كانت الأيام القليلة السابقة، حافلة بالأحداث الدولية التي أصبحت مرهونة بمصير عالمي مشترك للحد من جرائم الإرهاب الأيديولوجي المسلح في دول العالم. وما حدث عن العملية التي أسفرت على تحرير الرهائن الذي احتجزتهم مجموعة مسلحة مرتبطة بتنظيم القاعدة في المغرب العربي بموقع لإنتاج الغاز في عين أميناس، إلا دليلا على هذا المصير المرهون بالعلاقات الدولية، وكذلك الرهائن المتمثلين في الأفراد التي تعمل داخل دول أخرى، ترتبط جنسياتها بدولها التي تشارك في الحرب على الإرهاب. هذه العملية التي وقعت في في جنوب شرق الجزائر، والتي نتج عنها مقتل رهائن أجانب من جنسيات مختلفة، أوروبية، أسياوية، بالإضافة إلى الجزائرية،Åكما قتل إرهابيون خلال العملية، من بينهم زعيم المجموعة أبو البراء، وأضافت بعض المصادر أن الجيش فكك عبوات وأحزمة ناسفة كانت معدة لتفجير الموقع. وبدوره أعلن وزير الداخلية الجزائري دحو ولد قابلية أن خاطفي الرهائن المحتجزين قدموا من ليبيا، وقال: أن كل المعطيات والحقائق كشفت أن المجموعة الإرهابية التي هاجمت القاعدة البترولية جاءت من ليبيا، وإن العملية تمت بتخطيط وإشراف الإرهابي مختار بلمختار على الأراضي الليبية. من جهة أخرى، تواجه فرنسا والدول المتحالفة معها مهمة وقف زحف المقاتلين الإسلاميين، الذين ينتمون لتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، وحركة التوحيد والجهاد في غرب إفريقيا، وحركة أنصار الدين. وقد هددت هذه الجماعات بضرب المصالح الفرنسية في كل مكان في العالم، ردا على الغارات الجوية الفرنسية. يقول بعض المحللون العرب في الشرق الأوسط، أن النفط سبب كل التدخلات العسكرية الغربية في البلدان الإسلامية، ومالي هي بلد فقير نفطيا، إلا أنها تجاور حقول النفط والغاز الكبيرة في إفريقيا، كالجزائر وليبيا ونيجيريا وغيرهم، مع امتلاك مالي كميات كبيرة من اليورانيوم والمعادن الثمينة الأخرى، وما العملية العسكرية في عين أميناس إلا مثالا على ذلك. ويضيف آخرون، أن التبرير الذي قدمته فرنسا لتدخلها العسكري في مالي هو في الواقع إدانة لفرنسا والمجتمع الدولي لفشلهم في دعم الثوار في سوريا، فالرئيس السوري الأسد يمثل خطرا ليس على السوريين فحسب، بل على الأمن في الشرق الأوسط، الذي يهدد بدوره الأمن في فرنسا والغرب. يرى بعض المراقبين أن المحادثات الهاتفية التي أجرها الرئيس الأميركي باراك أوباما ورئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون بخصوص أزمة الرهائن في الجزائر والعملية العسكرية في مالي، أصبح يمثل تهديد حقيقي على العالم، ومما زاد ترسيخ هذا التهديد المربوط بالمصير المرهون هو ردود فعل بعض القوى العالمية في هذا الصدد، حيث أكد مسؤول أميركي أن الولاياتالمتحدة لم يتم إعلامها مسبقا بعزم السلطات الجزائرية شن عملية لمحاولة تحرير رهائن محتجزين لدى مجموعة مرتبطة بالقاعدة، وأضاف أن المسؤولين الأميركيين شجعوا بقوة السلطات الجزائرية على وضع سلامة الرهائن كأولوية، موضحا قلق البيت الأبيض إزاء خطف الرهائن، معلنا أنه يحاول الحصول على إيضاحات من الحكومة الجزائرية. وكأن الجيش الجزائري عندما يعزم القيام بعملية عسكرية عليه أن يأخذ رأي الكونغرس أو البنتاغون الأمريكي أولاً. فهل وصل الأمر إلى هذا الحد من التأزم، بحيث أصبح المصير الدولي في مكافحة الإرهاب مرهون بعدم اتخاذ أية قرارات حاسمة حتى تستشار الدول العظمى كفرنسا وبريطانيا وأمريكا للتدخل في شؤون دول أخرى..!؟