كم ساعةً تقضيها جالساً كل يوم، في العمل، في السيارة، على موائد وجبات الفطور والغذاء والعشاء، على الأرائك مقابل شاشة التلفزيون أو الحاسوب الشخصي، وفي المقهى؟ قد تُفاجأ وتذهل إن علمت أن: ما بين 50% إلى 70% من الناس يقضون أكثر من ست ساعات جالسين كل يوم. ما بين 20% إلى 35% من الناس يقضون أربع ساعات أو أكثر مقابل شاشة التلفزيون يومياً. وقد جاء بهذه الأرقام باحثون أجروا دراسةً حديثةً حول السلوكات الساكنة للأفراد. واعتمدوا على أحدث البيانات المتاحة من قبل استبانة وطنية لقياس الحالة الصحية والغذائية في المجتمع الأميركي ضمن برنامج بحوث مخصص بالأساس لتقييم أحوال الراشدين والأطفال في الولاياتالمتحدة. وتشمل هذا الاستبانة عينةً من الأميركيين المنحدرين من مختلف الولايات والبيئات الاجتماعية بلغ عددهم نحو خمسة آلاف شخص كل سنة طوال سنوات الدراسة. وخلُص الباحثون بعد تحليل النتائج المتراكمة في السنوات القليلة الماضية إلى أن نمط الحياة الساكن الذي يتبعه الأميركيون يؤدي بشكل حتمي إلى تقصير أمد حياة كل واحد منهم. ويضيفون أنه إذا أنقص الأميركيون مدة جلوسهم اليومية إلى النصف، فإن أمد حياة كل واحد منهم سيزيد على النحو الآتي: بمعدل سنتين في حال حرصوا على الجلوس أقل من ثلاث ساعات كل يوم. بمعدل 1,4 سنة في حال أنقصوا مدة مشاهدتهم للتلفاز إلى أقل من ساعتين كل يوم. وكانت دراسات سابقة قد أثبتت أن نمط العيش الساكن مقرون بعدد من المساوئ الصحية من بينها زيادة مخاطر الإصابة بمرض السكري نوع 2، وأمراض القلب، وبعض السرطانات كسرطان القولون وسرطان الثدي. وليس خفياً أن النشاط البدني يقلل هذه المخاطر عبر زيادة مقاومة الإنسولين، وتقليل دهون الجسم والالتهابات والاختلالات الهرمونية. ولذلك فإن تبني نمط عيش أكثر نشاطاً يجعل الحياة أصح وأسهل وأطول. وبدأ الخبراء يتفقون مؤخراً على أن كون الإنسان أكثر نشاطاً يعني ببساطة أنه يتحرك أكثر طوال اليوم. وهم باتفاقهم هذا يُجمعون على بعض الأفكار العملية لمحاربة ما يفضل عدد من هؤلاء الخبراء تسميته ب(مرض الجلوس): محاولة الترجل والوقوف والمشي كلما سنحت الفرصة لذلك. فما يمكن القيام به وقوفاً أو مشياً لا ينبغي القيام به جُلوساً. وهي برمجة ذاتية يمكن أن يقوم بها كل شخص. تغيير نوع ألعاب الفيديو من ألعاب تقليدية تتطلب من ممارسها الجلوس طوال فترة لعبها، إلى ألعاب فيديو حديثة تفاعلية، وتلك التي تجعل ممارسها يتحرك طيلة فترة لعبها. تعويد النفس على عدم التحدث على الهاتف إلا مشياً. اقتناء عداد الخطى لحساب عدد خطواتك كل يوم حتى يتسنى لك مراقبة نفسك، وبذل الجهد اللازم حتى لا تنزل عن العتبة الدنيا لعدد الخطوات المطلوب سيرها على الأرجل كل يوم. عاهد نفسك على ألا تستخدم المصعد الكهربائي للصعود أو النزول إلى الطابق الأول أو الثاني، ثم الثالث إن استطعت وهكذا. استغلال أوقات الانتظار في المشي إن كان مكان الانتظار يسمح بذلك، طبعاً ما لم تكن تنتظر في عيادة أو مستشفى. وقد تبدو هذه الخطوات اليومية بسيطةً، لكنها ذات آثار عميقة وإيجابيات طويلة الأمد على صحة الفرد. فهي لا تُساعد على تطويل أمد العمر فحسب، وإنما تجعلك تُنقص وزنك وتحافظ على لياقتك وتمتص التوتر اليومي الناتج عن ضغط العمل وأعباء الحياة ومشكلاتها.