شهدت احتفالات السنة الميلادية في العاصمة الجزائر تراجعا ملحوظا هذه السنة ، حيث أجل أغلب الجزائريين إحياء السنة الجديدة 2013 إلى تاريخ 12 جانفي أو ما يعرف بعام العرب لدى العامة أو يناير ، مخالفة منهم للأمم الأخرى وعدم الوقوع في فخ التقليد الأعمى لحضارات لا تمت إلينا بصلة. ● مرت احتفالات» نويل« هذا العام وكأنها لاحدث، ذلك لأن أغلب الجزائريين أبوا إلا أن يسترجعوا شخصيتهم وتراثهم الاحتفالي القديم الذي توارثوه عن الأجداد من خلال زالترازس التقليدي الذي عوض الشوكولاطة المغشوشة ومنتهية الصلاحية التي كانت تلفظها أسواق آسيا لتغرق بها أسواقنا في كل عام جديد. المتجول عبر أسواق العاصمة لا يلحظ أي تغيير في ديكورها يشير إلى المناسبة، حتى محلات الحلويات تخلت عن صنع حلويات زلابوشز التي كانت في سنوات خلت تصنع الحدث بأشكال وأحجام مختلفة، اقتربنا من أحد أكبر هذه المحلات في حي الأبيار الذي تخلى هذا العام عن حلة زنويلس وسألناه عن هذه الحلوى التي ترمز إلى الصليب، فضحك صاحب المحل مؤكدا أن محلاته لم تصنع أي قالب زبوشز هذا العام استجابة لرغبات المواطنين الذين قاطعوا هذه الحلوى منذ سنوات حسبه، وأضاف:س لقد اضطررنا منذ ثلاث سنوات خلت للتصدق بقوالبس لابوشز للعمال في المحلات بعد أم عزف عنها الزبائن، بل أغلبهم ذهب إلى أكثر من ذلك وعزف عن ارتياد المحل لمجرد أننا عرضنا هذه الأصناف من الحلوياتز وتذكر صاحب أكبر محلات حلويات في هذا الحي كيف كانت تطير هذه القوالب في سنوات خلت، لكن عقلية الناس على ما يبدو تغيرت ''نحن كتجار لا نتدخل في قناعات الزبائن وهدفنا تجاري بحت''. غير بعيد عن المحل، طرقنا باب السوق لنلاحظ أن عملية بيع الشوكولاكة لم تزد عن بائع واحد هو نفسه على مدار العام يعني أنه غير مرتبط بالمناسبة، وحينما سألناه عن مدى إقبال المواطنين عليه ليلة رأس السنة، أكد أن لا شيء تغير. على خلاف أحياء العاصمة، اكتسى حي زسيدي يحيس بحيدرة حلة أعياد الميلاد منذ مدة قبل حلوله، إذ تزينت أغلب محلاته يشجرة الصنوبر المزينة بالهدايا والأجراس والملونة بمختلف الأضواء الاصطناعية، ولم تنس أن تنصب زالبابا نويلس على أبواب المحلات والمطاعم الفخمة والمتخصصة في إحياء هذا النوع من الاحتفالات السنوية، لصالح زبائن معينين يقومون مسبقا بحجز طاولاتهم للعشاء والسهر وإحياء ليلة الميلاد، بعضهم من الأجانب المقيمين بصفة مؤقتة بالجزائر بحكم ظروف عملهم. والغريب في هذا الحي الذي كثر عنه الحديث في الفترة الأخيرة بأنه يستقطب البورجوازية الجديدة أنه حتى المحلات التي لا تقدم شيئا بالمناسبة على غرار بائع النباتات الطبيعية الذي زين محله بشجرة الميلاد وبابا نويل فقط كمظهر للمشاركة، أو ربما هو تعبير عن قناعة شخصية لديه بأهمية هذا اليوم. فيما يختار البعض الفنادق التي تقدم وجبات العشاء والسهرات الراقصة التي يختارونها حسب البرنامج الذي تعرضه والمطرب المفضل الذي يحيي السهرة الغنائية وأيضا حسب الأسعار المعروضة، وإن كان الأمر لايهم كثيرا فأغلب الذين يلجاؤن للفنادق ليلة رأس السنة من رجال المال والأعمال. أكدت مصادر من وكالات السفر أن آلاف الجزائريين من الذين تعودا على إحياء هذه الليلة في الخارج كثقافة حياتية، اختاروا إحياء رأس السنة الميلادية هذا العام بتركيا، التي بدأت تستقطب السياح الجزائريين أكثر فأكثر يقول البعض أنها بسبب السينما التركية التي طغت على الدراما العربية خلال السنوات الأخيرة وكانت عامل جذب للسياح إلى تركيا من مختلف البلاد العربية، فيما تراجعت نسبة الحجوزات إلى الجارة تونس بسبب الأحداث المعروفة، وتزايد الإقبال على المغرب، بحيث تشير وكالات السفر أن إقبال الجزائريين كان معتبرا وأن 70 بالمائة من الحجوزات كانت لمدينة مراكش بالمغرب. فرنسا هي الأخرى تعودت على استقبال آلاف الجزائريين في مثل هذه المناسبة وإن كان أغلبهم يسعون إليها في هذا الوقت بالذات بسبب زالصولدس التي تعلنه المحلات والذي يسيل لعاب الجزائريين كالعادة.في حين يختار السياح الفرنسيين الباحثين عن سحر الطبيعة ودفئها في ليلة رأس السنة صحراءنا الشاسعة والساحرة، إذ تستقبل مدينة تيميمون وتمنراست آلاف الوافدين الفرنسيين كل عام من الذين يسعدون ببرنامجها التراثي ويفضلون هدوءها على صخب باريس الذي يبحث عنه سياح الجزائر.