تعيش، عائلة بعلي، المتكونة من خمسة أفراد بحي سيدي الكبير ببلدية رايس حميدو بالعاصمة، منذ أكثر من 19 سنة بغرفة واحدة شبيهة بالقبر لا تتعدى مساحتها مترين ونصف متر، في ووضعية معيشية كارثية دون أن تلتفت إليها السلطات المحلية أو حتى تكلف نفسها عناء الوقوف على وضعها الحرج والمتردي. ناشدت، عائلة بعلي، تدخل السلطات المحلية قصد انتشالهم من الوضعية الكارثية والصعبة التي يتخبطون فيها منذ أزيد من 19 سنة دون أن يتدخل أي مسؤول أو حتى الوقوف على الوضع المزري الذي يتخبطون فيه في هذا الجحر المظلم الذي يفتقر إلى أبسط ضروريات العيش الكريم، لاغاز ولاماء ولا قنوات صرف المياه، وقد تحول لون هذه الغرفة إلى الاخضرار والسواد نتيجة الرطوبة العالية وبسبب تسرب مياه قنوات الصرف، نتيجة تواجد هذا المنزل أو بالأحرى (شبه المنزل) أسفل العمارات التي تمر قنوات صرف المياه بمحاذاته، الأمر الذي زاد أمور العائلة تعقيدا وتأزما. أما في الشتاء فحدث ولا حرج فإن البيت يتحول إلى مسبح من مياه الأمطار التي تغرق المكان بسبب التشققات البليغة التي هي عليها الجدران، مما يؤدي في كل مرة إلى إتلاف الأثاث المتواضع الذي يتواجد بتلك الغرفة، وهذا ما وقفنا عليه أثناء تنقلنا إلى بيت السيد بعلي. فعلا إنه وضع كارثي وصعب تعيش فيه هذه العائلة البريئة التي لا حول ولا قوة لها، كما لا ذنب لها سوى أنها خُلقت فقيرة؛، لامال ولاجاه ولا معارف لديها، ومازاد الأمر تفاقما هو الرطوبة التي ساهمت بشكل كبير في معاناة العائلة التي تضطرها الظروف إلى رفع مستلزماتها وأفرشتها إما فوق الطاولة أو الخزانة، وتقول السيدة (زهيرة) أنها سئمت الوضع رفقة زوجها المريض وطفليها اللذين أصيبا بتعقيدات صحية على غرار الربو والحساسية وصعوبة التنفس نظرا لطبيعة المكان الذي لا يصلح أن يكون سكنا لأدميين -على حد تعبيرها-. وأضافت: (برغم تنقل اللجنة المكلفة بالشؤون الاجتماعية لمعاينة المكان والوقوف على الوضعية التي أتخبط فيها رفقة أسرتي، التي ضاقت ذرعا من الاهانة والذل، غير أن الأمور جاءت على النقيض مما كنا نتوقع وحرمنا في العديد من المناسبات من الحصول على مسكن يقينا برد الشتاء وحر الصيف كبقية المواطنين)، وأضافت السيدة (زهيرة): (حتى قنوات صرف الجيران تمر على بيتنا المتواضع ما زاد الأمور تعقيدا، ورغم شكاوينا العديدة إلا أن لا جهة أنصفتنا لإنهاء المشكل)، وأردفت قائلة (رغم الشكاوي العديدة والطعون التي أودعتها العائلة بعد إقصائها من قائمة السكنات في السنة الماضية أين مست عملية الترحيل العديد من المتضررين من قاطني الأقبية والبيوت الهشة، إلا أن ملفاتنا بقيت حبيسة الأدراج رغم أن كل الشروط القانونية مستوفاة، لاسيما وأننا من ضحايا فيضان باب الوادي 2001، وكذا ضمن العائلات التي يشملهن قانون الاستفادة من السكنات الاجتماعية)، وأضافت محدثتنا أن (السلطات قطعت لنا عدة وعود بمنحنا سكنا لائقا على غرار العائلات الأخرى المتضررة أثناء فيضان 2001، إلا أننا لا نزال في هذا الجحر الذي يأوينا، نتقاسم فيه العيش مع الجرذان والأفاعي)، وتقول إنهم يعيشون الرعب والخوف الدائم من لسعات الأفاعي التي تتجول نهارا جهارا في ذات المكان، خاصة في الأيام المرتفعة الحرارة، وحسبها أنهم يصارعون الحياة في دائرة مغلقة ودوامة حقيقية وواقع مر نتيجة الوعود المتتالية لأعضاء البلدية، الذي يعلمون بالوضعية المزرية التي تعيشها تلك العائلة إلا أنهم لم يحركوا ساكنا لإخراجهم من حياة الذل والمهانة التي يتخبطون فيها منذ سنوات طويلة. وأمام هذه الوضعية المزرية والواقع المر التي تصارعه هذه العائلة، تجدد مطالبها للسلطات لإنقاذها من حياة المهانة والمخاطر والأمراض التي تنهش أجساد أفرادها وترحيلهم إلى سكن لائق يحفظ ماء كرامتهم.