تعرض مكتب قناة "العربية" في بغداد إلى هجوم انتحاري صباح امس الاثنين، وسط تضارب الأنباء حول طريقة تنفيذه. وتشير المعلومات الأولية إلى سقوط عدد من الضحايا، هم من الحرس الذين كانوا يؤمّنون حماية المكتب, إضافة إلى عاملين في مقهى المكتب، أما الجرحى فمنهم عاملان على الأجهزة الفنية. واستقطبت ضخامة الانفجار الذي دمر المكتب بالكامل عدداً هائلاً من القوات الأمنية وفرق الإنقاذ, الذين مُنعوا دخول أي أحد إلى المكتب, حتى المراسلين, خوفاً من وقوع انفجار آخر. بينما عرقل اشتعال مولدات الكهرباء والسيارات القريبة من المكتب مهمة الإنقاذ. الزميل طارق ماهر، الذي كان داخل المكتب حين تنفيذ الهجوم، نقل أن التفجير حصل عند الساعة التاسعة و25 دقيقة بتوقيت بغداد، "حين شعرنا بانفجار هز المبنى ودمّره بالكامل، كما طالت الأضرار المنازل المجاورة". وأكد ماهر أن "من بين الضحايا عاملة نظافة عراقية في الخمسينات من العمر، وقد توفيت فور وقوع التفجير، الذي أحدث أيضاً حفرة كبيرة أمام باب المكتب، كما تسبب في دمار هائل في المكان". ونقل ماهر عن خبير المتفجرات في الامن العراقي أن كمية المتفجرات المستخدمة بلغت 120 كيلوغرام من الامونيوم الشديد الانفجار، التي تم استخدامها في الهجوم. من جهته، أشار مراسل القناة في بغداد ماجد حميد، إلى أن الانتحاري اخترق البوابة الأولى من الحراسة، واقترب من المكتب حيث قام بتفجير نفسه، ما أدى إلى جرح عدد من الموظفين والحراس المتواجدين في المكان. إثر التفجير، قامت القوى الأمنية بتطويق المكان بشكل كامل، ولم يسمح للموظفين بالدخول أو الخروج من المكتب، فيما وصل خبراء الأدلة الجنائية إلى المكان لتحديد كمية المتفجرات المستخدمة في الهجوم. وفي اتصال مباشر مع قناة "العربية"، أكد اللواء قاسم عطا أن الانفجار حصل من خلال سيارة نقل ل9 ركاب، حيث تخطى المهاجمون نقطتي تفتيش. وبعد الدخول بعشر دقائق حصل الانفجار، والضحايا حتى الآن 4، مع إصابة أكثر من 10 من المواطنين والحراس. وكشف أنه تم العثور على وثيقة ل"القاعدة"، تتحدث عن مخطط استهداف "العربية". وأشار إلى أنه تم التحفظ على المسؤولين الأمنيين المسؤولين عن حماية المكتب، لمعرفة كيفية السماح بدخول السيارة، وعدم التدقيق في هوية المهاجمين. واعتبر التفجير "جزءاً من سياق الأحداث في العراق. لا نستطيع أن نفسر الأحداث بشكل منفصل من 2003 وحتى الآن". ووجه نقيب الصحافيين العراقيين وهيب اللامي اللائمة إلى البرلمان العراقي، مشيراً إلى أن النقابة طلبت حماية المؤسسات الصحفية، بقوة متخصصة في حماية المدافعين عن الحرية، مبينا أن هذا العمل الإجرامي ليس استهدافا للعربية فقط، بل هو استهدف لكل من يقاومون لأجل الديمقراطية وحرية التعبير، ورفعنا ذلك إلى البرلمان ولم يقر". من جانبه، أوضح عامر فياض، المحلل السياسي في قناة "العربية"، أن المؤشرات تقول إن "الجهة المعنية بالأعمال الانتحارية هي القاعدة وأذنابها". واعتبر العملية الانتحارية جزءاً من العراك السياسي في العراق. وافتتحت قناة "العربية" مكتبها في بغداد في سبتمبر 2003، وتعرضت منذ ذلك الوقت لعدة هجمات في العراق. ففي 2008، نجا مدير المكتب جواد حطاب من الموت في انفجار عبوة وضعت في سيارته. وفي عام 2006، قتل سبعة أشخاص وأصيب 20 في انفجار سيارة مفخخة استهدفت مكاتب القناة التي كانت في حي آخر في العاصمة العراقية. كما اغتيل بعض صحافيي القناة في عمليات محددة الأهداف، ومنهم أطوار بهجت التي قتلت في فبراير 2006 قرب سامراء، فيما أصيب بعضهم في محاولات اختطاف، مثل جواد كاظم في جوان 2005.