التطوع.. خلق وقيمة اجتماعية من أجل "عالم أفضل" اعتناق التطوع وجعله ملازما للحياة اليومية، هي مبادئ راسخة في ديننا الإسلامي المقدس، والمجتمع اليوم بأشد الحاجة إلى عودة هذه القيمة الرائعة في أخلاقنا، وليس حصرها فقط خلال الكوارث الطبيعية، وهذا ما عبر عنه أزيد من 3 آلاف جزائري خلال عملية سبر للآراء عبر الأنترنت، حيث عبروا عن رؤيتهم لعالم أفضل عبر تنشيط عمليات التطوع في كل المجلات وسط المجتمع.. قيمة التطوع فقدت معناها وتضاءلت بشكل كبير وسط المجتمع الجزائري، ورغم أنها تستيقظ من غيبوبتها بشكل استثناني خلال حالة الكوارث الطبيعية كالفيضانات والزلازل، إنما سرعان ما تعود للسبات العميق تاركة المهمة على بعض الجمعيات القليلة الناشطة في هذا الميدان وعلى رأسها منظمة الكشافة الإسلامية في الجزائر، فكيف أصبح التطوع في الجزائر محصورا فقط في أفواج الكشافة..؟ صفحات "فايسبوكية " لنشر ثقافة التطوع حالة التطوع في الجزائر حسب المختصين، تعيش لحظات حرجة، ويجب إجراء عملية جراحية كبرى من أجل إعادة بعث أنفاسها، خاصة بين الشباب وكذا المتمدرسين، وأكبر معلم على التطوع هي الأسرة، فحسب ذات المتحدثين فإن خلق التطوع هو طبع يغرس في الفرد منذ الصغر وهو ثقافة يتعلمها ويروض عليها على طول أيامه ويقوم بنقلها إلى الآخرين.. فالتطوع ليس مقتصرا على برنامج مساعدات ورؤى اقتصادية وسياسية فقط، إنما التطوع فكرة أخلاقية تعكس علاقة الشراكة بين أفراد يتقاسمون العيش والفهم الثقافي المشترك على نفس الأرض، وإن كان التطوع يخفف من فاقة أو عوز أو صدمة ما فإنه بالمقابل يبني قدرة داخلية لدى المتطوع، قدرة تحسّن من فن إدارة التطوع، وتجعل منه لدى الأفراد أو المنظمات ليس مجرد جهود فيزيائية أو مالية، بل تتخطاها إلى بناء شراكة من المهارات والمعرفة... والتطوع مؤخرا عاد إلى الظهور بشكل جيد على مواقع الأنترنت المختلفة، وخاصة على صفحات الفايسبوك، بحيث بعد أن أصبحت مواقع التواصل الوسيلة الأولى لإيصال المعلومة ونشرها بين عدد أكبر من الناس، استغل بعض الناشطين في ميدان التطوع هذه الفرصة من أجل بث الوعي وإظهار أبواب التطوع المختلفة وسط الأفراد مهما اختلفت أجناسهم أو مناصبهم وأدوارهم في الحياة.. ورغم أن التطوع بقي محصورا في العالم الافتراضي، إلا أن الأمل جد كبير بنقله إلى الواقع وإعادة بعثه وسط الجزائريين.. ولأن التطوع في الجزائر رغم كل شيء له وضع خاص، تعتبر الجزائر من بين البلدان الخمسين الأولى المعنية بالمشاورات العالمية للأمم المتحدة المقررة لسنة 2015 من أجل (عالم أفضل) والهادفة إلى تمكين الشباب الجزائري من عرض رؤيته للمستقبل، حسبما أوضحت المنسقة المقيمة لنظام الأممالمتحدة في الجزائر كريستينا امارال بالجزائر.. وتعتبر مبادرة (ما ي وورد) التي قامت بها منظمة الأممالمتحدة وشركاؤها تحقيقا عالميا لكل المواطنين، وهدفه هو جرد صوت الشعب وأولوياته وآرائه حتى يكون قادة العالم بأسره على علم بنتائج هذا الجرد خلال تحديد الرزنامة العالمية المقبلة من أجل التنمية. وأوضحت منظمة الأممالمتحدة أن (ماي وورد) تستقي آراء المواطنين إلى غاية 2015 والنتائج ستقدم إلى الأمين العام ولقادة العالم بأكمله عندما يحضرون الرزنامة المقبلة من أجل التنمية من هنا إلى سنة 2015). وهنأت السيدة امارال بهذه المناسبة متطوعي الأممالمتحدة ومختلف الجمعيات الجزائرية والشباب المتطوع الذين ساهموا في السير الحسن لهذا المسار الاستشاري. وذكرت المتحدثة بأن الاحتفال باليوم العالمي للمتطوعين قد صادقت عليه الجمعية العامة للأمم المتحدة في 17 ديسمبر 1985، ملحة على الدور الأساسي للشبيبة التي تمثل حسبها "قوة وعنصر أساسي " في التطوع. وأشادت من جهة أخرى بالجهود التي تبذلها جمعية التطوع لولاية الجزائر (تويزة) التي ثمنت هذه القوة من خلال إهداء هذا اليوم العالمي للتطوع إلى (الشبيبة الجزائرية). وذكر من جهته رئيس هذه الجمعية سفيان خوخي بالدور الذي تلعبه حركته منذ إنشائها سنة 1993 حتى تشجع الشباب على اعتناق التطوع والمساهمة في تنمية هذه الحركة من خلال أعمال اجتماعية وجوارية. وأوضح أن (جمعية تويزة تعمل منذ إنشائها على ترقية روح المساعدة والتضامن لدى الشباب قصد ترقية التطوع كعمل اجتماعي واسع النطاق). وأكد من جهته رئيس المجلس الشعبي البلدي للجزائر الوسطى حكيم بطاش أن بلدية الجزائر العاصمة مفتوحة لجميع المبادرات من أجل ترقية التطوع. وأكد أمام عديد المشاركين في هذا اليوم أن بلدية الجزائر الوسطى تضع تحت تصرف المتطوعين الوسائل الضرورية لأعمال التطوع. "الحركة الجمعوية محضن العمل التطوعي" دعا مدير مركزي بوزارة الشباب والرياضة زروق محمد، كافة أطراف الحركة الجمعوية لاسيما الشبانية منها إلى الانخراط بقوة في الأعمال التطوعية نظرا لأهميتها الاجتماعية. وأكد السيد زروق الذي يشغل منصب مدير الشباب بالوزارة في كلمة ألقاها خلال لقاء نظم بمناسبة اليوم العالمي للمتطوعين على أن العمل التطوعي يوفر (فرصا أمام الشباب لتطوير المهارات واكتساب القدرة على تحمل المسؤوليات والانتقال الآمن للحياة العملية والمساهمة أيضا في توسيع فرص الوصول إلى الخدمات لكافة أفراد المجتمع). ولأن تطوير العمل التطوعي والانتقال به إلى صدارة الاهتمام الاجتماعي يمر عبر الاستثمار في عنصر الشباب، قال ذات المسؤول بأن هذه الفئة (أصبحت تشكل مركز النقاش والحوار الاجتماعي كطرف حيوي ونشط في كافة المجالات العملية التنموية). وأشار السيد زروق إلى أن إحياء اليوم العالمي للمتطوعين أصبح تقليدا سنويا للأمم المتحدة وكل بلدان العالم تلتقي فيه كل الأطراف المعنية لتقييم المسار والوقوف على الإيجابيات والسلبيات المسجلة خلال تنفيذ الالتزامات والبرامج ولتحفيز الهمم وزيادة الإعتراف الدولي والوطني بقيم ودور العمل التطوعي في الأوساط الاجتماعية المختلفة. كما تم التأكيد بالمناسبة التي احتفل بها تحت شعار (الحركة الجمعوية محضن العمل التطوعي) على أن تطوير العمل التطوعي في أوساط الشباب (يتطلب تعزيز الآليات التي تمكن من الاستجابة القصوى لمطالب ومهام المتطوعين والاستفادة من خبراتهم ومشاريعهم). ويتأتى هذا المسعى --حسب مدير الشباب-- عن طريق تأطير العملية التطوعية والتأسيس لثقافة اجتماعية تمكن من احتضان ودعم المبادرات التطوعية وهو (ما يستوجب إيجاد إطار شامل ومرن تجتمع فيه كافة جهود المتطوعين سواء كانوا أفرادا أو جمعيات على غرار شبكة متطوعي الأممالمتحدة وشبكة متطوعي الاتحاد الإفريقي). وبالنسبة لممثلي بعض الجمعيات فإن الاحتفال باليوم العالمي للمتطوعين (يعتبر قيمة اجتماعية إضافية إلى ما تقوم به الدولة عبر مؤسساتها لترقية العمل التطوعي الذي يجب أن يواجه --كما قالوا-- التغييرات الجديدة بمقاربات وبمهام جديدة تستجيب للمتطلبات الاجتماعية المتغيرة باستمرار). وقد تم على هامش هذا اللقاء تنظيم معرض من طرف الحركة الجمعوية بمركز التسلية والترفيه الخاص بالشباب بسيدي فرج (غرب الجزائر العاصمة) تضمن مختلف المشاريع الموجهة لفائدة الشباب في مجالات عديدة. كما قام الحضور بأعمال تطوعية داخل المركز مست على وجه الخصوص تنظيف المحيط وتزيينه إلى جانب القيام برسومات جدارية. تظاهرات ولائية حول العمليات التطوعية نظمت جمعية (الأرز) لحماية البيئة والتنمية المستدامة لبلدية ثنية الحد (تيسمسيلت)، تظاهرة إعلامية حول العمليات التطوعية الموجهة للبيئة والمحيط بمناسبة اليوم العالمي للتطوع المصادف للخامس ديسمبر من كل سنة. وأوضح رئيس الجمعية السيد غانم نينر أن هذه المبادرة تضمنت معرضا للصور سلط الضوء على الحملات التطوعية لتنظيف الأحياء وغابة (الأرز) التي جسدها هذه السنة شباب منخرطون بالجمعية بغية تشجيع العمل التطوعي. كما تم بالمناسبة توزيع مطويات لإبراز دور العمل التطوعي المستمر في المحافظة على جمال المدينة وكذا حماية البيئة من كل أشكال الإهمال والتصرفات اللامسؤولة. وقام عدد من إطارات الجمعية المذكورة رفقة مجموعة من التلاميذ بتجسيد عملية تطوعية لتنظيف الشارع الرئيسي الذي يتواجد به المقر الجواري الشباني الذي احتضن التظاهرة. ومن جهة أخرى برمجت الجمعية بالتنسيق مع دار الحظيرة الوطنية للأرز بثنية الحد ومصالح البلدية على المدى القريب عملية تطوعية واسعة لنظافة غابة (المداد) ذات المناظر الطبيعية الجذابة.