عندما تريد قصد وجهة ما، وتقصد الحافلة لذلك يجب عليك دفع ثمن التذكرة بمجرد صعودك على متنها، لكي لا تقع في مناوشات مع قابضي الحافلات، غير أنه اليوم يكون لزاما عليك أن تعطيه المبلغ المعين للتذكرة لا أكثر، إذا ما أردت أن تعاد إليك بقية نقودك، دون أن تقع في شجارات مع بعض القابضين الذين يجعلون منها حجة لكسب المزيد من النقود ولو بطرق غير شرعية، وعلى حساب المواطن، إذ أصبح بعض القابضين لما تعطيه مثلا ورقة 200دج يقول لك انتظر سأرجع لك بقية الفكة بعد قليل، غير أنه يبقى يماطل لتنزل أنت من الحافلة، وقد تعرضت للسرقة بطريقة غير مباشرة· إن هذه الظاهرة التي انتشرت مؤخرا لدى بعض القابضين، أثارت الاستياء والتذمر الشديدين لدى المواطنين، خصوصا وأنه لم يسلم منها لا الكبير ولا الصغير، أما أكثر المتضررين منها هم الشيوخ والعجائز نظرا لكثرة نسيانهم، وقدرة هؤلاء القابضين على مراوغتهم، يقول أحد المواطنين وهو في العقد السادس تقريبا من العمر، إنه تعرض لمرات عديدة لهذا الموقف، لأنه ينسى كثيرا، ففي كثير من الأحيان نزل من الحافلة وترك بقية نقوده عند القابض، لكنه اليوم ومع كثرة ما تعرض له من مواقف، تفطن لحيلهم وأصبح يعطيهم ثمن التذكرة لا أقل ولا أكثر، سيدة أخرى تقول بأنها ذات مرة أعطت القابض ورقة نقدية من فئة 500دج وهو ما كانت تملكه في جيبها فقط، ليقول لها بأنه سيعيد لها الفكة لدى نزولها، خاصة أنها ستنزل في المحطة الأخيرة للحافلة، لكنها غيرت رأيها ونزلت في غير تلك المحطة، ونظرا لنسيانها أنها تنتظر الفكة منه، نزلت مباشرة ولم تتفطن إلى ما فعلته إلا بعد أن تحركت الحافلة، مما أجبرها على الجري وراءها والصراخ لكي تتوقف، وهو الأمر الذي لم تحصل عليه أبدا، فالحافلة أكملت طريقها، وبقيت هي وحدها دون سنتيم واحد في الجيب، لتضيف أنها منذ ذلك اليوم لم تعد تستعمل الحافلة إطلاقا، نتيجة لخوفها من تكرار التعرض لمثل ذلك الموقف الشنيع، متسائلة كيف لهؤلاء أن يستطيعوا فعل مثل هذه الأمور، خصوصا وأنهم يعرفون أنهم بذلك يقومون بالسرقة، ولو بطريقة غير مباشرة، نفس الموقف يتكرر يوميا مع المواطنين، وفي كل مرة يكون المواطن هو الضحية· وإذا كان بعض المواطنين يرضون بما كتب الله عز وجل عليهم، ويدركون خسارتهم فعليا لبقية نقودهم، هناك بعض آخر لا يغفر لهؤلاء مثل هذه الغلطات، لتجدهم يقعون في شجارات عنيفة تصل إلى حد استعمال الأيادي ومختلف الكلمات البذيئة، مثلما حصل اليوم بمحطة بن عمار بالقبة، أين تشاجر كهل في الخمسينيات مع قابض شاب لا يتجاوز العقد الثاني من العمر، فالمواطن أعطاه ورقة نقدية من فئة 200دج منذ صعوده على متن الحافلة من محطة عين النعجة، وحتى لما وصلت الحافلة إلى محطتها الأخيرة، بقي القابض يماطل في إرجاع الفكة، إلى أن طالبه المواطن بها، في ذلك الحين حدثه القابض بلهجة ساخرة، وهو ما دفع ذلك المواطن إلى رفع يديه عليه، لينشب شجار عنيف استدعى تدخل من كان هناك لفض النزاع، غير أن اللوم يعود على القابض الذي كان مخطئا من البداية· لتكون هذه معاناة المواطنين اليومية مع قابضي الحافلات الذين يستعملون كل الطرق غير الشرعية لكسب نقود إضافية·