الحكومة تتخذ إجراءات هامة لصالح سكان المنطقة نجح عقلاء غرداية بوجه خاص، ومنطقة ميزاب والجزائر عموما، في إخماد نار الفتنة التي أرادت جهات مشبوهة أن يحرقوا بها (قلب الجزائر)، وعادت الحياة تدريجيا إلى مجراها الطبيعي والعادي مع حلول السنة الجديدة على مستوى مختلف أرجاء مدينة غرداية التي كانت مسرحا لاشتبكات بين الشباب وفوضى خطيرة خلال الأيام الماضية، ويبدو أن نداء الرئيس بوتفليقة قد خلف أثرا طيبا بين (الإخوة الأعداء) في المنطقة، كما لعبت رزانة أعيان غرداية دورا حاسمة في وأد الفتنة النتنة. واستأنف جزء كبير من المحلات التجارية على مستوى عاصمة الولاية نشاطهم كما باشر مختلف السكان أعمالهم اليومية في جو طبيعي يسوده الهدوء والاستقرار وذلك تحت أعين مصالح الأمن وقوات حفظ النظام التي تم تجنيدها وتعزيزها في إطار وقائي عبر مختلف النقاط المتشعبة بالمدينة حيث يبدو أنها متحكمة في الوضع. ومن أصل 2.200 محل تجاري كائن ببلدية غرداية لا يزال 900 محل مغلق معظمها من أجل إعداد الحصيلة السنوية حسب مصالح التجارة بالولاية. وكثف منتخبو وممثلو المجتمع المدني دعواتهم للحوار لإحلال الأمن وعودة الهدوء في الوقت الذي توزع فيه جماعات منشورات تدعو إلى (إطلاق سراح المعتقلين) و(التوزيع العادل للسكنات والأراضي) و(تعويض المنكوبين) جراء هذه الأحداث. من جهتهم دعا عدد من سكان غرداية إلى التكفل بانشغالات السكان فيما يتعلق بالسكن والعقار الذين يمثلان مصدر النزاع بالمنطقة. وبالنسبة للعديد من المختصين والجامعيين فإن منطقة وادي ميزاب لا يمكنها احتواء سكان تزداد كثافتهم بشكل سريع ما يستدعي استحداث قصور ومدن جديدة مع الأخذ بعين الاعتبار الخاصيات الاجتماعية للمنطقة. وتعمل من جهتها السلطات العمومية من أجل إيجاد حل دائم ليعود لهذه المنطقة المعروفة عالميا بهدوئها واستقرارها من أجل بعث تنميتها المستدامة وتحقيق الرفاهية لسكانها. وفي هذا الإطار انتقل وفد من أعيان منطقة غرداية يوم الخميس إلى الجزائر. للإشارة، فقد استقبل الوزير الأول عبد المالك سلال يوم الخميس بالجزائر العاصمة وفدا من مواطنين يمثلون المجموعتين الإباضية والمالكية لولاية غرداية من أجل وضع حد للفتنة. ويتكون الوفد من 24 شخصا ممثلا عن المجموعتين الإباضية والمالكية (12 شخصا عن كل مجموعة). وعقب اللقاء تم اتخاذ العديد من القرارات لتمكين عودة الأمور إلى مجراها الطبيعي بغرداية لا سيما إنشاء مجلس حكماء على مستوى البلديات المعنية ليكون بمثابة (فضاء للتحكيم والصلح) على أساس (التعايش المنسجم والسلمي) العريق الذي كان يسود في هذه الولاية. ومن جهتهم التزم ممثلو المجموعتين ببذل (كل ما بوسعهم) للاسهام في تجاوز الخلافات واستعادة (العلاقات الأخوية وفق الأسس السليمة) المتوارثة عبر أجيال في هذه الولاية. كما عبروا مطولا عن انشغالاتهم وأطلعوا الوزير الأول على (ما بدا لهم تجاوزا) خلال المناوشات المسجلة في الأسابيع المنصرمة. كما تم إقرار التوزيع (المتساوي والمتوازن) ل30.000 قطعة أرض موجهة للبناء الذاتي عبر كامل بلديات الولاية. وقد كلفت الحكومة وزارة التضامن الوطني بدراسة مختلف المساعدات الواجب تقديمها لضحايا الأحداث الأخيرة التي شهدتها ولاية غرداية لاسيما أؤلئك الذين تضررت مساكنهم. وبهذه المناسبة دعا الوزير الأول ممثلي الولاية إلى (التوجه نحو المستقبل و طيّ صفحات الماضي) داعيا القوى الحية إلى (العمل على استتباب الأمن والسكينة) عبر مختلف بلديات غرداية. وانعقد هذا الاجتماع غداة نداء رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة الذي أكد خلال اجتماع مجلس الوزراء الأخير ضرورة ترجيح قيم التسامح والوئام والحوار بغرداية من أجل وضع حد للأحداث التي عرفتها هذه الولاية. وأوعز رئيس الجمهورية للحكومة أن "تواصل المسعى الجاري من أجل إيجاد ما يتطلع إليه مواطنو هذه الولاية من حلول مواتية قصد إعادة الدعة والسكينة بما يصون انسجام تنميتها إقتصاديا وإجتماعيا وثقافيا). وكان أعيان ولاية غرداية قد رحبوا بدعوة رئيس الجمهورية إلى ترجيح قيم التسامح والحوار بالولاية، ونبذ الفتنة والفرقة، لاستعادة السكينة لأهالي المنطقة، وقد تزامنت دعوة رئيس الجمهورية مع عودة الهدوء تدريجيا بعد أيام عصيبة جدا، كما نزلت هذه الدعوات بردا وسلاما على السكان منهم الأعيان الذين ثمّنوا مثل هذه المساعي التي ستعزز من مظاهر السكينة والانسجام والتسامح.