سلاّل حمل البشرى للجزائريين بعد طول انتظار ونضال ارتياح شعبي لإلغاء الفوائد الربوية على القروض ما إن أعلن الوزير الأوّل عبد المالك سلاّل عن قرار الجهاز التنفيذي بإلغاء الفوائد الربوية على القروض حتى ساد الارتياح الأوساط الشعبية التي كانت تنتظر منذ أمد بعيد قرارا من هذا النّوع، وهو القرار الذي من شأنه تشجيع الشباب على الاستثمار والإقبال على مختلف الصيغ المتاحة، سواء عبر (لونساج) أو (الكناك)، ما سيتيح إنشاء عدد كبير من المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وامتصاص نسبة كبيرة من البطالة. عبّر الشارع الجزائري عن ارتياحه الكبير للقرار الحكومي القاضي بإنهاء (عهد قروض النّار)، ولم يقتصر الارتياح والابتهاج على الشباب، بل تعدّاه إلى الأوساط العائلية التي أصبحت تنظر الآن بكثير من الاطمئنان إلى القروض البنكية وتراها فرصة حقيقية للكسب الحلال بعد أن كانت تعتبرها (جيفة) وأكلا للمال بالباطل بالنّظر إلى حرمة أكل الربا. بشرى سارّة بشرى سارّة جدّا تلك التي حملها سلاّل للجزائريين يوم السبت بالأغواط حين أعلن عن تعميم الإجراء المتعلّق بإلغاء الفوائد على القروض البنكية الموجّهة لفائدة الشباب ليشمل كلّ مناطق الوطن بعد أن كان مقتصرا على الجنوب والهضاب العليا، وهو القرار الذي جاء بعد حملات إلكترونية كبيرة نظّمها عدد كبير من الشباب الذين ناضلوا طويلا لإلغاء (القروض الربوية). في انتظار ترسيم القرار بمرسوم يصدر في الجريدة الرّسمية قريبا، ذكر سلاّل خلال لقاء جمعه بممثّلي المجتمع المدني بمناسبة زيارته التفقّدية لولاية الأغواط أن نسبة الفوائد المفروضة على القروض البنكية والمقدّرة ب 1 في المائة ستلغى نهائيا من المشاريع الاستثمارية الشبّانية في مختلف مناطق الوطن، وأضاف أنه وفي إطار التسهيلات المقدّمة للشباب في هذا المجال سيتمّ اقتراح تمديد فترة الإعفاء الضريبي من ستّ إلى عشر سنوات مع زيادة الإعفاء من الضريبة العقارية لعشر سنوات بدلا من ثلاث. وفي سياق ذي صلة، ذكر سلاّل أن العمل جار لبحث كيفية مرافقة الشباب المستفيدين من مختلف أجهزة القرض وتوجيههم نحو إنشاء مؤسسات مصغّرة منتجة. وشدّد الوزير الأوّل على ضرورة تشجيع الاستثمار في القطاعين العام والخاص وتثمين الشراكة الجزائرية والأجنبية بالحفاظ على قاعدة 51 في المائة للمؤسسات الوطنية كون الاستثمار لا يمكن أن يلقى على عاتق الدولة لوحدها، ودعا بالمناسبة المجتمع المدني إلى الانخراط في تكوين اليد العاملة المحلّية، لا سيّما في مجال الفلاحة والبناء للمساهمة في إنجاز المشاريع التنموية. وبعد أن اعترف بوجود عراقيل بيروقراطية تحول دون تجسيد هذه المشاريع، جدّد سلاّل عزم الدولة على محاربة هذه الظاهرة وكلّ الممارسات السلبية المرتبطة بها. للتذكير، فإن زيارة الوزير الأوّل على رأس وفد وزاري هامّ إلى ولاية الأغواط تأتي في سياق تنفيذ برنامج رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة، وتمّ خلالها معاينة جملة من المشاريع ذات الطابع الاقتصادي والاجتماعي. ثمرة نضال طويل يأتي قرار الحكومة الذي طال انتظاره بعد أن تحوّل إلغاء القروض الربوية واستبدالها بأخرى مقبولة شرعا من مطلب جماهيري شعبي إلى مطلب حزبي وجمعوي. فبعد مراسلة بهاء الدين طليبة نائب رئيس الكتلة البرلمانية لحزب جبهة التحرير الوطني للوزير الأوّل جاء الدور على جمعيات فاعلة قرّرت أن تطرق باب الجهاز التنفيذي بهدف مناشدة سلاّل والضغط على الحكومة لوقف ما يمكن تسميته ب (قروض النّار). ويبدو أن الحملات الالكترونية المتكرّرة التي قادها نشطاء على (الفايس بوك) وغيره من مواقع التواصل الاجتماعي قد وجدت صداها أخيرا في أوساط النخبة السياسية والجمعوية ثمّ وجدت صداها أخيرا لدى الحكومة التي قرّرت إنهاء (عار قروض النّار). ومعلوم أن عددا كبيرا من الشباب يفضّلون البطالة على (الاستفادة) من قروض ربوية محرّمة شرعا، إلى درجة أن البعض يذهب في تحريمها إلى اعتبارها أخطر من الزنا، وهناك من يراها أكثر فحشا من ممارسة الفاحشة مع الأمّ، والعياذ باللّه، وهو الأمر الذي دفع كثيرين إلى الانخراط في حملات إلكترونية مختلفة يدعو أصحابها إلى وقف (قروض النّار والعار)، مستندين إلى قول اللّه تعالى: {وأحلّ اللّه البيع وحرّم الربا}، بالإضافة إلى فتاوى لكبار الأئمة الجزائريين مثل الشيخ أبو عبد السلام الذي أفتى بحرمة الاستفادة من القروض البنكي، مهما كانت نسبة الفائدة الربوية فيها واحد بالمائة أو حتى 0.1 بالمائة. وقد استند أصحاب الحملة إلى ما ذكره الشيخ بدر الدين، إمام وخطيب مسجد (الأبرار) بالجزائر العاصمة وعضو لجنة الفتوى بالمجلس العلمي لولاية الجزائر ونائب رئيس لجنة الإغاثة بجمعية العلماء المسلمين الجزائريين الذي شدّد على أن إلغاء القروض الربوية يجب أن يتمّ دون حملة. ولم تقتصر الحملات المطالبة بإلغاء القروض الربوية على تلك المتعلّقة بالشغل، بل تتعدّاها إلى القروض الموجّهة لشراء سكنات، حيث يناشد أصحاب تلك الحملات الحكومة وقف كلّ أشكال (قروض النّار) دون استثناء لصيغة أو منطقة. وقد نزل قرار الحكومة بإلغاء القروض الربوية في ولايات الجنوب قبل أسابيع بردا وسلاما على شباب المنطقة الذين استبشروا خيرا بالقرار وزاد إقبالهم على الصيغ الموجّهة لتشجيعهم على دخول عالم المال والأعمال من (باب الحلال)، ليكون تعميم القرار على المستوى الوطني أفضل هدية حكومية لشباب الجزائر.