انتشرت على شبكة الإنترنت وعلى وسائل التواصل الاجتماعي في الفترة الأخيرة صور تعبر عن إبادة جماعية للمسلمين في بورما دون أن نسمع أو نشاهد رد فعل عربي أو إسلامي أو دولي قوي نحو ما يجري هناك. ميانمار أو بورما هي من الدول التي يجهل الناس عنها تقريبا كل شيء، ولا تظهر في الأخبار إلا مع الكوارث، وهي محكومة بمجموعة من الجنرالات منذ ما يقرب من ثلاثين سنة، ومن أكثر دول العالم فقرا، وهي متعددة العرقيات، والقومية الأساسية فيها هي البامار، ومنها اشتق اسمها بورما، وهو اسم استعماري من صياغة ونحت البريطانيين الذين حكموها لفترة طويلة بسبب موقعها الاستراتيجي وحدودها مع الهند، وهي بلد غني ومواردها كبيرة وفيها بترول والزراعة من مواردها الأساسية. وتوجد بها قومية صغيرة، أصلها من بنغلاديش اسمها (الروهينجا) يسكنون في شمال بورما على الحدود مع بنغلادش في منطقة تسمى (أراكان)، وهناك نزاعٌ بين الفريقين على ملكيتها، ويزعم القائمون على بورما أن الروهينجا نازحون من بنغلاديش، في الوقت الذي تتبرأ منهم بنغلاديش وتقول إنهم بورميون، وهذه هي لبُّ المشكلة فيما أعلم بالإضافة إلى أنهم مسلمون. ويعيش في ميانمار حوالى 800 ألف مسلم من (الروهينجيا) في ولاية (آراكان)، حيث تعتبرهم الأممالمتحدة إحدى أكثر الأقليات تعرضا للاضطهاد في العالم. ويقال إن سبب الأزمة الأخيرة أنه في بداية شهر جوان 2012، أعلنت الحكومة البورمية أنها ستمنح بطاقة المواطنة للعرقية الروهنجية المسلمة في أراكان، فغضب البوذيون كثيرا بسبب هذا الإعلان لأنهم يدركون أنه سيؤثر في حجم انتشار الإسلام في المنطقة، فخططوا لإحداث الفوضى، فهاجم البوذيون حافلة كانت تقل عشرة دعاة مسلمين كانوا عائدين من أداء العمرة، وشارك في الهجوم أكثر من 450 بوذياً، وربطوا الدعاة العشرة من أيديهم وأرجلهم وانهال عليهم ال 450 بوذيا ضربا بالعصي بكل وحشية وبربرية حتى استشهدوا. ولكي يجد البوذيون تبريراً، قالوا إنهم فعلوا ذلك انتقاما لشرفهم بعد أن قام شاب مسلم باغتصاب فتاة بوذية وقتلها، وكان موقف الحكومة مخزياً للغاية، فقد قررت القبض على 4 مسلمين بحجة الاشتباه في تورطهم في قضية الفتاة، وتركت ال 450 قاتل بدون عقاب. وفي يوم الجمعة 3 جوان 2012 أحاط الجيش بالمساجد تحسبا لخروج مظاهرات بعد الصلاة ومنعوا المسلمين من الخروج دفعة واحدة، وأثناء خروج المسلمين من الصلاة ألقى البوذيون الحجارة عليهم واندلعت اشتباكات قوية، ففرض الجيش حظر التجول، وشدده على المسلمين فيما ترك البوذيين يعيثون في الأرض فسادا، ويتجول البوذيون في الأحياء المسلمة بالسيوف والعصي والسكاكين ويحرقون المنازل ويقتلون من فيها أمام أعين قوات الأمن، وبدأ العديد من مسلمي أراكان في الهروب ليلا عبر الخليج البنغالي إلى الدول المجاورة، ويموت الكثير منهم في عرض البحر. ووسط تعتيم إعلامي شديد على المذبحة، يتعرض المسلمون في أراكان لعملية إبادة ممنهجة، راح ضحيتها أكثر من 2000 مسلم وتشريد ما يزيد عن 90.000 منهم، ودعا رئيس ميانمار (ثين سين) خلال لقائه مع المفوض الأعلى للأمم المتحدة للاجئين أنتونيو جيتيريس يوم 11 جويلية، إلى تجميع أعضاء الأقلية المسلمة في ميانمار التي تعرف ب (الروهينجا) في معسكرات لاجئين، إلى حين طردهم إلى خارج البلاد، حيث قال إنه (ليس ممكناً قبول الروهينجا الذين دخلوا البلاد بطريقة غير قانونية وهم ليسوا من عرقيتنا"، ثم زعم أنهم (يشكّلون خطراً على الأمن القومي؟!). ويجب علينا نحن العرب والمسلمين والأحرار في كل مكان في العالم ما يلي: - أن يقوم المسلمون وأحرار العالم بمحاصرة كل سفارات بورما في أنحاء العالم، والضغط عليها حتى يتوقف نزيف الدم. - أن تقوم الدول الإسلامية والعربية بطرد سفراء بورما لديها وسحب سفرائها من هناك، وقطع العلاقات تماما حتى يكفوا أيديهم عن المسلمين. - أن يُظهر المسلمون وشرفاء الإنسانية غضبهم في كل مكان احتجاجا على هذا الإجرام والإبادة الوحشية. - أن تضع منظمة التعاون الإسلامي حلولا عملية ناجزة في مؤتمرها القريب القادم في شهر رمضان الجاري، لإنهاء هذه المأساة، بما يحقق ردع المعتدين وكف أيديهم. - إن جزءا كبيرا من الدعم الحقيقي لقضيتهم يكون بالاستثمار في تلك المنطقة من قبل دول غنية إسلامية والاشتراط على حكومة بورما أن تقوم بتحسين أوضاعهم المعيشية والسياسية وبخاصة أنها تخضع لعقوبات دولية مستمرة. نسأل الله تعالى أن يكشف كرب المسلمين هناك، ويحقن دماءهم، ويهلك أعداءهم.