هدّد أمس نقيب منظّمة محامي العاصمة عبد المجيد سيليني بتنظيم مقاطعة مفتوحة على مستوى محاكم ومجلس قضاء العاصمة في حال لم تجب الوزارة على مطالب 40 ألف محامي بتعديل مشروع قانون مهنة المحاماة أو سحبه نهائيا في غضون شهر، مشيرا إلى أن رئيس الاتحاد الوطني للمحامين ونائبيه عادوا بخُفّي حُنين من الاجتماع الذي جمعهم مع الوزير في اليوم الأوّل من الإضراب· طلب سليني خلال النّدوة الصحفية التي عقدها أمس بمقرّ مجلس قضاء العاصمة من الحكومة تطبيق مواد القانون الجديد المنظّم لمهنة المحاماة التي تمّت المصادقة عليه مؤخّرا في دولة تونس الشقيقة، موضّحا في مقارنة بين قانوني الدولتين أن تونس ما تزال تعترف بأن مهنة المحامي مستقّلة وحرّة ولا تدخل تحت أيّ وصاية وهو المبدأ المسلّم به عالميا، وأن هناك أربع مواد فقط تسمح من خلال نصوصها إبلاغ وزير العدل دون السّماح بتدخّله عكس قانون تنظيم مهنة المحامين الجزائريين الذي يحمل في طيّاته 40 مادة تمنح لوزير العدل السلطة في اتّخاذ إجراءات ضد الدفاع. والأخطر من ذلك حسب ما أدلى به النّقيب هو أن قانون التونسيين نصّ على أن لا يتعرّض المحامي خلال ممارسته إزاء الإدارة والمؤسسات والهيئات العمومية وحتى الشرطة إلاّ للمساءلة التأديبية مقارنة بالمحامي الجزائري الذي سيكون معرّضا وفق القانون الجديد للمساءلة والتأديبية والمتابعة الجزائية والتوقيف عن ممارسة المهنة في حال رنّ هاتفه أثناء جلسة المحاكمة· كما أعرب النّقيب عن استيائه من هذا القانون الذي أطلق عليه تسمية (قانون ارجع للوراء) لما فيه من حدّ لحرّية المحامي في الدفاع عن حقوق المتقاضين من خلال إخضاعه لسلطة الوزارة وتهديده من طرف النيابة العامّة بالمتابعة الجزائية في حال إخلاله بأيّ إجراء، إلى جانب أنه في حال اعتمد النّقيب مكتبا مشتركا فهو مجبر على إخطار الوزير الذي لديه السلطة في منعه، وهو الأمر الذي شبّهه بأنه في حال منح أحد رؤساء البلدية شهادة إقامة لأحد المواطنين فعليه إخطار وزير الداخلية والجماعات المحلّية بالأمر، فضلا عن أن الوزير لديه السلطة المطلقة لإلغاء قرارات ومداولات المجالس القضائية، كما أن القانون يمنع أن تكون استشارة من المجلس فيما يخصّ مهنة المحامي على جانب إخضاع الجمعيات العامّة لرقابة الوزير. وأكّد سيليني تمسّك جميع محامي العاصمة بمطلبهم في سحب المشروع وليس تعديل بعض المواد باعتبار أنه لا يمكن تعديل 40 مادة، غير أنه لا يمكن الخروج عن قرارات الجمعية العامّة التي ارتأت تعديل بعض مواده التي تقيّد حرّية الدفاع، مشيرا إلى أنه إضافة إلى هذه المواد فالنقابة تطالب بتحسين الظروف غير الملائمة والمزرية التي يمارس فيها المحامي وظيفته، حيث يعاني جلّ المحامين من منعهم من المرافعة واستجواب المتّهمين في الجلسة من طرف بعض القضاة متحجّجين بضيق الوقت وهذا لجدولتهم قرابة 600 قضية للفصل فيها في يوم واحد، وهي النقطة التي أعاب عليها النقيب موضّحا أنه لا يمكن للعقل البشري أن يستوعب حيثيات هذا العدد الكبير من الملفات ويشكّل خرقا قانونيا عند منع المحامي من المناقشة مع المتهمين· أيضا، أعاب سيليني بعض التجاوزات التي تقع فيها النيابة وحتى رئيس الجلسة، من بينها رفض القضاة منح الإفراج المؤقّت داخل الجلسة حتى لو توفّر الطلب على جميع الضمانات الكتابية وعدم إلغاء غرفة الاتّهام لأيّ إيداع أمر به قاضي التحقيق، وهي الإجراءات التي تضرّ بالمواطن الذي أصبح ينفر من العدالة لأن لم يعد بمقدوره استرجاع حقّه وملكيته، واصفا العدالة بعدالة الأثرياء بسبب ارتفاع المصاريف القضائية· كما طالب سيليني بضرورة إشراك هيئة الدفاع في إنجاز هذا القانون وفقا لما يخدم مصلحة المواطن بالدرجة الأولى وخفض الضريبة إلى 07 بالمائة على غرار الأطبّاء وسحب الاستشارة القانونية من السجّل التجاري من طرف وزارة المالية، وهو المطلب الذي لن يتراجع عنه المحامون لما فيه ثغرة قانونية، حيث سمح هذا القانون بدخول مكاتب أجنبية تقوم بتقديم استشارات قانونية هي في الأساس من اختصاص المحامي وهذا باستعمال أختام محامين جزائريين في حين ممنوع على المحامي الجزائري أن يمارس نشاطه في الخارج دون دورة تكوينية وموافقة رسمية من الوزارة، موضّحا أن هذه المكاتب الأجنبية تعمل على تهريب الأموال إلى الخارج·