كشف مصدر جدّ موثوق أن الاجتماع الأخير لقادة أجهزة الاستعلامات لدول الساحل الذي أقيم بتمنرست، في أقصى جنوبالجزائر الأسبوع الفارط، وحضره كلّ ممثّلي الدول السبع لدول المنطقة، على غرار موريتانيا، مالي، النّيجر، تشاد، ليبيا وبوركينا فاسو تترأسهم الجزائر، والذي وصفه بالتقني، الهدف منه تعزيز التنسيق اللّوجيستي والتعاون الاستخباراتي فيما بينها من أجل تحقيق الأمن في المنطقة. وأكّد المصدر أن المعلومات التي روّجت حول هذا اللّقاء، والذي تناقلته وسائل الإعلام عن الوكالة الفرنسية للأنباء جانبت الصواب وتتضمّن الكثير من المغالطات، مبرزا أن الاجتماع حضره سبع دول الممثّلين للّجنة أركان العمليات العسكرية المذكورة سابقا. في حين، نقلت وكالة الأنباء الفرنسية نقلا عن مصدر ديبلوماسي مالي أن الاجتماع حضره ممثّلون عن أربع دول الساحل وهي الجزائر، مالي، موريتانيا والنّيجر، ممّا يؤكّد أن المصدر الذي نقل معلومات لوكالة الأنباء الفرنسية لم يحضر الاجتماع أصلا، أو أن الوكالة الفرنسية نشرت الخبر ونسبته إلى المصدر الدبلوماسي المالي لحاجة في نفس يعقوب، قد يكون الهدف منها إحراج مالي أمام نظرائها من دول الساحل وإظهارها وكأنها دولة عاقّة وأنها تسرّب معلومات عن الاجتماعات التي تعقدها دول الساحل. وأردف المصدر أن هذا الاجتماع لأجهزة الأمن والاستخبارات لدول الساحل يصبّ في نفس الإطار، ولتحقيق نفس الهدف الذي سعى إليه اجتماع رؤساء الأركان لدول الساحل الذي انعقد بمركز لجنة أركان العمليات العسكرية المشتركة بتنمراست، حيث يكون العمل بالتنسيق بين الأجهزة الاستخباراتية التي تعمل على جمع المعلومات حول تحرّكات الجماعات الإرهابية والإجرامية بالمنطقة لتزوّد بها الأجهزة العسكرية التي تتحرّك في الميدان. وفيما يتعلّق بمحتوى الاجتماع أكّد المصدر أنه تناول مسائل تقنية لكيفية عمل خلية الاستعلامات المكلّفة بالتنسيق الأمني والاستخباراتي بين هذه الدول، تتمّة لما جاء به اجتماع قيادة الأركان الذي عقد قبل ثلاثة أيّام. وأضاف المصدر أن الدول اتّفقت على ضرورة تعزيز التعاون الأمني من أجل دحر الجماعات الإرهابية والإجرامية النّاشطة بالمنطقة، مبرزة أنها قادرة على ذلك ذاتيا إذا ما توفّر مزيد من التنسيق والتعاون، في خطوة منهم لقطع الطريق أمام أيّ تدخّل أجنبي في المنطقة قد يضرّ بشعوبها، نافيا أن تكون الدول قد طلبت انضمام دولة المغرب كما نقلته وكالة الأنباء الفرنسية، مشيرا إلى أن كلّ الدول اتّفقت على أن المغرب ليس له دخل في منطقة الساحل ولا يمكنه أن يعطي أيّ إضافة لتحقيق هدفها، باستثناء دولة مالي فقط التي اقترحت ضمّ المغرب إلى لجنة أركان العمليات العسكرية. وأوضح المصدر في هذا الشأن أن ممثّلي دول منطقة الساحل اجتمعوا على أن المغرب لا يمكنه أن يعطي أيّ إضافة لجهود الدول في محاربة الظاهرة الإرهابية والإجرامية بالمنطقة لعدّة اعتبارات تمليها معطيات سياسية وجغرافية واستراتيجية، فبداية المغرب ليس عضوا في الاتحاد الإفريقي الذي تعمل تحت لوائه لجنة أركان العمليات العسكرية، ناهيك عن أن المغرب ليس له أيّ ارتباطات جغرافية بمنطقة الساحل، فلا هو يملك حدودا برّية ولا إقليمية ولا بحرية مع الدول السبع العضوة في اللّجنة. ولم يقف ممثّلو الدول السبع في اللّجنة عند هذه الأسباب، بل رأوا أن معطيات جيو-استراتيجية تفرض عدم قَبول المغرب في اللّجنة، وهي أن المغرب قريب جدّا من الاتحاد الأوروبي وتربطه مصالح سياسية واقتصادية عميقة بهذا الأخير، سيّما مع باريس التي تعتبر قطبا من أقطاب الاتحاد، والتي عبّرت في الكثير من المرّات عن نواياها في التدخّل في المنطقة، الأمر الذي ترفضه الدول الأعضاء رفضا مطلقا، وبالتالي أيّ انضمام للمغرب سيشكّل خطرا يهدّد اللّجنة. إضافة إلى أن المغرب عضو في حلف »النّاتو« الذي تقوده الولايات المتّحدة الأمريكية، فلا يستبعد على المدى الطويل أن يكون عينا أمريكية أو أذنا فرنسية في اللّجنة، فمن باب الاحتراز والحيطة والحذر المطلوبة في مثل هذه اللّجان قرّر المجتمعون أنه لا جدوى ولا فائدة من انضمام المغرب، بل إن انضمامه يكون بمثابة مخاطرة لا يحمد عقباها.