هي عبارة عن فيلات فخمة تحولت إلى مدارس خاصة، تحاول كسب رهان التعليم الخاص بالجزائر، وقد انتشرت بشكل رهيب في الآونة الأخيرة، غير أن ما يلام على بعض هذه المدارس هو اعتمادها الكلي على اللغة الفرنسية في تقديمها للدروس، إضافة إلى انتهاجها لبرامج تعليمية أجنبية، خاصة المنهاج الفرنسي دون البرنامج التعليمي الجزائري، مع أن الدولة أصدرت مرسوما وزاريا يقضي بغلق المدارس الخاصة التي لا تقوم بتدريس المنهاج الجزائري في أقسامها، إلا أن بعض هذه المدارس، خصوصا تلك التي تشتغل بطرق غير قانونية، والتي يكون مالكوها من النخبة الفرانكفونية المتحفظة على مناهج التعليم الحكومي، لا زالت مصرة على سلوك هذا الاتجاه الخطير، الذي من شأنه أن يزرع في التلاميذ قيما غير القيم المعروفة لدى المجتمع الجزائري· حسب بعض المطلعين على هذا المجال، فإن بعض هذه المدارس، تحاول زرع أفكار مسمومة في عقول التلاميذ، وتدفعهم إلى انتهاج البرجوازية الجديدة، من خلال تدريسها للبرنامج الفرنسي بحذافيره، بما فيها التاريخ الفرنسي، على أرض الجزائر ولأبناء الجزائر، فهي بذلك تغتصب منها مستقبلها وتصادر أبناءها الذين سيكونون مهندسين ودكاترة الغد، ومن أجل تحقيق ما تصبو إليه لجأت بعض هذه المدارس إلى حد الاحتفال بعيد الميلاد ورأس السنة على الطريقة الأوروبية بالمدرسة، لترسيخ الثقافة الغربية أكثر في رؤوس أبناء الجزائر ولإبعادهم عن عاداتهم وتقاليدهم الإسلامية التي تربوا عليها، كما ساعد تهافت الأولياء على المدارس الخاصة في بروز التعليم الخاص بهذا الشكل الرهيب، ورغم المبالغ المالية الضخمة التي تتطلبها الدراسة في أقسامها، إلا أنك تجدهم يسابقون الزمن للحصول على مقاعد لأبنائهم فيها، بحجة أن مستوى التعليم في المدارس الحكومية ضعيف، إذ يسارعون إلى تسجيلهم رغم معرفتهم السابقة بأن بعض هذه المدارس تعتمد على تدريس مناهج فرنسية، وهمهم الوحيد هو تجنيب أبناءهم تحصيلا علميا باللغة العربية الرسمية للبلاد والمناهج التربوية الجزائرية، التي يعود الفضل لها في إخراج العديد من الإطارات التي تسير دواليب الإدارة، مقابلين فضلها بإدارة ظهورهم للتعليم العام وبالتالي إرسال أبنائهم للتعليم الخاص· ولمعرفة رأي المواطنين في هذا الموضوع، قامت (أخبار اليوم) بسؤال بعض المواطنين، إذ يقول السيد (م·ع) إن السبب في انتشار هذه المدارس هو تكسير المدرسة العمومية ببرامج غير مدروسة ضيعت أجيالا كاملة، لتمهيد الطريق أمام هؤلاء الذين يدرسون البرامج الفرنسية، إذ سيتولون في المستقبل زمام الأمور في البلاد بثقافتهم الغربية، وبالتالي سيتسلطون على أبناءنا، ليضيف أنه ليس ضد المدارس الخاصة لكنه يعيب على بعض الأولياء تعمدهم وحرصهم الشديد على تدريس أبنائهم في مدارس لا تتقيد بالبرنامج الدراسي الوطني، ليعقب قائلا إنه على هذه المدارس أن تكتسب أولا شرعية بقاءها في المجتمع الذي تنشأ فيه من خلال المحافظة على عاداته وتقاليده وعدم التعدي عليها بنشر عادات وثقافات بلدان أخرى غير الجزائر، إذا ما أرادت الاستمرار و اكتساب السمعة الطيبة والمكانة المرموقة في مجتمع محافظ كالمجتمع الجزائري· مواطن آخر وهو أحد الأولياء الذين قاموا بتدريس أبنائهم في أحد المدارس الخاصة، قال إنه لا يمكننا نفي دور هذه المدارس في تحقيق قفزة نوعية في مجال التعليم، غير أننا يجب أن نعرف كيف نتحكم فيها ونجعلها تكملة للمنظومة التربوية الوطنية، حيث يجب أن تكون خاضعة للرقابة الدائمة لتقييدها بدفتر الشروط الذي مكنها من فتح أبوابها أمام التلاميذ، كما يجب مراقبة الأفكار والدروس المقدمة للتلاميذ، وإذا ما كانت تحترم المبادئ العامة للتعليم في الجزائر أم لا، كما يجب تركيز الاهتمام على الجانب السلوكي والأخلاقي الذي لا تعيره هذه المدارس أي اهتمام ويكون واضحا وجليا في سلوكات وتصرفات تلامذتها، فبعض هؤلاء يتصرفون على راحتهم يرتدون ويفعلون ما يشاءون، وكأنهم يعيشون في بلد غربي غير بلدهم الجزائر، وإذا ما تجرأت وتدخلت فيهم فستسمع كلاما جارحا والأدهى من ذلك فهم يستعملون كلمات بذيئة بالغات المختلفة، وهذا أكبر دليل على تدني أخلاق بعض تلامذة المدارس الخاصة نتيجة للأفكار المسمومة التي تزرعها في عقولهم· من جهتها صرحت السيدة (ب·ع) وهي مديرة لإحدى المدارس الخاصة، إنه هناك فعلا بعض المدارس التي لم تخضع لدفتر الشروط، ولازالت تقدم برامج دراسية فرنسية، إذ تقول بأنها تفرض على الأساتذة تدريس مناهج غير المناهج الوطنية، كما أنها تعمل أيضا على منح شهادات دراسية فرنسية تمكن الطلبة من اجتياز الباكالوريا الفرنسي، فهي بالتالي تحضرهم منذ الصغر للهجرة بإكسابهم قيما لا تمت بصلة لتراثنا، فيحببونهم في كل ما هو أجنبي، ويحضرونهم للاندماج في مجتمع لا يعرفون عاداته وتقاليده، فيفقدون بذلك كل ما يربطهم بوطنهم وشعبهم، وبالتالي يتجردون من الهوية الوطنية تماما بحرمانهم من الاطلاع على تاريخ وطنهم الأصلي، لتضيف وبرغم أنها مديرة لمدرسة خاصة، إلا أنها تطمح وتأمل من السلطات الالتفات إلى المدرسة العمومية لإصلاحها وحمايتها، حتى يكون هناك تكامل بين التعليم الخاص والعام، بدل الصراع الذي يؤدي إلى حرب مدرسية تقضي على التجانس الاجتماعي في المستقبل· ولتحقيق الوحدة الوطنية، يجب العمل على تحقيق التكامل والتكافل والتنسيق والتوحيد، بين الأنظمة التربوية والأنشطة الثقافية والعلمية لكسب شباب واع ومثقف يمكنه حمل مشعل العلم مستقبلا·