شدد رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة في الكلمة التي ألقاها مراد مدلسي وزير الخارجية أمس الأول نيابة عنه بنيويورك في الولاياتالمتحدةالأمريكية، على ضرورة تناول مسألة إطلاق سراح الإرهابيين مقابل تحرير الرهائن بحزم وعزم وبكثير من المسؤولية، مشيرا في الوقت نفسه إلى موقف الجزائر الرافض لدفع الفديات للجمعات الإرهابية خاصة بعد تفاقم ظاهرة الجريمة المنظمة العابرة للأوطان، مجددا بذلك دعوة الجزائر إلى تجفيف كل منابع دعم الإرهاب والتضييق على الإرهابيين· وقال بوتفليقة في كلمة له ألقاها نيابة عنه وزير الخارجية مراد مدلسي خلال الدورة ال65 للجمعية العامة للأمم المتحدة، أن الجزائر تحيّي بكل ارتياح مصادقة مجلس الأمن الدولي على اللائحة رقم 1904 المتعلقة بالتجريم القانوني لدفع الفديات للجماعات الإرهابية انطلاقا من مبدأ أن هذا العمل الذي يستدعي الإدانة يشكل مصدرا هاما لتمويل الإرهاب، مشيرا إلى الجهود الجبارة لا زالت تنتظر المجتمع الدولي من أجل اجتثاث هذا التهديد العابر للأوطان ليس فقط في إطار عملية تطبيقها الكلي والتلقائي وإنما كذلك في معالجة إشكالية إطلاق سراح الإرهابيين في مقابل تحرير الرهائن، وهي المسألة التي يجب تناولها بكل عزم وحزم ومسؤولية، وأضاف الرئيس أن يقظة المجتمع الدولي أمام الإرهاب العابر للأوطان يجب كذلك أن يشمل جميع الوسائل الحديثة التي يستعملها من أجل القيام بنشاطاته الإجرامية سيما من خلال استعمال صور الأقمار الصناعية في التخطيط واقتراف أعماله· لذلك فإن الجزائر تدعو المجتمع الدولي - يضيف- لاتخاذ الإجراءات المناسبة بغية الحيلولة دون استعمال هذه التكنولوجية في الإجرام، أردف قائلا أن الجزائر تشارك بشكل كلي في إطار تعاون إقليمي مدمج الذي يعد الحلقة الأساسية في المكافحة الدولية للإرهاب في ظل احترام مبادئ ميثاق منظمة الأممالمتحدة، مؤكدا وفي الوقت ذاته أن الجزائر صاحبة عديد المبادرات الحديثة من بينها تعزيز التعاون الثنائي والإقليمي بين دول المنطقة سواء في ميداني السلم والأمن أو في مجال التنمية وأن بلدان الساحل الصحراوي تطمح جميعها إلى تشكيل نظرة أكثر تناغما واتساعا حول رهانات أمن جماعي، ليبقى الاحترام الكلي لجميع المبادئ التي جاءت بها إستراتيجية مكافحة الإرهاب التي تمت المصادقة عليها سنة 2006 وحده الكفيل بأن يشكل خارطة طريقنا -يضيف بوتفليقة-· من جهة أخرى، تحدث الرئيس في خطابه عن تمسك الجزائر بمواصلة العمل المشترك من أجل تشييد اتحاد المغرب العربي وتفعيل مؤسساته بهدف تجسيد هذا المشروع الحضاري الذي يشكل الإطار الملائم للتعاون والتكامل الاقتصادي بين دول المنطقة، حيث باشرت العمل بالانطلاق في إطار برامجها الجديدة الخاصة بالإنعاش الاقتصادي والاجتماعي مشاريع تنموية كبرى ذات بعد مغاربي من شأنها تسهيل عملية الاندماج الإقليمي، كما تطرق بالمناسبة إلى مجمل القضايا العادلة ومسألة تقرير الشعوب لكل من فلسطين والصحراء الغربية التي لا تزال الجزائر مستعدة لتقديم دعمها الكامل لجهود الأممالمتحدة من أجل تسوية النزاع بها، ناهيك عن قضية نزح السلاح حيث أكد نية الجزائر على بقائها ملتزمة لصالح تفعيل حقيقي لأشغال ندوة نزع السلاح قصد تعزيز هذا المنتدى المتعدد الأطراف الفريد للتفاوض بشأن القضية· كما جدد موقف الجزائر الذي يندرج في سياق موقف الإتحاد الإفريقي وهو الموقف الذي تم تأكيده خلال الندوة الخامسة عشرة لرؤساء الدول والحكومات التي انعقدت مؤخرا بكامبالا والقاضي بأن عدالة دولية عاجلة تركز أساسا على منطقة ما من شأنها أن تهدد السلم والأمن الإقليميين وأن تشوّه القضايا النبيلة لهذه العدالة وقد تستغلها لأغراض سياسية وجيواستراتيجية، وقد أشار إلى التشجيع الذي توليه الجزائر في إطار الاتحاد الإفريقي مسار تعزيز السلم وإعادة الأعمار بعد النزاعات وكذا المصالحة الوطنية وهما السبيلان الأنسب للوقاية من بروز بؤر التوتر مجددا· وعلى صعيد آخر، ذكر الرئيس بوتفليقة في الخطاب الذي ألقاه مدلسي نيابة عنه، العديد من القضايا الدولية الأخرى أهمها الأزمة المالية والعالمية الاقتصادية وموقع الدول الفقيرة الإفريقية من آثارها مما يدعو المجتمع الدولي إلى احترام التزاماته في مجال المساعدة العمومية من أجل التنمية وأن تنفذ إجراءات إضافية لمساعدة هذه البلدان وتمكينها من الاقتراب من أهداف الألفية للتنمية في أجل 2015 إن كان تحقيقها متعذرا، إلى جانب العمل على تقليص أثر الفقر الذي يشكل العائق الرئيسي أمام تحقيق أهداف الألفية للتنمية· كما تحدث عن مسألة التغيرات المناخية والتنوع البيولوجي حفاظا على هذا المورد، ومن شأن النتائج المتفاوتة التي سجلت في كوبنهاغن أن تحث كافة الدول على مضاعفة الجهود قصد إحراز تقدم خلال الاجتماع المقبل لندوة الأطراف بكانكون نحو اتفاق ملزم قانونيا على أساس مبادئ الاتفاقية الإطار وبروتوكول كيوتو· في حين ذكر بالتقلبات الجوية والمناخية التي عرفها العالم والأخطار الناجمة عن ذلك التي تجب التدخل من أجل إيجاد إستراتيجية دولية للوقاية من هذه الكوارث إلى جانب حديثه عن قضايا أخرى أهمها كيفية إيجاد سبل لنزع السلاح النووي وبأن الجزائر تدعو لصالح الحق الشرعي للبلدان في اكتساب التكنولوجيا النووية لأغراض سلمية، ويتأسف لسياسة الكيل بمكيالين لعل قناعة من أن الحوار والوسائل السلمية كفيلة وحدها بتبديد الخلافات·