تلقت مديرية التعمير والهندسة المعمارية والبناء لولاية عنابة المشرفة على مشروع "المسجد الكبير" صدمة قوية نظرا لعدم تلقيها أي عرض من المقاولين والشركات من أجل التكفل بإنجاز هذا المشروع الحلم. فبعد أن أطلقت مديرية البناء والتعمير مناقصة وطنية بتاريخ السابع من شهر أفريل لطلب عروض مفتوحة مع اشتراط قدرات دنيا والمتعلقة بإنجاز الأشغال الكبرى للمسجد الكبير التي تم تقسيمها على خمسة حصص، الأولى خاصة بالمكتبة، الثانية عمارة التعليم، الثالثة المنارة، الرابعة قاعة الصلاة والخامسة قاعة المحاضرات، لم تتلق المديرية سوى عرض واحد خاص بإنجاز قاعة الصلاة، غير أن هذا العرض لم يكن مؤهلا تقنيا، وهو ما شكل صدمة للمديرية التي استغنت تماشيا مع تعليمات السلطات الخاصة بإتباع سياسة التقشف والاعتماد على القدرات المحلية في المشاريع توفيرا للعملة الصعبة، عن فكرة إطلاق مناقصة دولية على غرار تلك الخاصة بإنجاز المسجد الأعظم في الجزائر العاصمة، غير أن المقاولات والشركات الجزائرية أكدت بعزوفها عن التقدم بعروض للمساهمة في إنجاز المسجد الكبير أنها لا تسير في نفس اتجاه الحكومة التي تؤكد صحة قرارها بالتوجه إلى الصينيين من أجل إنجاز المشاريع الكبيرة في الجزائر، لأن المقاول المحلي يفضل بناء عمارة أو عمارتين لأن هامش التلاعب في البناء والربح المادي فيهما أكبر، على بناء مسجد أطلق مشروعه ليكون من بين الصروح الدينية في الجزائر، وهذا الأمر سيعطل المشروع الذي أعلن عنه قبل قرابة العشر سنوات أكثر، لأن إطلاق مناقصة جديدة سيتطلب عدة أسابيع إن لم يكن أشهر. الخيار الوحيد هو إطلاق مناقصة دولية وقد عمدت مديرية البناء والتعمير بالتشاور مع السلطات المحلية على تقسيم المشروع إلى خمسة حصص حتى يتم الإسراع في عملية الإنجاز، كما أن الجزائر لا تتوفر على شركات ومقاولين قادرين على التكفل لوحدة بمشروع من هذا الحجم، وهو الأمر الذي تأكد بعدم وجود أي عرض للتكفل بإحدى حصص المشروع، وأمام هذا الوضع فإن السلطات المحلية ستجد نفسها مجبرة على إطلاق مناقصة دولية والخروج عن سياسة الحكومة التي تهدف لترشيد النفقات، حيث ستكون الشركات الدولية قادرة على إخراج هذا المشروع إلى النور كما حدث مع مسجد العاصمة، خصوصا وأن والي عنابة عقد يوم 20 سبتمبر 2015 اجتماعا ضم كلا من الأمين العام للولاية، رئيس المجلس الشعبي الولائي، رئيسي دائرة وبلدية البوني، مدير التعمير والبناء والهندسة المعمارية، مدير الشؤون الدينية، رئيس اللجنة الدينية للمسجد الكبير، المديرين التقنيين المعنيين بالمشروع ومكتب الدراسات وتم خلالها إزالة جميع العقبات من طريق المشروع ليمكن إنهاء دراساته التي أعطت الهيئة الوطنية للرقابة التقنية للبناء “سي تي سي” مطلع العام الجاري موافقتها عليها، وما تجدر الإشارة إليه أن السلطات المحلية ضخت قرابة 200 مليار سنتيم في المشروع وذلك من أصل 230 مليارا التي تعتبر القيمة الإجمالية لإنجاز “المسجد الكبير” الذي أعيدت قبل سنوات الدراسات الأولية الخاصة به، حيث تم تغيير مكانه من أعلى هضبة “بوخضرة” إلى جوار القطب الجامعي ببلدية البوني، كما تم تقليص سعته من 16 آلاف مصلي إلى 10 آلاف بالإضافة إلى تقليص المساحة المغطاة من 42 ألف متر مربع إلى 20 ألف متر مربع، وهذه التغييرات ساهمت في تقلص تكلفة الانجاز التي كانت تقدر ب 380 مليار سنتيم، وما تجدر الإشارة إليه أيضا يشار أن هذا المشروع الضخم يتضمن حسب ما جاء في بطاقته التقنية العديد من المرافق على غرار المنارة التي يصل ارتفاعها إلى 100 متر، مدرسة قرآنية، دار الفتوى، قاعة للمحاضرات، موقف سيارات، نافورات بالإضافة إلى توفره على مداخل من الجهات الأربع جنوب، شمال، شرق وغرب، كما تفكر “اللجنة الدينية” في تشييد جسر للراجلين يربط بينه وبين القطب الجامعي الجديد المحاذي له.