بقلم: بدر السلام موفق الخديعة: اشتغل الإعلام كما ينبغي له ذلك تماما، وفي الوقت الذي كان البعض يعتقد أن (العربية) و(الحرة) الكتيبتين الأساسيتين في الحرب على حزب الله..، في تقييم سطحي للأداء الإعلامي.. كانت إحدى القنوات اللندنية الناطقة بالعربية قد تخصصت في حوار شيعي سني لازال مستمرا إلى اليوم.. إن قناة المستقلة بشخصيتها الفريدة، ومقدمها ((الوحيد)) تقريبا استطاعت بشكل مدروس أن تشكل الحدث الإعلامي في تلك الفترة، وربما بدا للمتابع المتسرع نفسه _وربما كان أنا- أنها خطوة مباركة لرص صفوف الأمة والمقاربة بينها.. بعد سنوات يبدو لي أن برنامج الحوار والتقارب كان محاكمة علنية للمذهب الإمامي الاثني عشري المليء -في وجهة نظرنا وإيماننا- بما يجب تصحيحه وتقويمه... إن تركيبة رجال القناة ((الدكاترة)) وعلمهم بمستوى الخلاف المذهبي العلمائي بين الطائفتين لا يبرر طرحهم لهذا النوع من البرامج بتلك الطريقة في ذلك الوقت بتلك النوعيات من الضيوف..لاسيما أن من اختير لتمثيل الطرف الشيعي إما ضعيف أو غير معتبر أو متطرف منكر عليه من عصبته نفسها تطرفه أو علماني لا يصلح لتمثيل مذهبه، أو مرتبط بتوجهات سياسية أو ثورية داخل المذهب نفسه. ما شكل لفيفا ذكيا حاكم بفضله المشاركون الشيعة ثم حكموا على أنفسهم في عين المشاهد العربي المصدوم. الذي لم يكن يهتم للتفاصيل العقدية لمذهب لا يفكر في اعتناقه.. ولقد حظي هذا الجدال بمتابعة إعلامية واسعة في الصحافة المكتوبة والمرئية في كل قطر إسلامي في الوقت الذي كان الكل مشتغلا بنقد السياسة الإعلامية لقنوات مرافقة تؤدي وظائف مصاحبة للتوجه العام، فبينما كانت الحرة تمثل الرأي الأمريكي الصريح والعربية تعمل على تخفيف الصورة التي تقدمها الجزيرة، والجزيرة تبني رصيدها الشعبي -وتتهيأ لليوم الموعود-.. كانت المستقلة تحاكم التشيع وأعداء الصحابة... بشكل ما صار الحديث عن القتل على الهوية الذي يمس السنة في العراق يتصدر الحدث في كل هذه القنوات، وكم كان طريفا أن تمسح دموعك تاثرا بمقتل عشرات من أهل الطائفة في العراق ثم تغير القناة لتسمع جدالا بين شيخنا وممثل عن هؤلاء القتلة المعتدين على حرم ديننا ورموزه...وقد كان الأداء لافتا حين تحولت المستقلة للدفاع عن الصحابة رضوان الله مع استحضار الرؤية الشيعية دائما للمسألة (رغم أن ذلك لم يكن ضروريا).. إنما الضرورة كانت تقتضي إجهاض التصور الناشئ عن وحدة الأمة والتقارب المحتمل -نفسيا على الأقل- بين المسلمين ومن يبدون كذلك أو من لا يجب أن يبدون كذلك...