فشلت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون في حلحلة الأزمة بمصر، في حين بدأت واشنطن اتصالاتها مع القادة الجدد وأعلنت عزمها إرسال مبعوثين إلى القاهرة، وسط توتر بين مصر وجنوب إفريقيا التي تصف عزل الرئيس محمد مرسي بالانقلاب. قال مراسلون إن الطريقة المفاجئة التي غادرت آشتون فيها القاهرة مبررة ذلك بضرورة اللحاق بالطائرة، تدلل على حقيقة الموقف. وقد قطعت آشتون -التي التقت أيضا الرئيس المعزول مرسي- المؤتمر الصحفي الذي عقدته مع محمد البرادعي نائب رئيس مصر المؤقت، بعدما تم تحريف الترجمة عدة مرات، ورد البرادعي عن سؤال قال فيه إنه (لا دور لمرسي في المرحلة المقبلة). وانسحبت مفوضية الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي من المؤتمر الصحفي المشترك الذي جمعها بنائب الرئيس الانتقالي محمد البرادعي قبل انتهائه بحجة اللحاق بطائرتها قبل إقلاعها، متخطية بذلك البروتوكولات المعهودة، علما بأن انسحابها أعقب جوابا للبرادعي أكد فيه أن الرئيس المعزول محمد مرسي قد انتهى دوره بعد الثلاثين من جوان رغم بقاء الإخوان في المعادلة السياسية الجديدة. وقالت آشتون: (عليّ اللحاق بطائرتي) قبل أن تنسحب. وهذا الانسحاب المفاجئ جاء على ما يبدو اعتراضاً على رفض البرادعي أن يلعب الرئيس المعزول محمد مرسي أيّ دور في مستقبل مصر رغم تأكيده على أن الإخوان المسلمين يبقون جزءا من الحياة السياسية، لتخرج آشتون وتترك البرادعي يتابع المؤتمر وحده. وشددت المسؤولة الأوروبية -التي وصلت الأحد إلى القاهرة- على ضرورة بدء عملية سياسية شاملة للجميع في مصر لتجاوز الأزمة الحالية في البلاد، ووقف العنف تماما مع حرية التظاهر. وأشير إلى أن آشتون تتكتم على مضمون لقاءاتها، ولكن الأطراف السياسية -وخاصة تحالف دعم الشرعية وحزب النور السلفي- تعلن بالمقابل ما طرحته على المسؤولة الأوروبية التي تعهدت بمواصلة جهودها لإيجاد حل للأزمة المصرية. وتؤكد آشتون أن دبلوماسيين من الاتحاد الأوروبي سيأتون إلى مصر لمواصلة مساعي الوساطة (للمساعدة وليس لفرض) مواقف على أطراف الأزمة. وبينما تريد السلطات الجديدة من الإخوان المسلمين وحلفائهم الانضمام إلى خطة المرحلة الانتقالية التي أعلنت يوم عزل مرسي، يصر الإخوان على عودة (الشرعية الدستورية) ومرسي الذي انتخب قبل عام. وفي ظل التعثر الأوروبي في مصر، كلف الرئيس الأمريكي باراك أوباما عضوين بارزين في لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ بالسفر إلى مصر للاجتماع مع قادتها العسكريين والأطراف السياسية المختلفة. وقال ليندسي غراهام -الذي يتوقع أن ينضم إلى جون ماكين في زيارة مصر الأسبوع المقبل- إنه يريد أن ينقل رسالة مفادها أن (قتل المعارضة يصبح أكثر فأكثر مثل الانقلاب)، ويشجع العسكريين للتحرك قدما نحو إجراء انتخابات. وأضاف غراهام أن الوفد سيذهب إلى مصر ليلتقي كافة الأطراف ويطلع على ما يجري على الأرض، لأن ذلك ربما يوصل إلى اعتقاد بضرورة قطع المساعدات (1.55 مليار دولار) عن مصر. يذكر أن واشنطن تحجم عن وصف عزل مرسي بالانقلاب، لا سيّما أن الحكم قد يؤثر على المساعدات التي تقدمها واشنطن لمصر سنويا، وفق القانون الأمريكي الذي يحظر تقديم المساعدة لبلد يشهد انقلابا عسكريا. وفي هذا السياق، قالت وزارة الدفاع الأمريكية إن الوزير تشاك هيغل اتصل بنظيره المصري عبد الفتاح السيسي، وحث قوات الأمن المصرية على ضبط النفس أثناء تعاملها مع المظاهرات. من جانبه، قال القائد العسكري لحلف شمال الأطلسي (ناتو) الجنرال الأمريكي فيليب بريدلاف -الذي تولى منصب القائد الأعلى لقوات الحلف في أوروبا- إن الاضطرابات في شمال إفريقيا مبعث قلق للحلف الذي يراقب عن كثب الأحداث في مصر وجيرانها. القاهرة تصاب بالذعر من موقف جوهانسبورغ على صعيد آخر، أعربت الخارجية المصرية عن استيائها الشديد من بيان لوزارة العلاقات الدولية بجنوب إفريقيا، والذي وصف ما حدث في مصر بالانقلاب العسكري. وقالت الخارجية في بيان إن هذا الأمر يكشف عن قراءة غير دقيقة للواقع المصري، ويتجاهل الإرادة الشعبية المصرية على حد وصفها. واستنكرت الخارجية المصرية إصرار حكومة جنوب إفريقيا على وصف ما حدث في مصر من ثورة شعبية بأنه تغيير غير دستوري للحكومة. كما استنكرت استمرار ادعاء حكومة جنوب إفريقيا بشرعية الرئيس المصري المعزول، الأمر الذي يمثل إهانة لإرادة الملايين من أبناء الشعب المصري على حد ما جاء في البيان. وثمة وفد من جنوب إفريقيا في القاهرة، يجري اتصالات مكثفة، ولكن الوفد لم يبد ما يدلل على الرغبة في تلبية المطالب المصرية برفع الحظر الذي فرضه الاتحاد الإفريقي. وفي ظل الاستياء المصري من تصريحات المسؤولين الأتراك، استدعت الخارجية المصرية السفير التركي بالقاهرة لإبلاغه بأن (التصريحات الأخيرة للمسؤولين الأتراك تجاوزت كل الأعراف الدبلوماسية والاحترام المتبادل بين الدول وتمثل تدخلا صريحا في الشأن المصري). وحسب مصدر بالخارجية فإن مساعد الوزير للشؤون الأوروبية أبلغ السفير التركي بأنه (إذا كانت مصر حريصة على علاقاتها مع تركيا، فإن هذا الحرص أيا كان يتعين أن يقابل بحرص مماثل من الجانب التركي إعلاء للمصالح المشتركة العليا بين البلدين وفوق المصالح الحزبية الضيقة).