كتب الشيخ علي جمعة مفتي الديار المصرية في صحيفة »واشنطن بوست« الأمريكية يقول إن الرئيس الأمريكي باراك أوباما، خيب آمال العالم الإسلامي بعدما وعد في خطابه بالقاهرة العام الماضي ببداية جديدة في علاقة واشنطن بالدول الإسلامية، ولم يستطع أن يفي بوعده. وعلى الرغم من أن أوباما استطاع بجهوده تغيير بعض السياسات الأمريكية تجاه العالم الإسلامي، فإن ذلك لم يستطع أن يمنع خيبة أمل الناس الذين توقعوا ما هو أكثر من مجرد شعارات وتصريحات شجاعة منه. وشدد جمعة على ضرورة استغلال الروح الجديدة التي صاحبت خطاب أوباما، ومناقشة كيف يمكن تحويل الشعارات النظرية إلى برامج عملية يمكن أن تكون جسرا للحوار وشراكة حقيقية ومؤثرة بين الشرق والغرب. واقترح جمعة عدة وسائل يمكن من خلالها بناء علاقة بناءة بين العالم الإسلامي والولاياتالمتحدةالأمريكية. فالإسلام الذي حث على الرحمة، والتعارف بين شعوب الأرض، أمر بذلك لا ليقتل بعضهم بعضا، وإنما ليتعاونوا على البر وإصلاح الأرض. وأكد على أن المسلمين لا يكرهون الحياة، ولا يسعون للإخلال بتوازن المجتمع، بل يعتبر من يفعل ذلك خارجا عن تعاليم الدين الإسلامي الحنيف، موضحا أن »أهم ما يحقق الاكتمال للحضارة الإنسانية هو الحوار بين الثقافات والأديان المختلفة، وهذا لا يتحقق إلا بقبول الآخر«. وأشار المفتي إلى أن هناك حاجة ماسة لبذل الجهود على عدة مستويات، منها أن يتم إعلاء قيم التسامح وتقبل اختلاف الثقافات من خلال التعليم، والربط بين المجتمع المدني والإعلام والجهود الحكومية وبين العلماء والمفكرين والشباب في أي مجتمع. وأضاف أنه ينبغي أن تتم إزالة كل المفاهيم المغلوطة التي عادة ما تكون آراء الناس وتصرفاتهم تجاه الآخر، على سبيل المثال وضع المرأة في المجتمعات الإسلامية ودور الشريعة وحقوق الأقليات، حيث يجب أن تتم مناقشة كل القضايا غير الواضحة أو التي تحتمل سوء تفاهم، على ضوء خلفياتها التاريخية والثقافية. وأوضح الدكتور علي جمعة أن الغرب يحصر وضع المرأة المسلمة في خانة »قضية المرأة« وهو تصنيف غير معهود في البيئة المسلمة التي تعتبر المرأة والرجل متكاملين جوهريا، سواء كانوا أفرادا، أو كأسرة، أو كمجتمع كامل. ولا تقتصر رؤية الإسلام للمرأة على كونها مثلا أول مسلمة، كالسيدة خديجة زوجة الرسول رضي الله عنها، وإنما يحتفي التاريخ أيضا بنساء مسلمات تولين الحكم، والقضاء والتعليم، وجاهدن في معارك حربية، وأفتين، وتولين شؤون العامة والاقتصاد. وقد أكدت فتوى أصدرتها دار الإفتاء المصرية على حق المرأة في أن تصان كرامتها، وفي التعليم والعمل، وأن تتولى كافة المناصب القيادية السياسية التي ترغبها، بينما أدانت وبشدة كل شكل للعنف ضد أي امرأة. وذكر جمعة أن الرئيس أوباما أشار أثناء خطابه في القاهرة، أن المجتمعات الإسلامية أثرت كل المجالات العلمية على مدار التاريخ، وهو ما يؤكد على ضرورة أن يكون هناك قنوات دائمة للتبادل الثقافي والعلمي والتكنولوجي والاقتصادي بين العالم الإسلامي وبين الولاياتالمتحدةالأمريكية. وأكد مفتي الديار المصرية على أنه لا يمكن تحقيق هذا التعاون إلا في وجود بيئة تحترم الشرعية الدولية والخصوصية الدينية والتقاليد الثقافية لدى كل الشعوب، فالتغيير ببساطة لا يمكن أن يفرض على أحد.