صنع حلويات العيد قبيل حلوله بأيام عادة لازمت العائلات الجزائرية منذ أمد بعيد فلا مفر منها، وبعد أن كانت تجتهد النسوة من الأجيال السابقة في إعداد حلويات تقليدية لازالت في قاموس الحلويات الجزائرية إلى حد الآن، على غرار حلوى الطابع والغريبية والتشاراك والمحنشة... وعلى الرغم من منافستها من طرف أنواع عصرية غربية وشرقية إلا أنها أثبتت حضورها ولم تتأثر برياح العصرنة ولازالت العديد من النسوة يتمسكن بتحضيرها إلى غاية اليوم. وبعد الارتفاع الذي مس لوازم الحلويات كالمكسرات التي تدخل في تحضيرها مثل الجوز واللوز والفول السوداني إضافة إلى السكر والفرينة والبيض راح الكل يحسب أن اغلب النسوة سوف يقلصن من الأنواع المحضرة على خلاف السنوات الماضية، وعلى الرغم من انتهاج البعض لذلك النهج راحت الأخريات يتمسكن بإعداد أنواع تفوق عشرة أنواع ولم تفوت عنهن الأسعار فرصة التنويع التي سكنتهن حتى النخاع بهدف التباهي تارة وتبيين المهارات الشخصية تارة أخرى، لاسيما وان عرف تبادل الأطباق بين العائلات لازال جاريا في مجتمعنا بدليل تنقل المواطنين بتلك الأطباق والعلب في يومي العيد ليتخلل ذات المشهد كامل أيام الأسبوع الأول من العيد. وعادة تحضير حلويات العيد هي عادة حميدة وجديرة بالاهتمام كونها تجلب الفأل الحسن وتعبر عن فرحة الصائم باستكمال ركن الصوم كأحد أركان الإسلام الهامة لكن لا ينفي أحدٌ أنها تجاوزت حدودها الطبيعية إلى ما هو سلبي بالنظر إلى تكثيف بعض النسوة من عدد الأنواع المحضرة وتجاوزها الحد المعقول وبعد أن عهدت اغلب الأسر إلى تحضير أربع وخمس أنواع قفزت بعض النسوة إلى 12 نوعاً بكل ما تتطلبه تلك الأنواع من جهود مادية وعضلية، لكن كل شيء يهون حسبهن أمام مظاهر التباهي والتفاخر باستبدال الأطباق يوم العيد كدليل على مهارتهن في صنع الحلويات متناسيات أن ما يفعلنه هو من باب التبذير واستنزاف ميزانية كبيرة تؤدي إلى اختلال ميزانية الأسرة بعد العيد لاسيما وان اغلب الأسر ستصادف مباشرة بعد عيد الفطر المبارك الدخول المدرسي الذي يتطلب الكثير من الاستعدادات والتحضيرات هو الآخر. السيدة منال التقيناها وهي تجلب الفرينة بحيث طلبت من البائع 10 كيلوغرامات الأمر الذي دفعنا لاستفسارها عن عدد الأنواع المحضرة بالنظر إلى الكمية الكبيرة فقالت أنها تعكف على تحضير خمسة أنواع من الحلويات لاستقبال الضيوف وتبادل الأطباق مع الأهل والأقارب وقالت أن عدد الأنواع معقول مقارنة مع نسوة أخريات اللواتي يحضرن سبع أنواع من الحلويات. سيدة أخرى قالت أنها تحترف صنع الحلويات واحترافيتها تدفعها إلى التنويع من دون أن تشعر وقد تصل إلى إعداد 12 نوعا فما فوق، خاصة وان حلوياتها رائعة ومطلوبة من طرف الأهل والأقارب في العيد وعن الجهود المادية والعضلية المبذولة قالت أنها لا تشعر بهما بعد الفراغ من تلك الأنواع التي تمتع بإشكالها وألوانها عين الناظر إليها قبل أن يتذوقها. وعلى العموم وجب ترشيدُ الميزانية بالتقليص من عدد الأنواع التي تكلف الأسر باهظا ولا تشعر بالخلل إلا بعد حدوث العجز في آخر الشهر، في ذلك الحين لا تنفع تلك الحلويات المحضرة الأسر في شيء.