أضحى تبذير الخبز آفة شائعة في مجتمعنا فأينما ولينا نظرنا إلا وقابلنا منظر تلك الأكوام المنتشرة هنا وهناك، وصار البعض يرمي تلك النعمة التي أنعمها الله على عباده مع النفايات وصارت أكوام الخبز اليابس تقتسم المكان معها بالمفارغ العمومية وصار ذلك من المظاهر التي تتكرر على مستوى اغلب التجمعات السكانية بالمقاطعات الشعبية ويقدم البعض عليها دون أدنى مسؤولية أو ضمير فلا يكفيهم تبذير تلك المادة التي نهانا عنه دينُنا الحنيف بل يقومون بوضعها وسط النفايات دون اكتراث مما لا يتوافق مع طبيعة تلك النعمة. طالما تحدثنا كثيرا عن الإسراف والتبذير الذي يطال المادة الاستهلاكية الأولى في الجزائر ألا وهي الخبز الذي يعد المصدر الاستهلاكي الأول لجل الأسر الجزائرية وعلى الرغم من الأهمية التي يحظى بها كمصدر للغذاء إلا أن التصرفات والظواهر السلبية التي طالته من كل ناحية تدعو إلى الأسف والحيرة لاسيما وان ذلك لا يتوافق مع طبيعة ديانتنا الإسلامية التي تحث على الاستهلاك بالقدر الكافي دون تبذير أو إسراف، أو شح وتقشف فالاتزان والترشيد شيئان ضروريان في كل شيء سواء في الاستهلاك أو تسيير كافة أمور الحياة الأخرى فوجب أن تؤخذ الأمور بمبدأ الوسطية دون مغالاة لتحقيق التوازن والاكتفاء. إلا أن اغلب العائلات الجزائرية لا تتمتع بضبط استهلاكها وتميزها العشوائية في كل شيء ولا نقول فقط الخبز بل جل المأكولات والأطباق مستها الآفة، وكان في الكثير من الأحيان مآلها الأخير سلة النفايات وشكلت فرصة ثمينة للحيوانات الضالة التي لا تعرف الجوع أبدا بالمقاطعات الشعبية بدليل السمنة التي تميز القطط وغيرها من الحيوانات الضالة التي أصابتها التخمة على مستوى المقاطعات الشعبية بعد أن وصلت إلى حد الشبع بل تعدَّته. ويصطف الخبز اليابس بمحاذاة النفايات ذلك المظهر المؤسف الذي بات يلاحقنا أينما حلينا بما لا يتوافق مع طباعنا وسلوكاتنا كوننا نكرم ونقدر تلك النعمة التي أنعمنا الله بها منذ أمد بعيد، ذلك ما ورثناه عن سلفنا الصالح إلا انه يبدو أن الأفكار الراسخة والمبادئ المرتكزة بات يهددها خطر الزوال بسبب الجهل الذي أصاب الجميع بل ليس الجهل بل التعمد كون أن الأمي الجاهل يدرك أن طبيعة تلك المادة تلزمنا إبعادها عن كل ما يسيء إليها فهي مصدر معيشة الكل، وكثيرا ما تصادف بها البعض وهي ملقاة على الأرض فلا يتأخرون عن حملها، وعادة ما يسلّمون عليها تقديرا لتلك النعمة، وحاليا وعلى الرغم من تمسك البعض بتلك العادة الحميدة إلا أننا نواجه مواقف مناقضة لها بدليل تبعثر تلك الأكوام من الخبز بمحاذاة النفايات عبر العديد من الأحياء الشعبية ولحسن الحظ ليس هو حال كل الناس بل هناك العديد ممن يقدرون تلك النعمة ويتفادون تبذيرها وان حدث وان كانت النتيجة كذلك، فهم لا يتأخرون عن وضعها بمواضع لائقة على غرار بعض مداخل العمارات بعيدا عن النفايات التي تمس بالقيمة الغذائية لتلك المادة التي هي أساس معيشة الفقير ولا نسجل غيابها حتى على موائد الأغنياء لذلك وجب الابتعاد عن تلك السلوكات الدخيلة على مجتمعنا.