سلوكات عدوانية عصبية وصراعات هي ما باتت تميز هذه الأيام من هذا الشهر الكريم الذي بدل أن يستغله المواطنون في الإكثارمن العبادة والذكر جعله البعض بعصبيتهم شهرا يميزه القلق وكثرة الشجارات لأتفه الأسباب والتي وصلت أحيانا إلى حد القتل كالحادثة التي وقعت مؤخرا بحي العقيبة أين كان طفل ضحية شجار وقع بين شخصين. وخلافا لما يغرسه رمضان في نفس المسلم من هدوء واطمئنان نفسي وحكمة تجعله يتحكم في كل ما يصدر عنه من قول أو فعل، نجد أن هناك من يثور ويغضب ويتعصب لأبسط الأمور ليصبح غير قادر على كظم غيضه أو ضبط نفسه، فكثيرا ما يصادفنا يوميا مشهد المشاحنات التي تنجم بين العديد من المواطنين خلال هذا الشهر الكريم، إذ ولأتفه الأسباب نجد هؤلاء ينفعلون، وهو ما يجعلهم حينها يصلون إلى حد التشابك بالأيادي فيشرعون دون وعي منهم جراء الغضب الشديد في التلفظ بشتى العبارات البذيئة والمهينة، كالسب والشتم جاعلين بذلك من صيامهم امتناعا عن الأكل والشرب فقط. ولعل أكثر الأماكن التي تحدث بها الشجارات هي الأسواق وحافلات النقل العمومي، وذلك ما لمسناه خلال جولة بالعاصمة، فبسوق مارشي 12 شهدنا عدة عراكات بين المواطنين في ظرف لا يتجاوز ساعة، ولقد أكد لنا هؤلاء البائعون بالسوق أنه ومنذ حلول شهر رمضان الكريم وهذه الأجواء المعكرة هي الديكور اليومي الذي يخيم على الأسواق عامة. والغريب في الأمر أنه كلما اقتربنا من مكان الصراع لمعرفة سبب الخصام، تبين لنا في جميع تلك الحالات أن الشجار بدأ لسبب بسيط لا يدعو لكل ذلك الحجم من الغضب وكذا التعصب بتلك الكيفية التي تجعل الجميع يلتف حول المتسببين في تلك الضجة. فعمي رزقي الذي كان يبيع الخضر بسوق مارشي 12 أخبرنا أنه يتعجب من أمر بعض المواطنين الذين (يغلبهم رمضان) على حد قوله، فبسرعة تثور أعصابهم، وأخذ يكلمنا عن قصة شخصين حضرا للشراء من عنده فبينما اصطدم أحدهما وكان يحمل أكياسا كثيرة بيديه بالآخر نتيجة الاكتظاظ بالسوق لم يفوت الزبون الآخر الأمر وقام بشتمه ليضيف محدثنا: وبعد ثوان قليلة من تبادل الإهانات علق هذان الرجلان ببعضهما البعض ولولا تدخل بعض المواطنين لتهدئتهما لاقتتلا. أما مراد وهو حارس بحظيرة السيارات بالقرب من سوق علي ملاح فيقول إنه سئم من كثرة الشجارات خلال هذا الشهر الكريم، وذلك أن عددا كبيرا من المواطنين يثورون كلما دخلوا الحظيرة لركن سياراتهم، وعرقلتهم سيارة أخرى هنالك أو لم يستطيعوا المرور وهنا تكون النتيجة الحتمية أنهم يتنرفزوا فيبدأوا بالسب والشتم، وهو ما يتسبب في تعارك هؤلاء مع بعضهم البعض، والمزعج في الأمر، يقول مراد، إنهم كثيرا ما يكونون مع عائلاتهم ليكون ذلك الكلام البذيء على مسامعهم. نفس الأجواء بات يشهدها المواطنون على مستوى الحافلات هذه الأخيرة التي أصبحت وبشهادة الكثيرين لا تطاق من كثرة الضجة التي تحدث بداخلها، في باقي الأيام عامة وخلال رمضان خاصة، فحسب إحدى السيدات فإنها صدمت بمنظر رجلين يتخاصمان خصاما شديدا بالحافلة ويتلفظان بعبارات تخدش الحياء، وهو ما دفعها للنزول من الحافلة متسائلة عما إذا كان هؤلاء يعتبران نفسيهما صائمين، وما وقع بالعقيبة جراء سرعة الغضب كان أسوأ مما تتخيل، ذلك أن أحد الشابين تشاجرا بالحي ليذهب ضحية شجارهما طفل في سن الرابعة من العمر حيث كان مارا من هناك ليصاب على إثرها بصعقة (سينيال) وبسببها فارق الحياة. كثيرون هؤلاء الذين لا ينالهم من صيامهم خلال شهر رمضان الكريم سوى الجوع والعطش، ذلك أنهم يتركون أنفسهم للعصبية الزائدة التي تتحكم فيهم كيفما تشاء.