انتقد بمناسبة خمسينية الاستقلال الوطني سوء تسيير شؤون كرة القدم في عدة مراحل،وعاد بنا إلى أمجاد فريق حزب جبهة التحرير الوطني، مسجلا الفترات الذهبية التي عاشها الفريق الوطني من الثمانينات إلى التسعينيات، أين فاز بكأس إفريقيا سنة 1990 لمرة واحدة ووحيدة، مرجعا ذلك إلى حنكة المدرب الشيخ عبد الحميد كرمالي، الذي كان خريج الأفلان، ووصف شعور رفاقه عام 1962 بنعمة الحرية بالقول إننا لم نصدق أننا نلنا استقلالنا. ما تقييمكم لمسيرة الفريق الوطني لكرة القدم طيلة 50 سنة من الاستقلال؟ كانت فترة مشاركتي مع فريق الأفلان أثناء الثورة التحريرية خاصة، لم نكن نفكر إلا في الجزائر والاستقلال، الفريق الوطني لكرة القدم أخذ على عاتقه في هذه الفترة التعريف بالقضية الجزائرية، ورأى أن الحرب في الجزائر لم تكن معروفة داخل فرنسا وأروبا، وما كان على اللاعبين إلا تكوين فريق جاب عدة دول حاملين ألوان العلم الوطني، هذه الحادثة زعزعت العالم الرياضي والسياسي على حد سواء، لقد كان مثل فريقنا بلاده أحسن تمثيل بعد النتائج الايجابية التي حققها، أريد أن أقول أن الفريق الفلسطيني حاول أن يسلك طريقنا لكن النتائج الهزيلة المتحصل عليها كانت تحول دون ذلك. عملية تكون الفريق كانت في سرية تامة، حتى المسؤولين في تونس لم يكونا يعلمون بها، رسالتنا كانت شريفة من الأول إلى الأخير وكنا دائما في المستوى، الشعب الفرنسي في 1958، لم يكن يعلم أن هناك حرب في الجزائر، السلطات الفرنسية كانت تمارس مقص الرقابة. الفترة الأولى منذ الاستقلال إلى السبعينات، اللاعبون كانوا يعيشون ظروف خاصة وبإمكانيات قليلة. قمنا بعمل مهم حيث خضنا عملية إصلاح شاملة ودخلنا مرحلة الاحتراف، هناك أشخاص ليس لديهم أفكار للتسيير، مادام عندنا المال لماذا لا نذهب للإصلاح. هل ترى أن المأساة الوطنية أثرت على نتائج الفريق الوطني؟ لا يظهر لي أن المأساة الوطنية أثرت في نتائج الفريق الوطني لكرة القدم، حالة الفريق لم تكن على ما يرام، قبل ما نفكر في الفريق يجب أن نفكر في كرة القدم، وفي كيفية التسيير ولهذا السبب كنت أجدد دعوتي في كل الندوات الصحفية التي أنشطها إلى مقابلة رئيس الجمهورية لشرح ما يحدث في مجال كرة القدم، علينا مباشرة عمل قاعدي. سعدان مدرب كبير وبررفيسور وبابن عائلة ينتمي إلينا لكنه يفتقد لصفة القيادة وغير صارم، كيف عاش الفريق أجواء الاستقلال سنة 1962؟
لم نصدق أننا نلنا استقلالنا، كنا نتسائل هل فرنسا خرجت بالفعل من بلادنا، عندما التقيت بن بلة رحمه الله في تونس بعد الاستقلال، استأذنته وسألته هل أستطيع مواصلة اللعب في البطولة الفرنسية، فقال لي بالطبع وأعطاني جواز السفر، في 1962 لم أذهب إلى سانت ايتيان مباشرة ذهبت لسويسرا أولا، ولعبت أول مقابلة مع سانت ايتيان الفرنسي أمام 20 ألف متفرج أين كان ينشط في الدرجة الثانية، كنت متخوف من رد فعل الجمهور الفرنسي خاصة بعد انضمامي إلى حزب جبهة التحرير الوطني وفي البداية ساد الملعب صمت رهيب لكن وبمجرد لمسي الكرة وقيامي بفنيات تجاوب مع الجمهور كثيرا تلاشى خوفي.
ما هو الفرق بين رسالة الفريق الوطني إبان الثورة وبعد الاستقلال؟
ظروف الفريق الوطني لكرة القدم كانت تختلف بين الثورة والاستقلال، فبعد نيل الحرية ألوم المسؤولين والمسيرين عل شؤون كرة القدم، لم يسيّروها بطريقة علمية، أنا شخصيا لعبت لمدة خمس سنوات في فرنسا بعد الاستقلال، وكنت أعود لألعب مع الفريق الوطني. بعد الاستقلال ، المسؤولين لم يكرموا اللاعبين وكانوا يتقاضون 600 دج شهريا فقط، وكثير منهم عاشوا أوضاعا صعبة و»ميزيرية«، أقسمت عندما أتولى شؤون الكرة أن أقضي على الممارسات السلبية التي كانت داخل الفريق الوطني وأعمل على وحدة اللاعبين، ومؤخرا في ولاية غليزان عندما أنشأنا هذه الأيام مدرسة لكرة القدم بكيت عندما رأيت فرحة الأطفال، فقد كان بينهم تعارف، ولحد الساعة ، العملية مست 25 ولاية، ويشرف عليها مدربين عينتهم وزارة الشباب والرياضة، الهدف من إنشاء هذه المدارس، تدريسهم تقنيات كرة القدم، تهذيب الأطفال والنظافة، علينا تلقينهم القيم السامية للرياضة. اللاعب عندما يكون احترافيا يعرف ما هي حقوقه وواجباته، أهم شيء بعد الاستقلال الوطني كان هناك لاعبين كبار أمثال سريدي ولالماس، لكن لم يكونا بإمكانهم إعطاء أكثر. بعد السبعينات، قلت مستحيل أن نكمل هكذا، في الجيش كنا نحرص على أن يكون اللاعبين إلا من يؤدوا الخدمة الوطنية فقط وعدم السماح للمدنيين بالانضمام. قمنا بعملية إصلاح بين 1976 و1977 قبل احتضان الألعاب المتوسطية خسر الفريق الوطني في تونس، وحضّرنا الفريق وتفاجئوا بالتشكيلة حيث جلهم لم يكون معروفين وغرم هذا فقد ربحنا الميدالية الذهبية ضد فرنسا، ولهذا أقول الإرادة هي الصح، هنا لابد من الإشادة باللاعب المتميز عيسى دراوي رحمه الله هو لاعب كل الأوقات، كان يفهم اللعب قبل كل اللاعبين. رغم النتيجة الايجابية لم يكرموا اللاعبين واكتفوا بمنحهم 5 آلاف دينار جزائري، بعدها احتضنت الجزائر الألعاب الإفريقية، وتأهلنا إلى كأس العالم صنف أواسط، بطوكيو،ونظرا للمشاكل التي عرفها الفريق آنذاك اضطررنا إلى أن نقدم استقالتنا، علما أننا تركتا إرثا، حيث قمنا بتكوين 40 لاعبا،وشيئا فشيئا فزنا بكأس إفريقيا للأمم لكم بعد ذلك بحثوا عن خليفة رابح ماجر ولخضر بلومي لم يجدوهم، أشهد أن لاعبي هذه الفترة كانوا متأدبين وكانوا يعتبروننا آبائنا لهم، الفريق من الثمانينات إلى التسعينيات كان في المستوى، الفريق الوطني لا يجدد بالكامل، نستعين ببعض اللاعبين الجدد لإعطاء نفس جديد. سر فوز الفريق بكأس إفريقيا سنة 1990 هو أن مدربه الشيخ عبد الحميد كرمالي كان خريج فريق حزب جبهة التحرير الوطني، يجب أن تكون مجموعة من المدربين يتميزون بالكفاءة إلى جانب تعيين الرجال المناسبين في الأماكن المناسبة.
هل ترون أن اللاعبين القدماء وفوا حقوقهم؟
أنا غير راض، هناك من يعيش أوضاعا مزرية وعلى الدولة الالتفات إليهم ومساعدتهم عرفانا بمجهوداتهم المبذولة سابقا، كما أقول أنا خائف على الجزائر من ازدياد عدد البطالين خاصة وأن كثير من اللاعبين لا يشتغلون، فعلى وزارة الشباب والرياضة إدماج هؤلاء في مؤسسات وطنية لحمايتهم مستقبلا. كيف ترون حظوظ الفريق الوطني مع حاليلوزيتش؟
حاليلوزيتش ليس له أي واحد يؤثر عليه، اليوغسلاف مختصين و معروفين في مجال كرة القدم.، وحيد حليلوزيتش لدي انطباع أنه يحب الجزائر، الفترة قصيرة للتحضير، وهو قادر على تأهيل الفريق إلى كأس إفريقيا والعالم
هل تفضلون المدرب المحلي أو الأجنبي؟
أنا مع المدرب المحلي، هناك نوعين من المدربين الأجانب، أجنبي يأتي لك بالإضافة وأجنبي انتهازي، علينا حماية المدرب المحلي ومنحه السلطة كاملة في ممارسة صلاحياته.
رسالتكم للأجيال القادمة؟ تحيا الثورة، أحبوا بلادكم مثلما أحبها ودافع عنها الشهداء والمجاهدون، ودعوا عنكم الدعايات التي تثبط عزيمتكم وعليكم بتطوير الجزائر كل في مكانه. أي واحد يتجول في ربوع الجزائر يقف عند حجم الانجازات التي شيدت في خمسين سنة من الاستقلال ولكن مازال عملا كبيرا ينتظركم.
بورتري رشيد مخلوفي من مواليد 12 أوت 1936 بسطيف، لاعب كرة قدم جزائري سابق، أول من حمل الرقم 10 في منتخب الجزائر الذي كان يدعى آنذاك في حقبة الاحتلال الفرنسي بفريق جبهة التحرير الوطني ويعتبر أحد أفضل اللاعبين الذين أنجبتهم كرة القدم الجزائرية، لعب لعدة فرق خلال مشواره، بداية مع اتحاد سطيف في الخمسينات مظهرا إمكانيات ومواهب عديدة ليحترف بنادي سانت إتيان أحد أعمدة الكرة الفرنسية، وكان مخلوفي جوهرة الفريق حتى لفت أنظار المدرب بول نيكولا لمنتخب فرنسا الذي استدعاه باعتباره أحد أبرز الهدافين وصانعي الألعاب في القارة العجوز كما وصفته الصحافة الفرنسية في ذلك الوقت حيث ما زال رشيد مخلوفي يملك الرقم القياسي في عدد الأهداف مع نادي سانت إتيان برصيد 111 هدفا في كل المنافسات. ليلة واحدة قبل أن يضبط المدرب الفرنسي القائمة المسافرة لخوض مونديال 1958 بالسويد وتحديدا يوم 8 أفريل، اتصلت جبهة التحرير الوطني بمجموعة من اللاعبين الجزائريين ينشطون في البطولة الفرنسية ومن أبرزهم مدافع نادي موناكو مصطفى زيتوني والشاب الموهوب رشيد مخلوفي اللذان كانا من دعائم منتخب فرنسا في ذلك الوقت وتوجهت المجموعة المكونة من 9 لاعبين إلى تونس في سرية تامة ليتم الإعلان عن إنشاء فريق جبهة التحرير الوطني يوم 15 أفريل 1958 ليمثل القضية الجزائرية ويروج لها في الخارج بإجراء مقابلات ودية في مختلف أرجاء العالم. في سنة 1962 بعد استقلال الجزائر، تجنب مخلوفي العودة لفرنسا خوفا من غضب الجماهير فتوجه إلى سويسرا لينضم لنادي سيرفيت جنيف ليتوج ببطولة سويسرا سنة 1962، فكانت عودته إلى فرنسا ولنادي سانت إتيان ناجحة لأبعد الحدود حيث حقق في 6 مواسم 3 بطولات وكأس واحدة وفي سنة 1970 أنهى مشواره الكروي مع نادي باستيا الفرنسي الذي لعب معه موسمين كمدرب ولاعب في آن واحد. ثم عاد للجزائر ليفيد الكرة الجزائرية بخبرته الطويلة حيث توج مع الجزائر بميداليتين ذهبيتين واحدة سنة 1975 في ألعاب البحر المتوسط بالجزائر العاصمة وأخرى كمدرب سنة 1978 في الألعاب الإفريقية بالجزائر العاصمة أيضا وكان أخيرا رفقة خالف محي الدين في تدريب الفريق الجزائري الذي شارك في كأس العالم 1982 بإسبانيا.