ليس في الإسلام ما يسمى ب(بيت الطاعة)، فهو مأخوذ من المادة 214 من القانون الفرنسي الذي ينص على إلزام الزوجة بقوة الشرطة بالعيش في بيت الزوجية الذي يحدده الزوج. هذا المثل الشعبي الذي ينطبق على التقرير الإحصائي الرسمي الصادر من وزارة العدل والذي نشرته جريدة الوطن السعودية بتاريخ 18/10/1433ه الموافق 5/9/2012م عن ارتفاع عدد دعاوى طلب الحقوق الشرعية والمعاشرة بالمعروف التي تقدم بها أزواج على زوجاتهم خلال الأشهر الثمانية الأخيرة في المحاكم العامة بمختلف مناطق المملكة السعودية، والتي فاقت في كثير من المحافظات عدد القضايا التي رفعتها النساء ضد أزواجهن, فهي تكشف أنّ الأزواج الذين يمارسون عنفا ضد زوجاتهم لم يكتفوا بذلك، بل قاموا بحركات استباقية برفع دعاوى طلب الحقوق الشرعية والمعاشرة بالمعروف قبل أن يرفعن دعاوى سوء عشرة وعنف ونفقة، فيتحولن ناشزات لخروجهن من بيوت أزواجهن بدون إذنهم استنادا على مرويات موضوعة ضعيفة، سوف أبيِّنها في هذا المقال. وكان المفروض من الجريدة قبل سرد الإحصائيات أن توضح الأسباب التي دعت أولئك الأزواج لرفع تلك القضايا إذ لا مبرر لهذه الدعاوى لأنّ بأيديهم الطلاق، خلاف المرأة، وقد ذكر رئيس المحكمة العامة بجدة الشيخ إبراهيم القني للجريدة بأنّ الرجل قد يُقدّم دعوى بالحقوق الشرعية والمعاشرة بالمعروف وبيت الطاعة لأسباب متعددة، مثل أن تذهب إلى بيت أهلها غاضبة، أو خلاف ذلك، فيقدم دعوى المعاشرة الزوجية بالمعروف حتى لا يقع في دعوى النفقة). إلّا أنّ جريدة الوطن نشرت هذا التقرير بعنوان يوحي بأنّ السعوديات متسلطات على أزواجهن يمارسن العنف ضدهم ويسئن عشرتهم، وأغلب الذين يقرأون الصحف، يكتفون بقراءة العناوين، وفي هذا إساءة كبرى إلى الزوجات السعوديات اللواتي تعاني نسبة كبيرة منهن من شتى أنواع عنف الأزواج من بدني ونفسي ومالي وتعليق وهجر، بل وعنف من بعض المطلقين بالاستحواذ على أوراقهن الثبوتية، وعدم إسقاط أسمائهن من دفاتر العائلة فيبقين في ذمتهم على الورق ولا يستطعن العمل والسفر، أو إكمال دراستهن إلّا بموافقتهم، إضافة إلى حرمانهن من رؤية أولادهن. هذا وقد ورد في كلام الشيخ إبراهيم أنّ من هذه الدعاوى، دعاوى (بيت الطاعة)، ومعروف أنّ ليس في الإسلام ما يسمى ب(بيت الطاعة)، فهو مأخوذٌ من المادة 214 من القانون الفرنسي الذي ينص على إلزام الزوجة بقوة الشرطة بالعيش في بيت الزوجية الذي يحدده الزوج، وقد طبقته بعض البلاد العربية التي أخذت بالقانون الفرنسي، ونسبه الكثير إلى الإسلام، والإسلام منه بريء، فالإسلام لا يجبر المرأة أن تعيش مع زوج تكرهه أو تكره العيش معه، يوضح هذا قولُه تعالى: (إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان) البقرة: 229 (فأَمْسكوهنَّ بمعروفٍ أَوْ سرحوهن بمعروف ولا تمسكوهنّ ضرارا لتعتدوا ومن يفعل ذلك فقد ظلمَ نفْسه) البقرة: 231 (فإذا بلغنَ أَجلهنَ فأَمسكوهنَ بمعروفٍ أو فارقوهنَّ بمعروفٍ) الطلاق: 2، وكل هذه الآيات تأمر الرجال فقط بحسن معاشرة النساء مما يؤكد أنّ سوء العشرة يأتي في الغالب من الزوج لا من الزوجة والله أعلم بخلقه. ولقد جعل الله السكن والمودة والرحمة قوام الحياة الزوجية (ومنْ آياتهِ أنْ خلقَ لكمْ منْ أَنفسكمْ أزواجا لتسكنوا إِليها وجعلَ بينكمْ مودَةً وَرَحمةً إنَ في ذلكَ لَآياتٍ لقومٍ يتفكَرونَ) الروم:21. ومن السنة قوله صلى الله عليه وسلم (خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي) فبيت الطاعة لا وجود له في الإسلام لتناقضه مع القرآن والسنة، ومما يثير الدهشة أنّ بيت الطاعة المأخوذ من القانون الفرنسي يُؤخذ به في محاكمنا! أما عن اعتبار خروج الزوجة من بيتها بدون إذنه ناشزًا، وهذا المعمول به في محاكمنا، فهو استنادًا إلى مرويات موضوعة وضعيفة. أواصل الحديث عن التقرير الإحصائي الذي أصدرته وزارة العدل ونشرته جريدة الوطن السعودية بتاريخ 18/10/1433ه، الموافق 5/9/2012م عن ارتفاع عدد دعاوى طلب الحقوق الشرعية والمعاشرة بالمعروف التي تقدم بها أزواج على زوجاتهم خلال الأشهر الثمانية الأخيرة في المحاكم العامة بمختلف مناطق المملكة، والتي فاقت في كثير من المحافظات عدد القضايا التي رفعتها النساء ضد أزواجهن. أمّا عن اعتبار خروج الزوجة من بيتها بدون إذنه ناشزًا، وهذا المعمول به في محاكمنا استنادًا على مرويات موضوعة وضعيفة سأوضح ذلك في الآتي: 1- (أيّما امرأة خرجت من بيت زوجها بغير إذنه لعنها كل شيء طلعت عليه الشّمس والقمر إلّا أن يرضى عنها زوجها) (انظر: محمد طاهر الفتّني الهندي: تذكرة الموضوعات (129)، التنزيه (2/217)، الألباني: سلسلة الأحاديث الضعيفة (1550، ذيل اللآلئ (200) . وهذا الحديث من طريق أبي نعيم عن أبي هدية عن أنس مرفوعًا، ويقول الألباني: قلت: وهذا موضوع، وأبو هدية اسمه إبراهيم بن هدية - متروك، حدَّث بالأباطيل عن أنس. (محمد ناصر الألباني: سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة وأثرها على الأمة، 4/56، حديث رقم 1550، الطبعة الأولى، 1408ه/ 1988م، مكتبة المعارف، الرياض). 2- (أيّما امرأة خرجت من بيتها بغير إذن زوجها، كانت في سخط الله تعالى حتى ترجع إلى بيتها، أو يرضى عنها زوجُها) (انظر: الألباني: سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة، (1020)، ضعيف الجامع (2222)، الكشف الإلهي، (156)، المغير (41). موضوع أخرجه الخطيب في (تاريخ بغداد (6/200- 201) من طريق أبي نعيم الحافظ بسنده عن إبراهيم بن هُدبة: حدّثنا أنس مرفوعًا. ذكره في ترجمة عن إبراهيم هذا، وقال: (حدّث عن أنس بالأباطيل)، ثمّ ساق له أحاديث هذا أحدها، ثمّ روى عن ابن معين أنّه قال فيه: (كذّابٌ خبيث) وعن علي بن ثابت أنّه قال: (هو أكذب من حماري هذا) وقال الذهبي: (حدّث ببغداد وغيرها بالبواطل، قال أبوحاتم وغيره: (كذّب). وفي اللسان: (وقال ابن حبّان: دجّال من الدجاجلة)، وقال العقيلي والخليلي: (يُرمى بالكذب). (انظر: الألباني: سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة، 3/ 88،89، حديث رقم (1020) . 3- عن عباس -رضي الله عنها- أنّ امرأة من خثعم أتت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقالت: يا رسول الله! أخبرني ما حق الزوج على الزوجة فإني امرأة أيَّ، فإن استطعت وإلاّ جلست أيما؟ قال: (فإنّ حق الزوج على زوجته إن سألها نفسَها، وهي على ظهر قتب أن لا تمنعه نفسها، ومن حق الزوج على الزوجة أن لا تصوم تطوعًا إلاَّ بإذنه، فإن فعلت، جاعت وعطشت، ولا تخرج من بيتها إلاّ بإذنه، فإن فعلت، لعنتها ملائكة السماء، وملائكة الرحمة، وملائكة العذاب حتى ترجع. قالت: لا جرم لا أتزوج أبدًا). وقال الهيثمي في (المجمع) (4/ 307): رواه البزاز، وفيه حسين بن قيس المعروف بحنش، وهو ضعيف، وقد وثقه حصين بن نمير، وبقية رجاله ثقات، وقال الألباني: بل هو متروك. * ورد في كلام الشيخ إبراهيم أنّ من هذه الدعاوى، دعاوى (بيت الطاعة)، ومعروف أنّ ليس في الإسلام ما يسمى ب(بيت الطاعة)، فهو مأخوذٌ من المادة 214 من القانون الفرنسي الذي ينص على إلزام الزوجة بقوة الشرطة بالعيش في بيت الزوجية الذي يحدده الزوج، وقد طبقته بعض البلاد العربية التي أخذت بالقانون الفرنسي، ونسبه الكثير إلى الإسلام، والإسلام منه بريء. * الإسلام لا يجبر المرأة أن تعيش مع زوج تكرهه أو تكره العيش معه، يوضح هذا قولُه تعالى: (إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان) البقرة: 229 (فأَمْسكوهنَّ بمعروفٍ أَوْ سرحوهن بمعروف ولا تمسكوهنّ ضرارا لتعتدوا ومن يفعل ذلك فقد ظلمَ نفْسه) البقرة: 231 (فإذا بلغنَ أَجلهنَ فأَمسكوهنَ بمعروفٍ أو فارقوهنَّ بمعروفٍ) الطلاق: 2، وكل هذه الآيات تأمر الرجال فقط بحسن معاشرة النساء مما يؤكد أنّ سوء العشرة يأتي في الغالب من الزوج لا من الزوجة، والله أعلم بخلقه.