عاش سكان القصدير والبيوت الهشة في العاصمة خلال الليلتين الماضيتين، حالة رعب وهلع، بسبب الرياح القوية والأمطار الطوفانية التي اجتاحت العاصمة طيلة ساعات، محولة البيوت الهشة إلى ركام بعد أن تسربت مياه الأمطار إلى داخلها، فأجبرت مئات العائلات إلى المبيت في العراء خوفا من الموت تحت أنقاض أكواخها. (من ينقذنا من هذا الموت) (لم يرض احد استقبالنا) هذه عبارات أطلقتها إحدى الساكنات بروضة ديار الخلوة في بولوغين، بعد أن هربت إلى الشارع خوفا من الموت في روضة تحولت إلى مستنقع، بعد أن تسربت إليها الأمطار، وحاصرتها من كل جهة موقعة العديد من الضحايا، الذين لجؤوا إلى المستشفيات بعد أن أصيبوا بنزلات برد خطيرة، خاصة منهم المصابون بالأمراض الصدرية كالربو، وكان الأطفال الأكثر عرضة للضرر من خلال حالة الهلع التي أصابتهم، بالإضافة إلى أن البعض منهم اضطر إلى التغيب عن المدرسة بالنظر إلى صعوبة التنقل، وموجة البرد التي حاصرته على إثر تبلل جميع أغراضهم.. لجأت 12 عائلة تسكن بروضة ديار الخلوة في بولوغين إلى السلطات المحلية، من أجل الاستنجاد بها، حيث تدافعت العائلات المتضررة إلى مقر ولاية الجزائر، إلا أن هذه الأخيرة رفضت استقبالها بدعوى أن القضية متعلقة بالبلدية بالنظر إلى أنهم منكوبون من زلزال بومرداس وكذا فيضانات باب الوادي، ووجدت العائلات نفسها مجبرة على التنقل مرة أخرى إلى مقر البلدية رغم الأحوال الجوية الكارثية التي شهدها يوم أمس الأحد، وفي البلدية رفض استقبالهم فأين المفر؟ فلا وجهة لهؤلاء المنكوبون إلا تحمل الأمطار والمبيت في العراء إلى حين التفات السلطات المحلية لهم يوما ما، وغير بعيد عن بولوغين واجهت 36 عائلة بواد قريش نفس المصير، فنفس المشهد بكل تفاصيله المؤلمة تكرر في بناية الموت التي تواصل تساقط أجزائها طيلة ليلة أمس، حيث لم تفلح جهود السكان في إخراج مياه الأمطار المتسربة إلى داخل بقايا شققهم بهذه العمارة، والأسوأ هو خوفهم من اشتعال شرارة كهربائية نتيجة التوصيلات العشوائية للكهرباء بالنظر إلى عدم استفادتهم من هذه الخدمة، طيلة الثلاث السنوات الماضية بعد واقعة انفجار الغاز في سنة 2010. والأسوأ هو أن هذه العائلات لا تملك شهادة إقامة، بسبب عدم استفادتها من خدمة الغاز والماء، وبالتالي فإنها تجد صعوبة في استخراج هذه الشهادة التي حرمت منها، رغم أنها تحتاجها في العديد من المعاملات الإدارية، إذا لم تكن كلها.. كما وجدت 315 عائلة نفسها محاصرة من المياه في شاليهات الرعب بعين الكحلة في الهراوة، فهذه الشاليهات التي هي أشبه بالحاويات الخاصة بالسلع، لم تعد قادرة على استيعاب هذه العائلات، فلقد عايشت هذه العائلات حسب ممثلها حالة كارثية أول أمس، بعد أن حاصرتها مياه الأمطار، حتى صعب على الأطفال التوجه إلى مدارسهم وحتى الموظفون لم يتمكنوا من الالتحاق بمناصب عملهم. وفي ردها على قضية هذه العائلات المنكوبة، أكدت مصالح ولاية الجزائر لممثلي الأسر، يوم أمس بأنهم مدرجون في قائمة العائلات التي ستستفيد من علية إعادة الإسكان خلال السنة الجارية، غير محددة التاريخ الرسمي لهذه العملية، وهو ما أثار استياء العائلات التي تواجه الموت بشكل يومي على مدار عشرة سنوات كاملة.. وللإشارة فلقد أكد المكلف بالاتصال على مستوى مديرية الحماية المدنية بالعاصمة، صفيان بختي في اتصاله ب(أخبار اليوم)، عن أن الرياح العاصفة التي اجتاحت العاصمة خلال الفترة بين ليلة السبت إلى الأحد لم تخلف أية خسائر بشرية، فلقد قدرت عدد تدخلات أعوان الحماية في الفترة الممتدة بين الخامسة مساء من يوم السبت إلى الساعة السابعة صباحا ليوم الأحد، ب26 تدخلا والتي كانت أغلبها تتعلق بسقوط أعمدة وأسلاك كهربائية وبعض الأشجار، كسقوط عمود كهربائي في منطقة عين بنيان، وقد كانت أغلب الأعمدة والأسلاك الكهربائية التي سقطت، حسب نفس المتحدث منهارة بصفة جزئية، وتدخلت عناصر الحماية من أجل إزالة الخطر في انتظار تدخل المصالح المختصة من مؤسسة سونلغاز لمعالجة الأمر.