من خلال مقدِّمة وخمسة فصول، تتناول الكاتبة والروائية البريطانية مارينا وورنر في كتابها «السحر الأغرب وألف ليلة وليلة» موضوعاً يجمع بين الثقافتين العربية والغربية من حيث الأثر الذي تركته ترجمة كتاب (ألف ليلة وليلة) إلى اللغات الأخرى في الثقافة الغربية، الذي حاز على مكانة رفيعة في الغرب عندما كتب الكثير من الباحثين الغربيين عنه، خصوصاً بعد ترجمة المستشرق الفرنسي أنطوان غالان لأجزاء منه في بدايات القرن الثامن عشر، ومن ثم الترجمة الألمانية في الربع الأول من القرن التاسع عشر تتناول المؤلفة في كتابها هذا الصادر عن دار نشر شاتو 2011 ودار نشر فينتج 2012 بالمملكة المتحدة، عناصر الغرابة في حكايات (ألف ليلة وليلة)، سواء تلك التي تتجلى في الشخصيات أو المخلوقات الغريبة الأخرى أو الأمكنة المتخيلة التي تناولتها تلك الحكايات، وهو ما لم يتناوله الباحثون الغربيون كثيرا. ولذلك استخدمت الكاتبة الكثير من المصادر والمراجع ليس فقط في الثقافة العربية والإسلامية إنما في الثقافات الأخرى التي ظهرت فيها الحكايات الشعبية والفلكلورية المشابهة لحكايات (ألف ليلة وليلة)، فعززت في كتابها التحليل المقارن وهي تجمع بين التحليل السردي والتاريخي ما أكسب كتابها قيمة معرفية في مجال الدراسات النقدية والجمالية.ويبدو هذا الكتاب الذي يقع في 436 صفحة من القطع الكبير وكأنه تشريح منهجي ومعرفي لكتاب (ألف ليلة وليلة)، فيما تلفت مارينا ووارنر إلى أن ألف ليلة وليلة هي حكايات داخل الحكايات، وحكايات عن الحكايات بما يتجاوز التسلية البسيطة أو السطحية، ومن ثم فالليالي بحاجة لقراءة واعية. ومن أول وهلة يلاحظ القارئ مدى الإتقان فيه حيث عمدت المؤلفة إلى الشرح المضيء مع المعلومات الغزيرة والهوامش التي تخدم المتن، دون أن تشوش عليه، فضلاً عن تنوع المصادر وتعدد المراجع التي استعانت بها في حديثها عن السحر الغريب لألف ليلة وليلة.ومع أن الروايات الشفاهية عن (ألف ليلة وليلة) تسربت رويداً رويداً إلى أوروبا خلال حقب طويلة ومنذ زمن بعيد وتجلت مؤثراتها في أعمال عمالقة الفلسفة والفن والأدب الأوروبي مثل دانتي وشكسبير، إلا أنها باتت جزءا من التيار الرئيس للثقافة الأدبية والشعبية الأوروبية في القرن الثامن عشر بفضل ترجمتها للفرنسية.وهكذا عرف الأوروبيون علاء الدين ومصباحه السحري، و(علي بابا وال 40 حرامي)، وراحوا يتناقلون حكايات ألف ليلة وليلة بانبهار وشغف.