إلى هذا المآل.
*تهييج الشارع العربي
الإعلام وظّف العاطفة بطريقة طرحه للموضوع لتهييج الشارع العربي فتقديمه المآسي – إن صحّ التعبير – والتغطية الإعلامية الواسعة بين مظاهرات ومقابلات لذوي الأطفال واستثناء المؤسّسات السويدية المعنية وعوضاً عن ذلك مقابلات مقتضبة مع محامي الأسر وآخرين جعلت الاسقاط والاستناد للأسباب التي قدّمتها الأسر ومحامي بعضهم أو الموقع العربي أو الإسلامي يصعب التحقّق منه.
المطّلع على الوجه الآخر لهذه المأساة يعي تماماً أنّ ما يسمّونه في هذا الفضاء اختطافاً هو في حقيقة الأمر حماية للأطفال.
الأنظمة الأوروبية المعنية بشؤون الأطفال والناشئة وليس السويد وحدها تتفاعل عندما تلاحظ أنّ هناك تغييرا سلوكيا للطفل وهذا لا يعني بالضرورة فصلهم عن ذويهم فهذه الخطوة هي الخيار الأخير لحماية الأطفال كأن يتعرّضون للضرب المبرح فهي تحميهم عندما يتبيّن أنّ الأسرة تمارس العنف على أطفالها تجنّبا لوقوع حوادث لا تُحمد عقباها ولا يمكن إصلاحها بأثر رجعي والأمثلة كثيرة لا حصر لها آخرها في ألمانيا قبل 6 أيام سقط رجل على الأرض وطفله بين ذراعيه فهزّه مرات عديدة غضباً ليفارق الحياة بعد أسبوع.
الحقيقة أنّنا ترعرعنا في مجتمعات يمثّل الضرب بها جانباً أساسياً من التربية والضرب المبرح أيضاً لكنّنا لم نر بهذا الجانب الذي يشبه حالات غوانتانامو من التربية شيئا يضرّ بالطفل كون المجتمع كان مشتركاً مع الآباء والأخوة يساهمون حيناً بالضرب ويسمّى تربية.
أخذ بعض من اللاجئين الذين تركوا بلادهم هرباً من الموت على أيدي نظام الأسد وغيره هذا الموروث المجتمعي الجائر معهم ظنّا منهم أنّ الضرب هو ضرورة في التربية لم يعرفوا غيره. لذلك سنترك مسمّيات هذه الحالات في السويد إلى أولئك المظلومين جرّاء فصل أبنائهم عنهم من وراء هذا النوع من التربية.
*كرامة الإنسان لا تتجزّأ
افتتاحيه الدستور الألماني الذي يطابق السويدي ومعه الأوروبي هي المادّه الأولى والتي تنصّ على:
كرامة الإنسان لا تتجزّأ وترجمتها القانونية أنّها غير محصورة على مجموعة عرقية أو جنسية أو دين وتُطبّق على كلّ إنسان يعيش على أرضها.
في المدن الأوروبية يوجد مساعدون للمحافظ عمدة أو رئيس البلدية كلّ باختصاصه فمنهم مساعد للشؤون الإجتماعية وبهذا الصدد نتحدّث وتحت إشراف هذا المسؤول أو المساعد تعمل إدارة شؤون الأطفال والناشئة تتضمّن هذه الإدارة قسما يسمّى قسم دعم ومساعدة العائلة والشباب والأطفال.
في حالة ملاحظة أي إشارات تدلّ على تعرّض الطفل إلى عنف جسدي أو نفسي يخبر من يلاحظ ذلك مديرية هذه الدائرة كالجيران المدرسة أو الحضانة. وهنا تبدأ الإجراءات الأولية.
في حالة وجود ضرب مبرح يقوم المسؤول بإتخاذ الإجراءات الضرورية لحماية الطفل المتضرّر بعدها تقوم المؤسّسة المعنية ممثّلة بالموظّف المسؤول بدراسة الوضع العائلي والأسباب التي أدّت إلى العنف وبناءً على نتائج الدراسة يعمل الموظّف على وضع برنامج قانوني وتربوي لحماية الطفل وإعداده وتهيئته وعائلته على حدّ سواء للرجوع إلى بيت الأسرة.
والإرشاد التربوي يعمل مع هذه المؤسّسة بالموازاة لدعم العائلة بالإضافة إلى الخدمة النفسية المدرسية إذا دعت الحاجة في حال وجود مشاكل تربوية نفسية عند الطفل.
الدراسة والإجراءات تتمّ تحت إشراف محكمة الشؤون العائلية وللأهل في طبيعة الحال حقّ النقض في الإجراءات الإدارية والقانونية.
*جهل الأُسر الجديدة
من أهم أهداف هذه الإجراءات هي تمكين العائلة بإيجاد جو تربوي إيجابي لتربية الأولاد ورعايتهم.
إذن الأمر ليس بهذه السهولة التي روّجت لها الجهات الإعلامية من خلال قصص من طرف الأُسر المتضرّرة وهي قصص مؤلمة لا محال.
الذي حصل في السويد من فصل الأطفال عن أسرهم هو تمخُّض عن قلّة خبرة الموظّفين المسؤولين فاعتمدوا على ثقة الموظّف بتقييم الحالة لعدم وجود أخصّائيين كفاية لتغطية الحالات الكثيرة التي دخلت الدولة بالجملة بالإضافة إلى جهل الأُسر جديدة الإقامة نسبياً بالقانون السويدي فاجتمع جهل المسؤول مع جهل الأسرة.
نهاية أود القول إنّ الضرب أو الضرب المبرح ليس هو وحده السبب وراء سحب الأطفال من ذويهم فهناك أسباب قد لا تكون ذات معنى في ثقافتنا كمراجعات الطبيب الدورية للأطفال أو الغياب بشكل لافت للنظر عن المدرسة أو منعهم من المدرسة. كلّ هذه الأسباب ذريعة لتدخّل الجهات المعنية أو حتى بأسوأ الحالات لزيارة الشرطة لمنزل ذوي الطفل.
لذلك يجب على الأسر البحث في قانون الدولة بما يتعلّق على الأقل بالأطفال تجنباً للوقوع بمثل هذه المطبّات الإجتماعية قد تتحوّل بالتفاقم إلى مآسي يصعب حلّها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.