انقضى رمضان، وعادت الحياة إلى ما كانت عليه قبل حلوله، ولكن ليس فقط أوقات الأكل والنوم والعمل التي تغيرت، بل حتى طبائع الناس وعاداتهم، حيث أن الكثير من التصرفات السيئة عادت لتطفو وتظهر في الشوارع. من ذلك ما يفعله بعض الشبان من تعدي على حرمات الغير وعلى الفتيات بالشارع، واللائي بدورهن عدن إلى بعض الممارسات الخليعة اقلها تلك الألبسة الهاتكة للحياء العام، والتي يخرجن بها إلى الشارع دون حياء او خجل، ودون أدنى اعتبار للناس والأشخاص، ولعل استقرار الحرارة بل وبلوغها درجات مرتفعة، لعل ذلك اظهر جليا تغير العادات والطبائع، حيث أن بعض الفتيات لم يعدن إلى التزين والتعطر والتمكيج فحسب، بل مباشرة بعد العيد أو خلال يومي العيد ارتدين الملابس الصيفية الشفافة والقصيرة والضيقة، ما جعل الكثيرين يتمنون لو لم يكن رمضان شهرا واحدا، بل اثني عشر شهرا كاملا، وذلك حتى لا يصطدموا مع تلك المناظر الفاضحة. وقد تتسبب تلك التصرفات وتلك المظاهر في شجارات اصطدامات بين المواطنين، خاصة أن بالغت بعض الفتيات في ارتداء ألبسة عارية، وهو ما حدث في أول أيام العيد، حيث يحكي لنا سهيل انه كان مع زوجته وأمه، وكانت بالقرب منهما في محطة الحافلة فتاة في حدود العشرين من العمر، راحت تظهر مفاتنها بمنتهى الوقاحة، وكانت ترتدي حلة جديدة، ولم تكتف بذلك فحسب، يقول لنا سهيل، بل إنها راحت تنظر إليه وتلتفت من حين لآخر، وهو ما جعله يستاء فيوبخها على ما بدر منها، فما كان منها إلا أن انصرفت، بعدما رددت بينها وبين نفسها كلمات لم يفهمها سهيل، لكنه لم يرد أن يزيد الطين بلة فلم يفعل شيئا، ومن ذلك كذلك ما حدث لربيع، والذي تعرض هو الآخر لموقف مشابه، لكنه لم ينته على خير، حيث كان رفقة أمه في انتظار أخته بشارع ديدوش مراد حيث يسكن، فمرت من الشارع فتاة كاسية عارية، فاكتفى بأن أدار وجهه، وخجل أمام أمه التي كانت معه، لكن الأمر لم ينته عند هذا الحد بل وطرقت سمعه بعض الكلمات البذيئة التي راح يتفوه بها بعض الشبان الذين كانوا يتبعون الفتاة، وهنا لم يستطع ربيع السكوت عن الأمر ووجد نفسه ودون وعي ينقض على هؤلاء الشباب ويحاول الفتك بهم، أما هؤلاء فحاولوا من جهتهم الدفاع عن أنفسهم، ثم تدخل بعض شبان الحي ممن شاهدوا الموقف، وراحوا يحولون بين الفريقين، وكانت النتيجة، يقول لنا ربيع، أن تمزق سرواله الذي اشتراه خصيصا للعيد، أمام خصومه فقد تلقى احدهم ضربة منه على وجهه أردته صريعا، ويضيف ربيع انه لم يكن ينتظر أن تكون بعض المظاهر الحسنة التي لاحظها خلال شهر رمضان مجرد قناع، كان يتخفى وراءه البعض، وان الجميع كان ينتظر نهاية الشهر الكريم لكي يعود إلى ما كان عليه قبله.