هي إحدى سيدات الطبخ التقليدي الجزائري، عشقت هذا الفن الأصيل وبذلت لأجله كل وقتها وجهدها، فأبدعت فيه وتألقت، واستطاعت أن تكون بحق مدرسة تقصدها الكثيرات لتعلم مبادىء وأسس الطبخ التقليدي والحلويات الجزائرية، لا تبخل بمعرفتها في هذا المجال على تلميذاتها، وكل من يقصدها، فتمنحه بكل حب واعتزاز أسرار صنعتها، تقول إن سر نجاحها ينبع بالأساس من حبها لفن الطبخ الجزائري وسعيها الدائم إلى ابتكار الجديد فيه عبر إبداع أطباق جديدة ومتنوعة تنطلق من التقليدي، تتفنن في وضع لمساتها السحرية عليه، فتكون النتيجة من أروع ما يكون، شكلا ومذاقا، هي السيدة سعيدة بن بريم، المختصة في الطبخ التقليدي والحلويات الجزائرية وصاحبة مدرسة تكوينية خاصة في هذا المجال· خطوة الألف ميل تبدأ بخطوة من هذه الحكمة الصينية القديمة، انطلقت السيدة بن بريم سعيدة لتحقيق حلمها في النهوض بالطبخ التقليدي الجزائري سواء الأطباق والأكلات أو الحلويات، والعمل على التعريف به، وإبرازه، ونقله للأجيال الجديدة، والراغبين في اكتشاف أسراره ومبادئه، ولأن البداية تكون صعبة دائما، فإن انطلاقة السيدة بن بريم، كانت من منزلها الصغير المتكون من ثلاث غرف، سنة 1998، حيث بدأت بتعليم هذه الحرفة للراغبات في ذلك، ضيق المسكن، لم يشكل عائقا أمام اتساع أفقها ورحابة صدرها، وإصرارها على تحقيق هدفها، فكافحت كثيرا مستمدة قوة صمودها من حب هذا الفن الجزائري الأصيل الذي يمكن أن يشكل عاملا هاما من عوامل الترويج السياحي والتراثي في البلاد، لو تم منحه الاهتمام اللازم، مثله مثل غيره من أنواع الطبخ التقليدي في كل دول العالم، الذي يسعى أبناؤه إلى تسويقه والتعريف به، عالميا، باعتبار أن الطبخ مرآة عاكسة لحضارة أي مجتمع، وعاداته وتقاليده، وموروثه الثقافي والشعبي المتعاقب على مدى قرون طويلة، تقول السيدة بن بريم: (إن المنعرج الحاسم في مشوارها كان بعد ظهورها في حصة تلفزيونية، كانت فرصة لتقديم إبداعها وتميزها في هذا المجال، وقد لاقت الحصة صدى كبيرا ظهر في إقبال الكثيرات عليها لأجل تعلم فن الطبخ والحلويات على حد سواء، خاصة وأنها لم تكتف بالأنواع والأصناف التقليدية فحسب بل سعت إلى عصرنتها وتجديدها بما يتلاءم وتطلعات واهتمامات وكذا ميولات الأجيال الجديدة، وتمكنت خلال سنة 2001 من الحصول على الاعتماد لأجل فتح مدرسة خاصة بتعليم الطبخ والحلويات التقليدية الجزائرية· وتقول السيدة بن بريم، إن جوهر وسر نجاح الطبخ التقليدي أو الحلويات، يعتمد بشكل مباشر على التجديد فيه، مؤكدة أن حوالي 99 بالمائة من الجزائريين اليوم يبحثون عن الابتكار، والتنويع، في الشكل أو المذاق، سواء تعلق الأمر بالأطباق التقليدية أو الحلويات الجزائرية العريقة، وهي ما تسعى لتقديمه دائما، قائلة إن السيدات الجزائريات والفتيات على السواء، ممن يقبلن على تعلم هذا الفن، يقبلن عليه بكل حب ويبحثن عن النجاح فيه، ويبذلن مجهودات كبيرة من أجل ذلك، ولا يقتصر الأمر على الماكثات بالبيت فحسب، أو صاحبات المستوى الدراسي المحدود، وإنما يشمل الأمر حتى المتعلمات والموظفات وصاحبات الشهادات العليا، لإدراكهن أن المرأة الجزائرية لا يمكن أن تكون سيدة بأتم معنى الكلمة سواء في بيتها أو في بيت زوجها، إن لم تتقن كيفيات إعداد مختلف الأطباق الجزائرية، وبعض أنواع الحلويات، والمدهش تضيف السيدة بن بريم أيضا أن هنالك سيدات أجنبيات قصدن المدرسة لتعلم كيفية إعداد بعض الأطباق التقليدية الجزائرية والحلويات أيضا لإسعاد أزواجهن الجزائريين الذين جلبوهن إلى المدرسة لأجل ذات الغرض، وهو حال سيدة إسبانية قدمت من أجل هذا الهدف خلال الصائفة الماضية، إضافة إلى إقبال سيدات من تونس وتركيا والمغرب لأجل أخذ دروس في فن الطبخ· وتؤكد السيدة بن بريم، أن الطبخ التقليدي الجزائري، إرث غني ومن واجبنا التعريف به ونقله للعالم، مثلما هو الحال لبقية أنواع الطبخ الأخرى سواء العربية أو الغربية، ولا يجدر بنا إهماله، بل علينا العمل بكل جهد من أجل نشره بين الجزائريين أنفسهم وبين الأجانب كذلك، وتجدر الإشارة أن السيدة بن بريم سعيدة قد شاركت في عشرات المسابقات ونالت جوائز ومراتب مشرفة دائما، كما أنها أصدرت حوالي 11 كتابا متنوعا، اثنان في فن الطبخ، أما البقية فخاصة بالحلويات التقليدية الجزائرية المختلفة·