أكدت الأدلة الشرعية وجوب صلاة الجماعة، حيث تجمع قلوب المسلمين على البر والتقوى، ولها أكثر من أربعين فائدة منها أنها امتثال لأمر الله تعالى وشعار الإسلام وعمارة للمساجد· وقد شرّع الله لهذه الأمة الاجتماع في أوقات معلومة، منها ما هو في اليوم والليلة، كالصلوات الخمس، وما هو في الأسبوع مرة كصلاة الجمعة، واجتماع يتكرر مرتين كل سنة وهو صلاة العيدين، ومرة في السنة هي الوقوف بعرفة، وشرِّعت هذه الاجتماعات العظيمة لأجل مصالح المسلمين ليحصل التواصل بينهم بالإحسان والعطف والرعاية، ولأجل التواد والائتلاف واجتماع القلوب على البر والتقوى· ويؤكد المفسرون أن قول الله تعالى: (وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واركعوا مع الراكعين) _البقرة 43_ نص في وجوب صلاة الجماعة ومشاركة المصلين في صلاتهم، ولو كان المقصود إقامتها لاكتفى سبحانه بقوله في أول الآية (وأقيموا الصلاة)، وجعل الله الخطاب بصيغة الجماعة دائما: (يا أيها الذين آمنوا)، (وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان واتقوا الله)، وهكذا مئات الآيات· وشأن صلاة الجماعة في الإسلام عظيم، ومكانتها عند الله عالية، ولذلك شرّع بناء المساجد، ففيها ذكر الله في بيوته، وصلاة المسلم مع الجماعة في المساجد تجعله في عداد الذين أثنى الله عليهم ووعدهم بجزيل الثواب في قوله تعالى: (في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والآصال رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والأبصار ليجزيهم الله أحسن ما عملوا ويزيدهم من فضله والله يرزق من يشاء بغير حساب_ _النور36-37-38_· حال الخوف وقال تعالى في حال الخوف: (وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة فلتقم طائفة منهم)، _النساء 102_ فدلت هذه الآية الكريمة على تأكد وجوب صلاة الجماعة، حيث لم يرخص للمسلمين تركها حتى في حال الخوف· وتؤكد السنة المطهرة أن المسلمين جماعة واحدة، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (مثَلُ المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى)· ليس هذا فحسب بل إن النبي حذَّر من الفرقة والتشتت والعزلة، يقول: (عليكم بالجماعة وإياكم والفرقة فإن الشيطان مع الواحد وهو من الاثنين أبعد من أراد بحبوحة الجنة فليلزم الجماعة)· وعن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبوا ولقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام ثم آمر رجلا فيصلي بالناس ثم انطلق معي برجال معهم حزم من حطب إلى قوم لا يشهدون الصلاة فأحرق عليهم بيوتهم بالنار)· ووجه الاستدلال من هذا الحديث على وجوب صلاة الجماعة أنه وصف المتخلفين عنها بالنفاق، أنه صلى الله عليه وسلم همَّ بعقوبتهم على التخلف عنها· وفي صحيح مسلم أن رجلا أعمى قال يا رسول الله ليس لي قائد يقودني إلى المسجد فسأله أن يرخص له أن يصلي في بيته فرخص له فلما ولى دعاه فقال: (هل تسمع النداء؟) قال نعم، قال: (فأجب) فأمره النبي بالحضور إلى المسجد لصلاة الجماعة وإجابة النداء مع ما يلاقيه من المشقة، فدل ذلك على وجوب صلاة الجماعة· الجماعة وقد كان وجوب صلاة الجماعة مستقرا عند الصحابة فقال ابن مسعود رضي الله عنه: ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافقٌ معلوم النفاق، ولقد كان الرجل يؤتى به يهادى بين الرجلين حتى يُقام في الصف· ويقول العلماء إن صلاة الجماعة أعظم شعائر الإسلام، وأظهر الطاعات والقربات، ورمز لوحدة المسلمين، ولها فوائد كبيرة فهي سبب في توحيد المسلمين، واجتماع كلمتهم، مستقبلين قبلة واحدة، خلف إمام واحد، وذلك مظهر عظيم من مظاهر الوحدة والأُلفة، وسبب التعارف والتآلف الذي يقوي روابط الإخاء، وشعور المسلمين بأنهم كالجسد الواحد، وفيها فرصة لتعليم الجاهل، وحضور الذكر ودروس العلم، وسماع النصائح· وفيها تعاون على البر والتقوى والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، واجتماع كلمة المسلمين وائتلاف قلوبهم وتعارفهم، ودفع الكِبر والتعاظم، وتقوية الأخوة فيقف الكبير مع الصغير، والغني إلى جانب الفقير، والقوي إلى جانب الضعيف· وبخلاف الثواب العظيم لصلاة الجماعة فقد عدَّ العلماء لها أكثر من أربعين فائدة منها أنها امتثال لأمر الله تعالى وشعار الإسلام وعمارة بيوت الله وشهادة بالإيمان وتزكية من الله وفضل عظيم وتعظيم وتأكيد لما عظمه الله وأكده رسوله وامتثال لأمر رسول الله وهي أفضل وأزكى من صلاة الفرادى، وفيها العصمة من الشيطان والبعد عن التشبه بالمنافقين، وهي من أسباب المغفرة للذنوب والثواب الجزيل، ومن أسباب حفظ الله للعبد، وجعله في ذمته أي في عهده وأمانه، وضمانه، وهي أفضل الأعمال وتنجِّي من الغفلة، والدعاء فيها لا يُردّ، وهي ألفة ومودة ومساواة، وتعوّد النظام وضبط النفس وتظهر عز المسلمين، وتؤدي إلى تعارف وتواصل المسلمين، ودعوة عملية إلى الخير والتنافس في الطاعة··· * في صحيح مسلم (أن رجلا أعمى قال يا رسول الله ليس لي قائد يقودني إلى المسجد فسأله أن يرخص له أن يصلي في بيته فرخص له فلما ولى دعاه فقال: هل تسمع النداء؟ قال نعم، قال: (فأجب) فأمره النبي بالحضور إلى المسجد لصلاة الجماعة وإجابة النداء مع ما يلاقيه من المشقة، فدل ذلك على وجوب صلاة الجماعة· * عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبوا ولقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام ثم آمر رجلا فيصلي بالناس ثم انطلق معي برجال معهم حزم من حطب إلى قوم لا يشهدون الصلاة فأحرق عليهم بيوتهم بالنار)·