يعتبر محمد شعيب من أبرز اللاعبين الذين أنجبتهم الكرة الجزائرية في أعز أيامها، رفقة الجيل الذهبي، رفقة بلومي ماجر دحلب قندوز وغيرهم، قدم الكثير لفريقه رائد اللقب، الفريق الذي توج معه موسم 1980 - 1981 بلقب البطولة الوطنية وهو اللقب الوحيد الذي حاز عليه رائد القبة منذ الاستقلال· حاوره بن عبد القادر بعد سنوات طويلة من السرية إن صح التعبير، عاد محمد شعيب منذ سنتين إلى الواجهة من بوابة فريقه الأبدي رائد القبة، بتعيينه كمناجير عام للفريق، لكنه سرعان ما ترك الفريق، حيث عمل كمساعد مدرب لعبد الحق بن شيخة في المنتخب الوطني، وهو نفس المنصب الذي شغله رفقة بن شيخة بعد تعيينه مدربا لمنتخب الوطني الأول، لكن برحيل بن شيخة رحل شعيب، وهاهو اليوم يشرف على الأكاديمية العسكرية لتنقيب على اللاعبين الصغار، لتدعيم النوادي الجزائرية والمنتخبات الوطنية بلاعبين ذوي مستوى عال· ** بداية أين هو محمد شعيب؟ * أشرف على الأكاديمية العسكرية للبحث عن المواهب الشابة· ** قبل سنتين من الآن غبت عن الساحة الكروية، قبل أن تعود كمناجير عام مع رائد القبة، أين كان شعيب طول هذه المدة؟ * لم أبتعد عن الرياضة كما قلت بل كنت أعمل إلى جانب الخبير الألماني بيتر شنيقر كمؤطر في اللجنة الوطنية التي كنّا نشرف على تكوين مدربي الفئات الصغرى رفقة الخبير الألمالني شتينغر، وعلى ذكر هذا الأخير فرحيله خسارة كبيرة لكرة القدم الجزائرية لأن هذا الخبير المحترم كان يقوم بعمل احترافي كبير على مستوى القاعدة· ** كم من مدرب أشرفتم على تكوينه خلال إشرافكم رفقة المدرب الألماني بيتر شنيقر على تكوين مدربين للفئات الصغرى؟ * تخرج من مدرسة شنيقر حوالي 140 مدرب للأصناف الصغرى من القسمين الأول والثاني من ضمن المتخرجين خريجي المعاهد الوطنية ولاعبين قدماء· ** هل يوجد فرق بين المدرب المتخرج من المعاهد والمدرب المتخرج من الميادين؟ * أظن أنه لا يوجد فرق كبير بين الفئتين، وعلى المدرب المتخرج من الميادين تلقي تكوين أكاديمي حتى يطور أكثر معلوماته ويكتسب تقنيات التدريب الحديثة ويوظفها مع خبرته السابقة في ميادين كرة القدم، لأن عالم كرة القدم اليوم تطور أكثر على ما كان عليه في الماضي من حيث الجانب البدني والاعتماد على السرعة والتنسيق الجماعي إلى جانب الفنيات الفردية· ** ما الفرق بين لاعب الثمانينات واللاعب الحالي؟ * الفرق هو أن الأندية الجزائرية في السنوات الماضية لم تكن تعتمد على العمل الاحترافي وإنما على موهبة اللاعب لا أقل ولا أكثر· وكنا نلعب بمشاعرنا وندافع على ألوان الفريق، أما اليوم فرياضة كرة القدم أصبحت أكثر منها تجارية عما كانت عليه، وعلى اللاعب أن يشرف العقد الذي يربطه بالفريق ويقدم ما لديه مقابل الأموال الكبيرة التي تصرف على استقدامه إلى جانب العلاوات ومنحة الإمضاء ومصاريف أخرى· ** بكل صراحة ما هي قيمة العقد لما كنت لاعبا مع فريق رائد القبة؟ * لم نكن أبدا نسمع بمنحة الإمضاء، يكفيك فقط شرف حمل ألوان فريقك المفضل· ** في رأيكم كم من الوقت يتطلب لتحضير فريق تنافسي قبل انطلاق المنافسات الرسمية؟ * يكفي التحضير لمدة 42 يوما مع رفع ساعات التدريب تدريجيا حتى يصل الفريق إلى معدل التدريب حوالي 4 ساعات في اليوم· ** ما سبب تدني مستوى الأندية المحلية؟ * سبب تدني مستوى الكرة الجزائرية، خاصة الأندية المحلية يعود بدرجة أولى إلى إهمال العمل القاعدي لأننا اليوم نفتقر لسياسة واضحة ودقيقة في تسيير شؤون الرياضة وبالأخص رياضة كرة القدم، حيث لا يوجد أي برنامج علمي وعملي مدروس من كل جوانبه يطبق على القاعدة والأصناف الصغرى رغم أننا نملك مدارس كروية· ** كما يعلم الجميع أصبحت كرة القدم الجزائرية اليوم عاجزة عن إخراج مواهب ولاعبين من طراز بلومي، ماجر، عصاد سرباح، مغاريا، والقائمة طويلة من الأسماء الكروية التي بدأت مشوارها من الشوارع والأحياء الفقيرة وتمكنت من البروز وصنع مجد الكرة الجزائرية في زمن ليس بالبعيد· ** وسبب انتشار العنف في الملاعب؟ * ظاهرة العنف في الملاعب باتت تخيف هواة كرة القدم، فما حدث مؤخرا في العديد من الملاعب أمر فاق كل المقاييس، كونها أخذت منحى خطير، أظن أنها حاصل محصول لجملة من المشاكل الاجتماعية على رأسها شبح البطالة الذي يمس بدرجة أكبر شريحة الشباب، لذا هؤلاء الشباب وجدوا مدرجات الملاعب كفضاء يسمح للانتفاضة والتعبير عن الاستياء والتذمر بكل حرية في غياب التنظيم المحكم والسيطرة الكلية على تأمين الملعب والمناصرين· ولعل ما غذى أكثر انتشار وتفاقم هذه الظاهرة السلبية هو كذلك الأداء المتواضع لبعض الحكام· ضف إلى ذلك نقص التربية وفساد الأخلاق عند بعض شبابنا المراهقين وهنا يكمن دور لجان الأنصار والمدرسة والمجتمع بمختلف شرائحه في العمل على نشر ثقافة التآخي والتسامح، لأن في الأخير رياضة كرة القدم ما هي إلا لعبة فيها رابح وخاسر· ** كيف يمكن رد هيبة رياضة الكرة القدم الجزائرية؟ * أقولها بكل بساطة ووضوح، لابد على أصحاب القرار التدخل ومراجعة سياسة تسيير شؤون الرياضة بصفة عامة وهذا بالاعتماد على وضع الرجل المناسب في المكان المناسب وإعطاء زمام الأمور لأصحابها لأن الواقع الذي تعيشه رياضة كرة القدم اليوم مرٌ وأهداف القائمون على شؤونها غير واضحة وسأوضح لك شيء مهم· ** تفضل؟ * بعد ذهاب الخبير الألماني بيتر شنيقر تحدثنا أنا وقاسي السعيد وكويسي مع الوزير الحالي جيار وقلنا له بالكلمة الواحدة، (في السابق كان كلما يطالب الجمهور الرياضي الجزائري الاستفادة من خبرة وخدمات اللاعبين القدامى، كان المسؤولون يتحججون ويقولون أننا نفتقد إلى التكوين الأكاديمي ولا نحمل شهادات علمية في ميدان عالم التدريب، واليوم بعد أن قمنا بتضحيات جسيمة وأجرينا تكوينات بمعايير عالمية تسمح لنا بالمساهمة في مد يد المساعدة وإخراج رياضة كرة القدم من النفق المظلم التي آلت إليه، أصبحنا غير مرغوبين ومهمشين· ** يبدو أنك جد متأثر؟ * كيف لا ونحن من ضحّينا بشبابنا وحرمنا من الحياة العادية مع أفراد عائلاتنا من أجل رفع الراية الوطنية وتشريفها في المحافل الدولية واليوم لا نلقى أي اهتمام، ولعلمك نحن لا ننتظر منهم الشكر لأننا أدينا واجبنا بكل تفاني وفقط فعلى أقل تقدير لابد اليوم على المسؤولين رد الاعتبار لهؤلاء الذين خدموا الكرة الجزائرية وإشراكهم في النقاشات والبحث عن السبل الكفيلة لإعادة بريق الرياضة وكرة القدم الضائع قبل أخذ القرارات الانفرادية والارتجالية التي لا تخدم أي طرف· ** هل يمكنك أن تحدثنا قليلا عن بدايتك ومسيرتك الرياضية مع فريقك رائد القبة، وما هي الفرق الأخرى التي حملت ألوانها؟ ** بدأت ممارسة رياضة كرة القدم في الشارع والمدرسة كباقي الأطفال، وفي بداية السبعينات انضممت إلى مدرسة رائد شباب القبة بحيث تدحرجت مع كل أصنافه وفي موسم 73 -74 كنت لم أتجاوز سن 17 سنة، ارتقيت إلى صنف الأكابر ولعبت إلى غاية موسم 86 - 87 لأغير بعد ذلك وجهتي نحو فريق عنابة الذي لعبت معه موسم واحد فقط ولكنه بالنسبة لي كان من بين أحسن المواسم طيلة مشواري لأني سجلت فيه 7 أهداف كاملة ومن ثم كانت عودتي من جديد إلى فريقي الأول رائد القبة إلى غاية توقفي عن اللعب نهائيا في سنة 1992· ** في أي مقابلة تم استدعاؤك لحمل ألوان الفريق الوطني وما هي أهم مشاركاتك معه؟ * أتذكر جيدا أن أول مشاركة لي مع الفريق الوطني أواسط على الصعيد العالمي كانت في سنة 78 بمناسبة المشاركة في منافسة كأس العالم للأواسط والتي بلغنا فيها الدور الربع النهائي وقد واجهنا في هذه المنافسة الفريق الأرجنتيني الذي كان يضم في صفوفه الظاهرة الكروية (مارادونا) ويبقى هذا الموعد الكروي بالنسبة لي شرف كبير خاصة وأني لعبت ضد من بين أحسن ما أنجبت كرة القدم العالمية والفريق الذي نال كأس العالم آنذاك· كما شاركت مع الفريق الوطني المدني والعسكري من سنة 78 إلى 80 إلى جانب كل من اللاعبين الكبار عصاد، ماجر، بلومي، قاسي السعيد، مرزقان، كويسي، تلمساني، أيت الحسين والقائمة طويلة من خير ما أنجبت كرة القدم الجزائرية· كما شاركت في سنة 1979 في ألعاب البحر الأبيض المتوسط حينها تحصلنا على الميدالية البرونزية وكان لي الشرف أني شاركت ضمن تشكيلة الفريق الإفريقي العربي الذي واجه الفريق العربي الأسيوي بمصر في سنة 1989· وكانت لي 4 مشاركات في منافسات الكأس الإفريقية ومشاركتين في كأس العالم وبطل الجزائر مع فريق رائد القبة في موسم 80 - 81· ** من هم المدربين الذين كان لهم الفضل في بروزك؟ * يعود الفضل إلى كل من المرحوم إبرير، والمدرب القدير أحمد قيتون، محمد توتة، بلعابد والمدرب المدعو بابا لوش، سالم، احمد عراب وزرار إلى جانب مدربي الفريق الوطني كل من رشيد مخلوفي، خالف محيي الدين، رابح سعدان والروسي روقوف، والمدرب اليوغوسلافي رايكوف الذي كان يشرف على الفريق الوطني أواسط وشاركنا معه رفقة المحنك سعدان في كأس العالم للأواسط سنة 1978 أين بلغنا الدور الربع النهائي· ** ما سر تألقك العديد من لاعبي جيل الثمانينيات؟ * كل ما في الأمر أننا كنا نعمل بجدية وانضباط لأنه ليس من السهل في تلك الفترة حمل الألوان الوطنية كما هو عليه الحال اليوم· فاللاعب حين يستدعى إلى الفريق الوطني عليه أن يبذل قصارى جهوده للحفاظ على منصبه فكان التنافس شديد بين اللاعبين· ** هل من كلمة في ختام جلستنا هاته؟ * شكرا لكم على هاته الاستضافة، متمنيا لجريدة (أخبار اليوم) كل التوفيق والنجاح·